حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,7 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4940

د. رعد التل يكتب: رسوم ترامب الجمركية: تحدٍّ أم فرصة للأردن في معركة التجارة العالمية؟

د. رعد التل يكتب: رسوم ترامب الجمركية: تحدٍّ أم فرصة للأردن في معركة التجارة العالمية؟

د. رعد التل يكتب: رسوم ترامب الجمركية: تحدٍّ أم فرصة للأردن في معركة التجارة العالمية؟

06-04-2025 08:34 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. رعد محمود التل
أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على مجموعة من الدول، جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية وسط تخوفات من الرسوم الجمركية. وحسب استطلاعات الرأي الأميركية حوالي 61% يعتقدون بأنها ستضر بالمواطن الأميركي مقابل 14% يعتقدون بأثرها الايجابي!

التعرفة الجمركية الجديدة، شملت رسومًا بنسبة 10% على جميع الواردات، مع رفعها إلى 20% على المنتجات الأردنية، بحجة أن الأردن يفرض تعريفات بنسبة 40% على المنتجات الأميركية، مع أن معادلة الاحتساب تظهر أن التعرفة تم إقرارها لمعادلة الميزان التجاري الأميركي وليس لتتوافق مع الرسوم التي تدفعها المنتجات الأميركية! فعلى سبيل المثال، تستورد الولايات المتحدة سلعًا من الصين بقيمة أكبر مما تبيعها لها، مما يؤدي إلى عجز في الميزان التجاري قدره 295 مليار دولار. اما إجمالي قيمة السلع التي تستوردها من الصين يصل إلى 440 مليار ?ولار. وعند اخذ النسب بين القيمتين، نحصل على نسبة 67%. والتي تعادل نصفها ما تم فرضه كتعرفة على الصين بنسبة 34%.

القرار أتى في إطار توجه أميركي لحماية الصناعات المحلية وتقليل العجز في الميزان التجاري الأميركي، لكنه يفرض تحديات كبيرة على التجارة العالمية، ويضع الدول المتضررة أمام خيارات صعبة. الأردن، الذي يُعد الولايات المتحدة واحدة من أكبر أسواقه التصديرية، حيث بلغت العام الماضي قيمة الصادرات الاردنية للولايات المتحدة (2.2 مليار دينار) من مجمل الصادرات الوطنية (8.56 مليار دينار) أي حوالي 26%.

من اللافت أن تفاوت نسب الرسوم المفروضة يعكس أولويات السياسة التجارية الأميركية، فالدول التي فُرضت عليها نسب مرتفعة جداً، مثل سوريا (41%)، العراق (39%)، غالباً ما تكون متأثرة بعوامل سياسية أو اقتصادية خاصة. في المقابل، الدول التي فُرضت عليها نسبة موحدة (10%)مثل دول الخليج، مصر، لبنان، قد تكون مشمولة بقرارات أوسع ضمن سياسات الحماية التجارية الأميركية. أما الأردن، فيقع في وضع حساس، حيث أن فرض رسوم بنسبة 20% يجعله من بين أكثر الدول العربية تضرراً بعد سوريا والعراق والجزائر وتونس وليبيا. هذا يوضح أن بعض المنتجا? الأردنية قد تكون مستهدفة بشكل خاص، مقارنة بدول الخليج التي فُرضت عليها رسوم أقل. هذه النسبة المرتفعة تؤثر سلباً على تنافسية الصادرات الأردنية، خاصة في مواجهة المنتجات القادمة من دول الخليج، والتي باتت تتمتع بأفضلية سعرية في السوق الأميركي.

لاشك بأن القرار الأميركي يمثل تصعيدًا في السياسات الحمائية التي تؤثر على التبادل التجاري العالمي، فرفع الرسوم الجمركية يزيد من تكلفة الواردات، مما يحد من حركة السلع ويؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي. وقد أظهر نموذج تحليل التجارة الدولية (GTAP) التأثيرات الاقتصادية العالمية المتوقعة لتبعات قرار إدارة ترامب بفرض تعريفات جمركية متبادلة على ما يقارب ٦٠ دولة. تشير النتائج إلى إمكانية انخفاض في نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي العالمي بنسبة 1.4% سنويًا، مع انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.06%. كم? يظهر انخفاض في مؤشر أسعار الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 1.40%، مما يشير إلى وجود ضغوط انكماشية على المستوى العالمي.

بالنسبة للولايات المتحدة، التي تُعتبر المستفيد الرئيسي من هذه السياسات، يُتوقع أن يشهد الاقتصاد الأميركي نموًا كبيرًا في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنحو 7%، بالإضافة إلى تحسن في الميزان التجاري بمقدار 137 مليار دولار. ومع ذلك، من المتوقع أيضًا أن تواجه الولايات المتحدة زيادة في التضخم بنسبة 8%، مع انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.17%.

أما على مستوى الدول الأخرى، يُتوقع أن تشهد كندا أكبر تراجع في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 17%. كما ستتأثر الهند والمكسيك وفيتنام بتراجع في الناتج المحلي الإجمالي. في المقابل، من الممكن أن تشهد دول أميركا اللاتينية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زيادة في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنسب تتراوح بين 1.72% إلى 4% نتيجة لتحويل التجارة. أما شرق آسيا بما في ذلك الصين وفيتنام وكمبوديا، فستعاني من تراجع في العديد من المؤشرات الاقتصادية نتيجة للضغط الناتج عن التعريفات الجمركية المفروضة.

بالنسبة للاقتصاد الاردني، يمثل السوق الأميركي شرياناً حيوياً للصادرات الأردنية، حيث بلغت قيمة الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة عام 2024 حوالي3.11 مليار دولار، ما يُشكل25.7% من إجمالي الصادرات الأردنية. في المقابل، استورد الأردن من الولايات المتحدة سلعاً بقيمة 1.88 مليار دولار، مما يعني تحقيق فائض تجاري لصالح الأردن بقيمة 1.23 مليار دولار.أما أهم الصادرات الأردنية إلى أميركا فتشمل الملابس، المجوهرات، الأسمدة، المنتجات الكيماوية، والسلع الدوائية، والتي استفادت من اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين التي ?عفت العديد من المنتجات من الرسوم الجمركية.

تجاوزت الصادرات الأردنية من الألبسة إلى الولايات المتحدة العام الماضي 1.5 مليار دينار من إجمالي قيمة الصادرات الأردنية البالغة 2.2 مليار دينار، أي بنسبة تقارب 70% من الصادرات الكلية. ومن المتوقع أن تؤدي الرسوم الجمركية بنسبة 20% على المنتجات الأردنية المستوردة إلى السوق الأميركي إلى تقليص الصادرات في قطاع الألبسة بحوالي 400 مليون دينار. ورغم أن فرض الرسوم الجمركية قد يحفز البحث عن بدائل محلية لهذه الصناعة، إلا أن منافسي الأردن في هذا القطاع مثل الصين وبنغلادش وكولومبيا قد تم فرض رسوم جمركية عليهم بنسب أعلى?من التي فرضت على المستوردات الأردنية، مما يحافظ على ميزة الأردن التنافسية أمام تلك الدول.

أما بالنسبة لباقي السلع الاردنية المصدرة للاسواق الأميركية، والتي تقدر قيمتها بحوالي 700 مليون دينار فتتوزع ما بين الحلي المجوهرات، الأسمدة، ومحضرات الصيدلة، وخدمات التكنولوجيا المعلوماتية، والمواد الغذائية فتمتاز بمرونات متفاوتة مع التغير بالاسعار وبفرض أن المرونة أحادية لهذه السلع فمقدار الانخفاض بقيمة الصادرات الاردنية يقدر بحوالي 140 مليون دينار ليصل مجموع الانخفاض الكلي المقدر لحوالي 550 مليون دينار وبنسبة 25% من إجمالي قيمة الصادرات كحد أدنى.

رغم التأثيرات السلبية التي قد تنجم عن الرسوم الجمركية الأميركية بنسبة 20% على بعض الصادرات الأردنية، هناك فرص اقتصادية يمكن أن يستفيد منها الاقتصاد الأردني في مواجهة هذه التحديات. أولاً، يمكن للأردن تنويع أسواقه التصديرية من خلال توجيه صادراته إلى أسواق جديدة مثل أوروبا ودول الخليج وآسيا، ما يساهم في تقليل الاعتماد على السوق الأميركي. ثانيًا، قد يتيح ارتفاع الرسوم الجمركية على السلع الصينية للأردن فرصة للاستفادة من التحولات التجارية لصالحه، حيث قد تتجه الشركات الأميركية نحو استيراد بعض السلع من الأردن، خاص? في القطاعات النسيجية والملابس، بفضل اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة. ثالثًا، يمكن للأردن تعزيز صناعاته المحلية مثل الطاقة، الصناعات الدوائية والزراعة، من خلال الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار، مما سيعزز قدرته على المنافسة عالميًا.

وعلى الرغم من التحديات الناتجة عن الرسوم الجمركية، فإن هذه الفرص قد تساهم في توجيه الاقتصاد الأردني نحو مزيد من التنوع الاقتصادي.

رئيس قسم الاقتصاد - الجامعة الاردنية


الرأي











طباعة
  • المشاهدات: 4940
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
06-04-2025 08:34 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل واشنطن و "تل أبيب" قادرتان على مواجهة طويلة الأمد مع الحوثيين بعد تهديد الجماعة بمواصلة استهداف "إسرائيل"؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم