29-03-2025 02:36 PM
بقلم : عمر ضمرة
وقف أحد المواطنين، أمام باب البنك الشهير، يتأمل اللافتة الكبيرة التي تعد بقروض ميسرة، وفوائد مغرية، وسرعة في الإجراءات. بدا له الأمر فرصة ذهبية لتحقيق حلمه بامتلاك منزل، فخطا بثقة نحو الداخل، متجاهلًا همسات القلق التي راودته للحظة.
بابتسامة مطمئنة، استقبله موظف القروض، وأخذ يسرد له تفاصيل تبدو مغرية: "الفائدة منخفضة، الإجراءات بسيطة، ولا يوجد أي تعقيدات تذكر". تزايدت حماسة المواطن، لكنه لم يكن يعلم أن ما يسمعه ليس سوى نصف الحقيقة، وأن النصف الآخر سيأتي لاحقًا كصاعقة تهز أحلامه من جذورها!
بدأت رحلة الأوراق والمستندات: كشف راتب حديث، مخطط أرض، مخطط تنظيمي، رسم هندسي، براءة ذمة من البنك السابق، وكتاب لتحويل الراتب وغيرها من المتطلبات التي وافق عليها دون تردد، متوقعًا أن يكون هذا هو الحد الأقصى لما سيطلب منه. لكن المفاجآت لم تتأخر في الحضور!
بعد أيام، عاد إلى البنك حاملاً الأوراق المطلوبة، ليفاجأ بأن الموظف يطالبه الآن بكشف حساب راتب من البنك السابق لآخر ستة أشهر! احتج "المغلوب على أمره"، قائلاً: "لم يخبرني أحد بذلك مسبقًا!"، لكن الموظف أصر على أن هذا الطلب كان واضحًا منذ البداية. تساءل المواطن بدهشة: "لو كان ذلك صحيحًا، لماذا لم يطلب مني حينما أحضرت براءة الذمة؟"، والتي تم تقبلها دون اخباره عن خطأ عدم احضار كشف حساب لمدة ستة أشهر من البنك السابق الذي لم يحضره! لأنه ببساطة لم يطلب منه!!. لم يجد الموظف إجابة واضحة، فقط إصرار على تنفيذ الطلب الجديد!
ومع كل خطوة جديدة، كان البنك يعيد رسم حدود القرض بشكل أكثر تعقيدًا. كشف راتب إضافي لآخر ثلاثة أشهر أخرى؟ مطلوب. تفاصيل أسعار الحديد والإسمنت والحجر والطوب؟ ضرورية. تم دفع مبالغ اضافية للمهندس المسؤول عن الرسم الهندسي لتلبية هذا الطلب"، رغم عدم اقتناع المواطن بهذا الطلب، طالما أن هناك مهندسًا من البنك لتخمين العقار سيزور موقع العقار، ولكن على نفقة "المواطن المغلوب على أمره"، رغم تأكيدات سابقة بأن البنك سيتحمل التكلفة وسيتم دفعها لطالب القرض لاحقًا..
وفي ذروة المتاهة البيروقراطية، اكتشف المواطن "المغلوب على أمره" أن حتى السداد المبكر للقرض، والذي من المفترض أن يكون ميزة للعميل، تحول إلى عقوبة، إذ أُبلغ بأن عليه دفع رسوم إضافية غير مذكورة مسبقًا!، والتي منها أجور التخمين للمهندس، ورسوم رهن العقار، والذي أخبره الموظف نفسه أن البنك أعفاه من هذه التكاليف. وكأن البنك يعاقبه لمجرد رغبته في إنهاء التزامه المالي مبكرًا.
لحظة الحقيقة جاءت متأخرة، حين أدرك "المغلوب على أمره" أن ما مر به ليس مجرد إهمال موظف، بل تكتيك مصرفي ممنهج. تقديم المعلومات بالتقطير، إخفاء التكاليف الجانبية، إرباك العميل بالمستندات المتغيرة، وإبقاؤه في دوامة من الطلبات، كلها استراتيجيات تجعل العميل يواصل التقدم حتى يجد نفسه عالقًا في شبكة لا فكاك منها.
وحين وصلت الأمور إلى هذا الحد، توقف المواطن، نظر إلى كل ما دفعه من وقت وجهد وأموال، وتأمل في المستقبل الغامض الذي ينتظره إن استمر في هذه الدوامة. إذا كان كل هذا التخبط قد حدث خلال أقل من شهر، وقبل التقيع على القرض، فكيف سيكون الوضع بعد توقيعه على القرض؟! كيف لعقله أن يستوعب كم المفاجآت التي قد تتوالى عليه خلال سنوات السداد؟
حينها، اتخذ قراره الحاسم: الانسحاب فورًا. لم يعد يرى في هذا القرض طوق نجاة، بل مصيدة محكمة الإغلاق، فحسم أمره، توكل على الله، وعول على عدالته في تعويضه عن كل ما خسره. خرج من البنك خالي اليدين، لكنه حمل معه درسًا لا ينسى: ليس كل وعود البنوك ذهبًا، وبعض القروض تكلفك أكثر مما تتخيل! بالرغم بأن هناك من البنوك التي يبدو التعامل معها سلسًا، دون تعقيد، ويحرصون على إخبار العميل بكافة التفاصيل ، ليكون على بينة من أمره، والتي تستحق هذه البنوك رفع القبعة لها على تعاملها الواضح والصريح.
ربما لم يفصح المواطن عن اسم البنك، لكنه قرع ناقوس التحذير عاليًا: "احذروا من الإغراءات المخفية وراء الوعود البراقة، وتأكدوا أن كل التفاصيل مكتوبة بوضوح قبل أن تخطو نحو "فخ القروض"!!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-03-2025 02:36 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |