06-04-2025 10:55 PM
سرايا - في البداية، علينا أن ندرك أن خفض قيمة الدولار الأمريكي ليس مجرد تحرك اقتصادي داخلي للولايات المتحدة، بل هو خطوة تهدد أسس النظام الرأسمالي العالمي، وعلى رأسها حرية التجارة.
حيث نوه الكثير من الخبراء الاقتصاديين أن من بين الأهداف الرئيسية للإدارة الأمريكية (في ظل بعض السياسات التي تبناها الرئيس دونالد ترامب) خفض قيمة الدولار عمدًا، لتعزيز تنافسية المنتجات الأمريكية على حساب باقي الاقتصاديات مثل الصين.
حيث بات من المهم أن نعي أن النظر إلى خفض الدولار لا يجب أن يكون بمنظور ضيق مثل التفكير في كيفية استفادتنا المباشرة منه كأردن أو كدول عربية، لأن المعهود أن السياسات الدولية غالبًا ما تخدم مصالح الدول الكبرى فقط، ولا تلتفت إلى مصلحة الدول النامية أو الدول الصديقة.
لماذا تريد أمريكا خفض قيمة الدولار؟
الولايات المتحدة تعاني من عجز مالي ضخم بلغ نحو 1.2 تريليون دولار في عام 2024، وهذا العجز يضر بالعمال الأمريكيين، خصوصًا في قطاعات الصناعة.
و يرى ترمب أن الدولار أقوى مما ينبغي، مما يجعل الاستيراد من الخارج أرخص بكثير من الإنتاج المحلي، وبالتالي يتراجع التوظيف والإنتاج داخل أمريكا.
لتجاوز هذه الأزمة، وضعت الإدارة الأمريكية خطة لخفض قيمة الدولار عمدًا بهدف:
١- جعل المنتجات الأمريكية أرخص عالميًا.
٢- تشجيع الصادرات وتقليل الواردات.
٣- تحفيز النمو الصناعي المحلي.
وهذه الفكرة ليست بجديدة؛ فقد تم تنفيذها سابقًا عام 1985 فيما عُرف بـ"اتفاق بلازا" الذي أدى إلى خفض قيمة الدولار بالتنسيق مع اليابان وألمانيا الغربية وإنجلترا وفرنسا.
ورغم أن هذه الخطوة ساعدت الاقتصاد الأمريكي آنذاك، إلا أنها أضرت باقتصاد اليابان الذي دخل لاحقًا في أزمة ركود عُرفت بـ"العقد الضائع".
ما أثر خفض الدولار علينا كأردنين؟
إذا قامت الولايات المتحدة بخفض قيمة الدولار، فإن التأثير على الاقتصاد الأردني سيكون معقدًا، ويمكن تلخيصه في النقاط التالية:
١- ارتفاع كلفة الواردات غير الأمريكية:
بما أن الدينار الأردني مرتبط بالدولار الأمريكي، فإن ضعف الدولار يعني أن قيمة الدينار ستضعف نسبيًا مقابل عملات أخرى مثل اليورو واليوان الصيني.
وهذا سيؤدي إلى زيادة تكلفة الاستيراد من الصين وأوروبا، مما يرفع مستويات التضخم في الأردن، ويزيد الضغط على الاحتياطات الأجنبية.
٢- أثر على الصادرات الأردنية:
بما أن أسعار الصادرات الأردنية مقومة بالدولار، فإن ضعف الدولار سيجعل الصادرات الأردنية أقل جاذبية نسبيًا في الأسواق العالمية.
٣- أثر على الدين الخارجي:
الأردن يمتلك جزءًا من ديونه بالدولار. إذا انخفضت قيمة الدولار، فإن قيمة هذه الديون ستنخفض أيضًا بالنسبة للدينار، ما قد يخفف العبء قليلاً.
بالمقابل، الديون المقومة بعملات أخرى مثل اليورو سترتفع تكلفتها.
٤- الاثر أسعار السلع الأساسية:
سترتفع أسعار السلع الأساسية مثل النفط والغاز، مما يزيد من عجز الميزان التجاري ويضغط على الموازنة العامة للدولة.
الفرصة الاقتصادية من هذه الخطوة :
انخفاض النفوذ الصيني عالميًا، والصعوبات اللوجستية التي تعاني منها بعض الدول وخصوصاً سوريا مثل (ضعف الموانئ والطرق) تفتح أمام الأردن فرصة كبيرة تتمثل بتحويل مدينة المفرق إلى منطقة اقتصادية خاصة.
والتي من الممكن أن تستقطب مصانع عالمية تبحث عن مراكز إنتاج بديلة منخفضة الكلفة، مما سيخلق فرص عمل جديدة ويساهم في خفض معدلات البطالة ويمثل طوق نجاة للاقتصاد الاردني وحل بدون كلف على الدولة لمشاكل الاقتصاد المتعددة القديمة والقادمة التي ستنشأ جراء هذا الخفض.
الخلاصة:
أن خفض قيمة الدولار قد يكون له أثر سلبي عام على الاقتصاد الأردني إذا لم يتم الاستعداد له بشكل كافٍ. و من جهة أخرى، إذا تم استغلال الفرص المتاحة — مثل تحويل المفرق إلى منطقة اقتصادية خاصة لجذب الاستثمارات ومصانع إعادة إعمار سوريا — فقد يتحول التحدي إلى فرصة تاريخية تنقذ الاقتصاد الأردني، وتقلل الاعتماد على المساعدات الخارجية، وتفتح آفاقًا جديدة للنمو والتوظيف لعل هذا المقترح أن يجد أذناً صاغية من صاحب القرار.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-04-2025 10:55 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |