بقلم : نضال انور المجالي
في أزقة المدينة القديمة، حيث تتشابك الحكايات وتتعانق الأسرار، كان "أبو العز" ينسج خيوط عنكبوت دقيقة، يتقن فيها فن التلاعب بالكلمات وتزييف الحقائق. كان يظهر في الاعتصامات كأنه بطل أسطوري، يرفع صوته المبحوح، ويهاجم كل من يخالفه الرأي.


كان أبو العز يملك موهبة فطرية في استغلال الظروف، يحول كل أزمة إلى فرصة، وكل محنة إلى سلم يصعد به نحو أهدافه. كان يتقن فن البكاء على الأطلال، ويردد كلمات الوطنية والشعارات الرنانة، لكن قلبه كان ينبض بمصالح شخصية بحتة.


كانت عيناه تتلألآن ببريق خبيث وهو يستفز رجال الأمن، يدفعهم إلى ارتكاب أخطاء، ثم يصور نفسه كضحية للنظام. كان السجن في نظره ليس سوى ميدالية شرف، وورقة رابحة في لعبة المصالح.


بعد خروجه من السجن، كان أبو العز يرتدي قناع الضحية، يطرق أبواب منظمات يسمونها. حقوق الإنسان، ويجمع الوثائق التي تثبت "اضطهاده". كان يعرف كيف يستغل عواطف الآخرين، ويصور نفسه كمناضل شجاع، وضحية لمؤامرة خبيثة.

كانت تلك الوثائق جواز سفره نحو أوروبا، نحو حياة رغيدة ينعم بها بعيدًا عن ضجيج الوطن. كان يملك شبكة علاقات واسعة، يستغلها لتحقيق أهدافه، ويبيع الأوهام للآخرين.

في إحدى السفارات، كان أبو العز يقدم أوراقه، وعيناه تلمعان ببريق النصر. لم يكن الوطن سوى قناع زائف، وكلماته الرنانة لم تكن سوى أداة لتحقيق حلمه بالسفر.

لكن أبو العز لم يكن يعلم أن خيوط العنكبوت التي ينسجها تكشفه أكثر مما تخفيه. ففي عصرنا الحالي، أصبحت الأقنعة تتساقط بسرعة، وتنكشف الحقائق أمام الجميع.

كانت وسائل التواصل الاجتماعي تكشف زيفه، وتفضح أفعاله المتناقضة. وكانت الجماهير أكثر وعيًا وقدرة على التمييز بين الصادق والمزيف.

في النهاية، وجد أبو العز نفسه وحيدًا، مكشوفًا أمام الجميع. لم يعد أحد يصدق كلماته، ولم يعد أحد يتعاطف مع قصصه. لقد فقد المصداقية، وهي العملة النادرة في هذا العصر.

زيف الأقنعة: مهما طال الزمن، فإن الأقنعة الزائفة ستسقط.

قوة الحقيقة: الحقيقة دائمًا تنتصر، ولا يمكن إخفاؤها إلى الأبد.

ثمن المصداقية: المصداقية هي أغلى ما يملكه الإنسان، ومن يفقدها يفقد كل شيء.

وعي الجماهير: لم تعد الجماهير ساذجة، بل أصبحت أكثر وعيًا وقدرة على التمييز بين الصادق والمزيف.

خيوط العنكبوت: الأفعال الخبيثة مهما كانت دقيقة، ستكشفها خيوط العنكبوت.

حفظ الله الاردن والهاشمين
المتقاعد العسكري نضال انور المجالي