06-04-2025 08:33 AM
بقلم : ا. د. أمين مشاقبة
بعد تشكيل الحكومة السورية الجديدة، وحصول الاعلان الدستوري فان الاوضاع لم تستقر أمنياً وما زالت البلاد تعاني من الاوضاع الاقتصادية والعقوبات المفروض عليها في العديد من المجالات.
وعليه فإن اعادة بناء الدولة تبدأ بتفعيل الحوارات الوطنية وبناء التماسك الاجتماعي وفرض ارادة الدولة، الا ان السلوك العسكري الإسرائيلي في استغلال الحالة والاستمرار في الاعتداءات المدمرة للبُنى العسكرية والمطارات وعدم اعطاء فرص للنظام الجديد للتنفس، يعني أن ما تريده اسرائيل هو فرض واقع جديد يدفع الدولة السورية للاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على منطقة الجولان والتطبيع المجاني معها، لانها ترى نفسها القوة الضاربة في المنطقة..
وحقيقة الأمر أن النظام الجديد في حالة ضعف شديدة لا تقوى على المواجهة المُباشرة الا اذا استطاعت مراكز الثقل العربي التدخل، اسرائيل تدعي انها تسعى لازالة اي خطر ضدها، وتريد للدولة السورية ان تكون منقسمة إلى دويلات عرقية ومذهبية من اجل التغلغل والسيطرة لاهداف سياسية طويلة المدى، فالدولة السورية امام ثلاثة سيناريوهات اساسية. أما السيناريو الأول: فيقوم على التقسيم الى خمسة كيانات جديدة على قواعد المذهبية والعرقية وبالتالي تنتهي الدولة السورية المُوحدة، وستسعى للوصول الى ذلك بشتى السبل وربما تستطيع اقناع الادارة?الأميركية يقبول هذا الهدف الذي يخدم امن وبقاء اسرائيل ومن هنا هي تقوم بالعمليات العسكرية فأكثر من 500 غارة جوية اسرائيلية تمت بعد سقوط النظام.
إنها تسعى لاستغلال حالة التحول والضعف لتنفيذ ما تسعى اليه. ومن هنا فانه من الضرورة بمكان للدول العربية الفاعلة الضغط على الادارة الاميركية لبقاء سوريا دولة موحدة بعيداً عن التقسيم الذي لا يخدم الا اسرائيل، فحالة التوحش الاسرائيلي قائمة في غزة، والضفة الغربية ولبنان وسوريا، أن أهمية لجم هذا التوحش يجب أن يكون هدفاً ومسعى عربياً متكاملاً وإلا ستخرج الأمور عن السيطرة وتهيمن اسرائيل على المنطقة فارضة سلام القوة على الجميع.
وهناك هدف آخر لاسرائيل هو انشاء «ممر داود» الاستراتيجي اقتصادياً وأمنيا المخطط مرسوم يبدأ في فلسطين ثم الجولان الى السويداء ويتجه نحو الحدود الأردنية الى منطقة التنف ويتجه غرباً نحو حمص ودير الزور والقامشلي والحسكة ثم عبر الفرات باتجاة كردستان العراق. انه بداية تطبيق الخطة التاريخية لاسرائيل الكبرى.
السيناريو الثاني: يقوم على ابقاء الاوضاع كما هي سوريا ضعيفة، وصراعات داخلية، وإبقاء مناطق نفوذ اسرائيلية على الجنوب السوري حتى دمشق ومروراً بالطريق السريع نحو السويداء والأردن، والاستمرار في توجيه ضربات عسكرية للبنى المختلفة واضعاف النظام لدرجة انه لا يستطيع الوقوف على قدميه او ادارة البلاد والابقاء على الواقع الراهن كما هو وابقاء الضغوط القصوى وعدم امكانية التقدم للدولة، فالهدف ان تبقى سوريا دولة غير مستقرة ومضطربة.
السيناريو الثالث يقوم على وحدة الاراضي السورية وقدرة النظام الجديد على توحيد البلاد، ومواجهة التحديات وهذا يعني نجاح النظام في اعادة بناء الدولة وضبط الامور، مع بقاء سوريا دولة موحدة وهذا السيناريو يعتمد على عدة عوامل، منها الموقف الاميركي و الشروط التي وضعت لرفع العقوبات، وتطور العلاقة الاستراتيجية مع الدول العربية وخصوصاً لبنان، الأردن، السعودية وقطر بالاضافة لتركيا كفاعل اقليمي، فالدول العربية يهمها ان تكون سوريا دولة مستقرة.
ان مستقبل الدولة السورية مرهون بالعديد من العوامل اهمها لجم التوحش الاسرائيلي بتقليص أهدافه، واعطاء فرص للواقعية التي ينتهجها النظام الجديد في ضبط الواقع الداخلي وبناء التماسك الاجتماعي والتهيؤ للانطلاق في بناء الدولة من جديد ونرى اهمية وضوح وقدرة الموقف العربي تجاه سوريا والادوار التي يمكن ان تقوم بها مراكز الثقل العربي اذا احسنت القيام بذلك، ان نهاية حماس، وتمزيق الدولة السورية هي مقدمة لاشياء صعبة على الوطن العربي بجله وكله يجب ادراكها وفهمها قبل فوات الأوان.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-04-2025 08:33 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |