06-04-2025 11:28 AM
بقلم : يوسف رجا الرفاعي
هذه الزلازل السياسية والاقتصادية المتتالية ومركزها امريكا وارتداداتها التي تضرب في ارجاء العالم كله ليست ناتجة عن الفشل الذريع في اجتهاد شخص الرئيس باتخاذه لقرارات فادحة السوء أدت الى ما يتعرض له أمن العالم الاقتصادي والمالي والذي هو ركيزة الامن والاستقرار الذي تنشده الشعوب على اختلاف الوانها واجناسها بل هي نتيجة حتمية لتخطيط مُسبَق تم اعداده بناء على مرجعيات فكرية مرتبطة بخرافات دينية ليس لها ثبوت في الكتب السماوية التي يؤمن بها كثير من الناس واصحاب هذه المعتقدات الدينية المنحرفة هم الذين يتبنون ويقودون هذه السياسات الهوجاء التي ستكون عواقبها وخيمة ليس على فئة او جهة او طائفة بعينها بل ستكون أيضاً وبالاً على مُنفِّذيها بلا استثناء .
لم تكن السيرة الذاتية السياسية والعملية بالعموم للسيد ترامب مؤَهِلَةً له ولا مُبَرِّراً للشعب الأمريكي باختياره رئيساً لهم ، فليس في مسيرته السياسية ما يلفت الانتباه أو يجعل منه شخصية مقبولة من الاساس كمرشح لمنصب الرئيس وهذا لا يخفى على احد وأن اختياره كان نتيجةَ نجاح الدولة العالمية العميقة في العثور عليه كشخصيّةٍ لها كاريزما خاصه ومتفرده يُمكن من خلالها تنفيذ سياسات لا يمكن ان تتم بشخص غيره على الإطلاق فكان اختيارهم له وفق الأجندة الغير طبيعية والمراد تنفيذها قسراً .
لقد نجح هذا النموذج المُتَمثل فى شخص الرئيس ترامب في الاربع سنوات الاولى من حُكمِه والتي كانت استثنائية بامتياز وكانت عباره عن تجربةٍ شبيهةٍ بالتمرين العسكري بالذخيرةِ الحيَّةِ اسفرت نتائجها عن تحقيق كل الاهداف التي وُضِعَت قيد التنفيذ في تلك المرحله ،وفعلاً كان لهم ما ارادوا، فأمَرَ ونَفَّذَ كل ما أمَرَ به ، وأنفذَ كل توقيعٍ عَرَضَه على الناس في ارجاء الارض وعلى الهواءِ مباشرةً دون رادع ولا حتى مُعتَرِض ،
وعندما انتهت سنواته الأربع الاولى بالنجاح المطلق في تنفيذ ما أُريدَ تنفيذه أدركتْ الدولة العالمية العميقة انها قد اصابت الهدف في اختيار الشخصية وانها اجتازت الاختبار وتجاوزت كل التوقعات واجتازت كل الصعوبات عندها ارادت إراحته لتهيئته لما هو قادم فأتت برئيس لا يملك من امر الرئاسة إلا ما يُملى عليه وجعلوه روبوتاً لا اكثر ولا اقل وذلك من اجل اربع سنوات يتم فيها وضع كل ما تم التخطيط له موضع التنفيذ الذي سيقوم به الرئيس ترامب بعد انقضاء تلك السنوات الاربع، فأخَذَ المُخَطِّطُ والمُنَفِّذُ نَفَسَاً عميقاً إستعداداً لما نراه مِن بدئٍ في التنفيذ على أعيُن الناس الان بلا ترَدُّدٍ او استئذان .
مِن غير المعقول ولا المقبول ان تكون امريكا صاحبة النظريات الاقتصادية والمالية بمختلف سياساتها والتي تَمنح اعلى الدرجات العلمية في هذا المجال عاجزةً عن ايجاد خبراء يمكن توظيفهم في حكومتها التنفيذية لإعداد برامج إنقاذ اقتصادي ومالي لدولة فيها من الإمكانيات والامتيازات وفيها من المرونة ما يُمَكِّنها من تجاوز اية عقبات في هذه المجالات الحيوية والهامة حتى يتم اتخاذ مثل هذه القرارات التي اتخذها الرئيس ترامب منذ يومين ، هذا غير مقبول لانه مخالف للمنطق والعقل .
يكفي أن تستمع الى شريحة صغيرة من النُخب اصحاب الرأي والفكر الاقتصادي والمالي من الامريكان الذين ادركوا ان هذه القرارات ستكون وبالاً على امريكا قبل غيرها من دول العالم فخرجوا على الناس بارائهم عبر تسجيلات على كل وسائل التواصل الإجتماعي معربين عن غضبهم وخوفهم وقلقهم الشديد من تداعيات هذه السياسات والاجراءات البعيدة كل البعد عن الحقائق والعلوم المرتبطة بهذه القضايا وانها بعيدة كل البعد عن الفهم الصحيح لكيفية التعامل والتعاطي مع ما تم الإفصاح عنه بانه معالجة للخلل في العلاقات التجارية مع دول العالم المختلفة سواء الحليفة او الصديقة او التي تتقي شرها من بعيد .
العَجَب في موقف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية التي أنشأتها هي ( امريكا ) من كل هذا الذي يجري فيما اتخَذَته من اجراءات تجاه التعامل التجاري مع العالم ،
إذ أن العالم كان يعتقد الى ما قبل يومين ان هذه المنظومة " البنك والصندوق ومنظمة التجارة " انما أُنشأت من اجل المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والمالي العالمي وإذ بها تصمت وكانها تقول
" لا اسمع ، لا ارى ، لا اتكلم "
وللإنصاف فلا غرابة في ذلك فقد راينا هذا السلوك في كل الهيئات والمنظمات والمؤسسات والمحاكم الدولية التي أُنشأت من اجل المحافظة على الامن والسلم الدوليين إلا انها سكتت واصابها الصمم والشلل التام بل وأُلجِمَت في الوقت الذي تتعرض فيه فلسطين ودول عربية اخرى الى ابشع الجرائم التي لم تعرفها البشرية من قبل ، وربما التفسير المنطقي لهذا
انه لا يمكن بل يستحيل تنفيذ ما يعتقدون انه واجب مقدس في ظل استقرار اقتصادي وسياسي واجتماعي عالمي بل لا بد من إيجاد بيئة وحاله من الارباك ملائمة للتنفيذ وهل بوجد ما هو اقوى من إرباك العالم وإدخاله في حرب اقتصادية تطال القاصي والداني وتخلخل الاستقرار العالمي باكمله من اجل تحقيق ما وضعوا من اهداف !!
إن ما يجري اليوم وما تتخذه امريكا من قرارات ما هو الا تنفيذ مدروس بعناية من اجل تنفيذ اهداف وغايات بعيدة كل البعد عن جني ارباح وتحقيق مكاسب ماديه ولو كان الموضوع مادي لتمَّ على الاقل ذكر المليارات التي تدفعها امريكا نقداً لدولة الاحتلال ولتمَّ ذكر الصواريخ والقنابل وكل انواع الاسلحة المقدرة أثمانها بمئات المليارات من الدولارات والتي يتم ارسالها بالمجَّان الى جيش الاحتلال ليقتل بها الابرياء من الاطفال والنساء والرجال والشباب العُزَّل في غزه .
ما يشهده ويراه العالم اليوم ما هو الا بداية لتدمير شامل لن ينجو منه احد والمشكلة الكبرى انه لا يستطيع ايقافه احد وما الوشم الذي أظهره وزير الدفاع الاميركي على ذراعه إلا الدليل القطعي على ان الامر ليس نفطاً وليس نقداً ولا مال انما هو ترجمة للعبارة المكتوبة على ذراع الوزير والتي تقول ترجمتها انها "إرادة الإله"
فاذا كان بوش الابن قالها كلاماً عندما كان رئيساً أن الحرب على العراق هي "حربٌ صليبيه"وقالوا أنها زلة لسان فإن هذا الوزير الذي يُمَثِّلُ الحكومة قد وثَّقَها على ذراعه مكتوبة بانها حرب دينية الآن ،
فهل سنسمع في قادم الايام رأي الفاتيكان كما سمعنا رأيه الرافض والمعتَرِض على زلة اللسان !!
لا نقول ان العالم اليوم على مفترق طرق بل إن العالم اليوم قد دخل أتون حربٍ اقتصاديةٍ لا يُطفئها سوى حرب عالمية كبرى ، وما نشهده اليوم هي إرهاصاتها .
يوسف رجا الرفاعي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-04-2025 11:28 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
![]() |
رمز التحقق : |
أكتب الرمز :
|
برأيك، هل واشنطن و "تل أبيب" قادرتان على مواجهة طويلة الأمد مع الحوثيين بعد تهديد الجماعة بمواصلة استهداف "إسرائيل"؟
تصويت
النتيجة
|