حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,7 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6185

الشرمان يكتب :حين تنحني العدالة أمام السلطة!

الشرمان يكتب :حين تنحني العدالة أمام السلطة!

الشرمان يكتب :حين تنحني العدالة أمام السلطة!

06-04-2025 10:32 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : زهير الشرمان

في تطور دراماتيكي يهز أسس العدالة العالمية، أعلنت المجر رسميا تعليق تعاونها مع المحكمة الجنائية الدولية، وذلك إبان زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى بودابست. وفي خطوة موازية، صرحت بلجيكا بأنها لن تنفذ مذكرة التوقيف الصادرة بحق نتنياهو إذا زار أراضيها، رغم صدور أمر تنفيذي من المحكمة الدولية بالقبض عليه بسبب جرائم الحرب في غزة.

هذه التطورات ليست مجرد تقلبات دبلوماسية عابرة، بل هي ناقوس خطر يقرع في وجه العدالة الدولية، وإشارة على تآكل مبدأ المساءلة العالمية، وتنامي ظاهرة الإفلات من العقاب لمن يتمتعون بدعم سياسي دولي. السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هو مدى قدرة الحكومة الإسرائيلية على تطويع مبادئ العدالة ودفع دول ذات سيادة للتراجع عن التزاماتها القانونية.

قدرة إسرائيل على التأثير في سلوك دول مستقلة تثير القلق. فمن خلال تحالفات استراتيجية، و تعاون أمني واستخباراتي، وشراكات اقتصادية متينة، وبدعم أمريكي لا يتزعزع، نجحت إسرائيل في فرض حضورها كقوة لا يجرؤ كثيرون على تحديها.

لقد أستغلت حكومة نتنياهو الانقسامات الجيوسياسية داخل أوروبا، مستفيدة من النزعات الشعبوية والمصالح الوطنية لبعض الدول لحماية مسؤوليها من الملاحقات القانونية.

إن انسحاب المجر من التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية يكرس واقعا خطيرا. فالعدالة الدولية لم تعد عمياء، بل باتت رهينة الحسابات السياسية. أما موقف بلجيكا، فيزيد الطين بلة، إذ يكشف كيف يمكن للعلاقات الدبلوماسية أن تتغلب على الالتزامات القانونية.

تأسست المحكمة الجنائية الدولية على أمل إنهاء عصر الإفلات من العقاب، بغض النظر عن المنصب أو الجنسية. لكنها تواجه أزمة مصداقية حقيقية اليوم، إذ إن تسييس قرارات التعاون مع المحكمة يضعف سلطتها، ويقوض قدرتها على تحقيق العدالة في قضايا كبرى مثل غزة وأوكرانيا والسودان.

وتقف المحكمة الجنائية الآن عند مفترق طرق. فهي لا تملك أذرعا تنفيذية وتعتمد كليا على تعاون الدول الأعضاء. ومع تآكل هذا التعاون تضعف فعاليتها يوما بعد يوم.

ما يحدث اليوم ليس معزولا عن تداعيات مستقبلية خطيرة. فإذا استطاع زعماء اليوم الذين يُشتبه في ارتكابهم جرائم حرب أن يتنقلوا بحرية دون خوف من المحاسبة، فما الذي يعنيه ذلك لضحايا الحروب؟ وما هي الرسالة التي تصل إلى قادة المستقبل؟ أن بإمكانهم ارتكاب الفظائع دون خوف طالما أن التوازنات السياسية تحميهم؟

قضية نتنياهو كشفت هشاشة نظام العدالة الدولية، وأثبتت أن المحكمة الجنائية الدولية التي كانت يوما بارقة أمل للمظلومين باتت على حافة فقدان مصداقيتها وأهميتها. بالتالي على المجتمع الدولي أن يقرر،هل لا يزال يؤمن بمبادئ العدالة والمساءلة، أم أن منطق المصالح والقوة سيظل يطغى على الواجب الأخلاقي والقانوني؟

العالم يراقب، والتاريخ يُكتب الآن، ليس فقط في أروقة المحاكم، بل في صمت الدول التي اختارت السلطة على حساب المبادئ والإنسانية.








طباعة
  • المشاهدات: 6185
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
06-04-2025 10:32 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل واشنطن و "تل أبيب" قادرتان على مواجهة طويلة الأمد مع الحوثيين بعد تهديد الجماعة بمواصلة استهداف "إسرائيل"؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم