07-04-2025 08:59 AM
بقلم : نضال منصور
تتعمق الأزمة الاقتصادية في الأردن يوما بعد يوم، فالتداعيات لتعليق ووقف المساعدات الأمريكية لم تظهر اثارها العميقة بعد، لان جلها دفع للأردن عن عام 2025 من اواخر العام الماضي قبل مجيء الرئيس الاميركي دونالد ترامب للبيت الابيض.
وقبل ان يحدد الأردن مساره في كيفية التعامل مع ازمة وقف المساعدات جاءت الضربة الاخرى، حين اعلن ترامب عن رسوم جمركية على البضائع الواردة لاميركا، وكان نصيب الأردن 20 %، رغم وجود اتفاقية للتجارة الحرة بين عمان وواشنطن، ورغم اتفاقية المناطق المؤهلة التى وقعت بعيد «معاهدة السلام» مع اسرائيل.
حتى الآن لم تعلن الحكومة رسميا موقفها من القرار الأميركي، ولم تبلغ المجتمع الأردني مدى الضرر الواقع، وآليات التعامل معه، وحتى حجم الصادرات الأردنية الى الولايات المتحدة مختلف عليها، والارقام تبدو متباينة قليلا، ولكنها في حدود 3 مليارات دولار، ولتدارس الازمة دعت غرفة الصناعة الى اجتماع طارئ للمصدرين للتباحث في ابعادها، وبناء تصور للتعامل معها، والمؤكد ان الأردن سيطلب من الادارة الأميركية اعادة التفاوض على هذه الرسوم الجمركية، وان خفضت الى 10 % سيبقى لدينا هامش تنافسي محدود لإدامة تصدير صناعتنا الى السوق الأميركي.
عام 2025 سيكون عاما صعبا مثقلا في التحديات، فحرب الابادة على غزة عادت بعد فشل الرهانات ان تستمر الهدنة، ووقف اطلاق النار، وهذا يلقي بظلال مخيفة على تداعيات هذه الحرب على الأردن، ففي الجانب السياسي الامني تزيد مخاطر التهجير للفلسطينيين من غزة والضفة الغربية بعد اعلانات متكررة من قادة الاحتلال الاسرائيلي عن خطوات فعلية لإعادة ضم ما تسميه ( يهودا والسامره)، وفي ظل هذه الاوضاع غير المستقرة في الاقليم تخيم هواجس الحرب الاقليمية مع ايران، والقوى المؤيدة لها في العراق، واليمن، ما لم يحدث اختراق كبير في المفاوضات الايرانية الأميركية تفضي الى تسوية سياسية، وهذا كله يلقي بتبعاته على بلادنا، واكبر الخاسرين للعام الثاني قطاع السياحة، عدا عن القطاعات الاخرى المتضررة وفي مقدمتها الآن الصناعة، والمتوقع الآن ارتفاع بمعدلات الاسعار بشكل ملموس، مع تزايد في نسب التضخم، يصاحب ذلك فقدان بعض الناس لوظائفهم، وتراجع فرص العمل، وبالمحصلة ارتفاع معدلات الفقر، والبطالة.
ما يحدث في الأردن سيواجه الكثير من دول العالم، فالركود الاقتصادي سيكون عالميا بعد سياسات، وقرارات الرئيس الأميركي التي وجهت ضربات قاسية للاقتصاد العالمي، ومفاهيم مثل العولمة الاقتصادية باتت تترنح، وتتهاوى، ولكن الاثر الاقتصادي على دول كالأردن سيكون اعمق، وما ننتظره ان تقدم الحكومة بأسرع وقت مقاربتها للخروج من هذا النفق المظلم، بدل الصمت.
مثلما ندعو لتنويع خياراتنا الدبلوماسية، وتحالفاتنا فإن الأردن مطالب بتنويع شراكاته الاقتصادية، وبوابات العالم العربي محطات مهمة، اضافة للاسواق الاوروبية، والآسيوية، والافريقية، وما لم يبن قادة العالم تحالفا دوليا في وجه سياسات الرئيس ترامب فإن الفوضى، والازمات ستتلاحق، والعالم سيبقى مشغولا اما في حروب عسكرية، او اقتصادية تستنزفه، وتهدر كل فرص التنمية.
تحركت الحكومة بشكل فعال لتحفيز القطاع الخاص للمساهمة في دعم قطاعي التعليم والصحة، ورصدت البنوك وشركات التعدين مئات الملايين في اطار مسؤوليتها الاجتماعية، وهي مبادرة، وخطوة جيدة، على ان تنسحب لتمتد لدعم قطاعات اخرى تسهم في التنمية، والتحديث، والاهم ان توضع هذه الاموال في صندوق مستقل يخضع لإدارة محوكمة، وشفافة، لتشجيع كل المؤسسات على المساهمة، والتبرع.
الامر ليس سهلا، وسياسة الاعتماد على الذات تحتاج وقتا لتغطية عجز المنح، والمساعدات، وحتى ذلك الوقت فإن تصويت البرلمان الاوروبي على زيادة المساعدات للأردن مهم جدا، والذهاب نحو دول الخليج لبناء شراكات اقتصادية خطوة لا غنى عنها.
تعرضنا في عام 1989 لأزمة اقتصادية حادة، وفي الركود الاقتصادي عام 2008 واجهنا صعوبات، وبعد سقوط نظام صدام حسين في العراق تأثرنا ايضا، وفي الربيع العربي 2011 كانت هناك تداعيات، ومع مجيئ ترامب نتعرض لصدمات متتالية، ولكن الأردن يملك قدرة مذهلة على التكيف، يتأرجح، ولا يقع أبدا، فنحن بلد صغير، غير انه مهم في المعادلات الجيوسياسية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-04-2025 08:59 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |