07-04-2025 04:12 PM
بقلم : الدكتور علي الصلاحين
" لايكلف الله نفسا إلا وسعها"
حين يريد المثقفون في الوطن العربي والإسلامي ضبط المسافات والمساحات الفاصلة بينهم وبين علاقاتهم بالحكومة لا يرون إلاّ جزءاً من الحقيقة، كما أن عواطفهم تسيطر عليهم، فتشوِّش على رؤاهم وتشوِّهها ومن هنا كان الذين الناس يتصفون بدرجة عالية من العدل والإنصاف قليلين للغاية، ولعلي أورد هنا مثالا على مسألة ضبط المسافات حتى يتضح لا يرتاح الناس في العادة لوجود أي سلطة ضاغطة في أي مجال من المجالات، ولهذا فإن معظم الناس يُضمرون درجة من العداء للحكومات، لكن هذا لا يضر ما لم يتجسَّد في قول أو فعل، وإذا تأملنا في حال المثقفين بوصفهم اناس واعية لما تقول ولما تفعل، فإننا نجد أن كثيرين منهم لم يستطيعوا ضبط المسافة التي يجب أن تفصلهم عن حكومات بلدانهم؛ فهناك من مال إلى (المعارضة) فهمَّهم ودأبهم هو التشهِير بأخطاء الحكومة، وكبار المسؤولين، وإذا أنجز بعض هؤلاء شيئاً جيداً، فإنهم يتجاهلونه تماماً، وإذا ذكروه، فإنهم يذكرونه على أنه من واجباتهم ولا فضل لهم في ذلك! ومن المثقفين من جعل من نفسه بوقاًً ليس له عمل سوى الإشادة والتبرير لما تفعله حكوماتهم، والمشكل الذي يقع فيه هؤلاء يتجلى حين تكون الحكومة التي تماهوا معها تماهياً كاملاً مزاجية أو فيها عناصر فاسدة على نحو صارخ، فإن المثقف يظهر في هذه الحالة، وكأنه يوبِّخ نفسه، أو يظهر وكأنه منقاد عوضاً عن أن يقود،إن القيام لله تعالى،بالحق والقسط يتطلب تشجيع الأعمال الخيرة والثناء عليها مهما كانت علاقتنا سيئة بالقائمين عليها، كما أن من مستحقات الريادة الثقافية أن ينقد المثقف ما يراه من اعوجاج وخلل مهما كانت علاقته جيدة بمن تسبب في ذلك الاعوجاج، لكن القيام بهذا الدور يصبح غير ممكن حين يجعل المثقف لسانه أو سنَّ قلمه هو مورد رزقه، وإن مما يُجهد كلَّ جهود المثقف وكل إشراقاته الذهنية أن يعتقد الناس أن ما يقوله مجيَّر لمصلحة جهة من الجهات إن ضبط المسافات على نحو جيد يعني أننا قادرون على فصل ذواتنا عن الموضوعات التي يجب أن نعالجها، كما يعني أننا نحاول رؤية الصورة من كل جوانبها وزواياها، وهذه المحاولة وإن كانت لا تكتمل أبداً إلاً أنها تظل مطلوبة دائماً؛ ولا يكلِّف الله تعالى نفساً إلاّ وسعها. فيظل المثقف ظلا لامته ووطنه حينما تضبط المسافة،حفظ الله وطننا وحماه من الشرور وطمع الطامعين عزيزا حرا يارب.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-04-2025 04:12 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |