10-04-2025 09:24 AM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
نظّم المجلس الاقتصادي والاجتماعي قبل أيام جلسة حوارية حول مشروع قانون التعاون الجديد لسنة 2025 الذي أرسلته الحكومة إلى مجلس النواب للسير في الإجراءات الدستورية لإقراره، حيث يهدف هذا التشريع الجديد إلى تطوير الحركة التعاونية الأردنية بما ينسجم مع قيم ومبادئ التعاون العالمية والنهوض بالقطاع التعاوني. وقد تضمن المشروع الجديد إضافات تشريعية إيجابية تتمثل بإنشاء صندوق التنمية التعاوني لتوفير التمويل اللازم للقطاع التعاوني على شكل قروض ومنح مالية يتم صرفها وفق شروط معينة.
كما ينشئ مشروع القانون معهدا للتنمية التعاونية يهدف إلى نشر الثقافة التعاونية وتدريب موظفي المؤسسة التعاونية الأردنية، وإجراء الدراسات والأبحاث التعاونية ونشرها، والتعاون مع المنظمات المحلية والدولية في سبيل خدمة القطاع التعاوني.
ومن الإيجابيات الأخرى في مشروع القانون أنه قد قام بتحديد رئيس مجلس إدارة المؤسسة التعاونية الأردنية بشكل واضح بأنه وزير الزراعة، في الوقت الذي يحدده القانون الحالي لعام 1997 بأنه رئيس الوزراء أو من ينيبه من الوزراء. فالممارسة السابقة منذ سنوات أن يقوم رئيس الوزراء باختيار وزير الزراعة رئيسا للمجلس، وهو الأمر الذي تمت "قوننته" بشكل صريح في القانون الجديد، وإن كان التساؤل القانوني يثور حول مدى ارتباط فكرة التعاونيات بوزارة الزراعة.
أما الملاحظة الأبرز في المشروع الجديد فتتمثل بتغيير مسمى "الجمعيات التعاونية" والاستبدال به مصطلح "التعاونية"، والتي جرى تعريفها بأنها الشخص الاعتباري المسجل وفق أحكام القانون والمتكون من أشخاص طبيعيين أو اعتباريين أو كليهما، يرتبطون طوعا من خلال ملكيتهم المشتركة وإدارتهم المنتخبة لتحقيق أهدافهم التعاونية المشتركة.
إن هذا الاسم الجديد الذي جرى اختياره للمؤسسات الوطنية العاملة في مجال القطاع التعاوني يمكن معه التفكير في تغيير عنوان القانون ليصبح "قانون التعاونيات" بدلا من قانون التعاون، وذلك لكي يكون أكثر تعبيرا عن مضمونه، وأسوة بباقي التشريعات العربية المقارنة التي استخدمت المصطلح القانوني ذاته، كقانون التعاونيات الإماراتي لسنة 2022 والقانون المغربي المتعلق بالتعاونيات لسنة 2014.
وتبقى النصوص القانونية الناظمة لتشكيل مجلس إدارة المؤسسة التعاونية الأردنية هي الأهم، حيث أوجد مشروع القانون الجديد ممثلين لهيئات جدد في المجلس واشترط وجود ثلاث نساء على الأقل من القطاع التعاوني، إلا أنه حافظ على الحكم التشريعي الحالي المتمثل باعتبار المدير العام للمؤسسة عضوا في مجلس الإدارة ونائبا للرئيس.
إن المدير العام هو الرئيس التنفيذي للمؤسسة التعاونية الأردنية ويتولى بهذه الصفة صلاحيات واسعة وردت في المادة (7) من مشروع القانون تتمثل بتنفيذ قرارات مجلس إدارة المؤسسة والإشراف على كافة الشؤون المالية والإدارية في المؤسسة، والتي يفترض أن يكون مسؤولا عنها أمام مجلس إدارة المؤسسة التعاونية. فلا يستقيم مع مبادئ الحوكمة الرشيدة أن يكون المدير العام في أي مؤسسة أو هيئة رسمية عضوا في مجلس إدارتها يصوت بالموافقة على القرارت المتعلقة بتسيير شؤون العمل فيها، والتي يقوم بإصدارها بصفته التنفيذية.
إن مشروع القانون الجديد قد أعطى المدير العام صلاحية إعداد مشروع الموازنة السنوية للمؤسسة وممارسة صلاحيات الحاكم الإداري ولجنة تحصيل الأموال العامة كجهة تنفيذية؛ فلا يقبل بعد ذلك أن يكون نائبا لرئيس مجلس إدارة المؤسسة وأن يترأس في بعض الحالات اجتماعات المجلس في ظل غياب الرئيس، وأن يصوت بالموافقة على مشروع الموازنة العامة التي قام نفسه بإعدادها.
عليه، فلا بد من إلغاء عضوية المدير العام للمؤسسة التعاونية الأردنية في مجلس إدارتها، والنص على إمكانية دعوته للمشاركة في اجتماعات المجلس والنقاش معه دون أن يثبت له الحق في التصويت، وتقرير مسؤوليته القانونية أمام مجلس إدارة المؤسسة وإلزامه بتقديم تقارير دورية عن سير العمل في المؤسسة.
كما لم يتضمن مشروع القانون الجديد أحكاما تتعلق بحالات انتهاء العضوية بالنسبة للأعضاء الممثلين للقطاع التعاوني، والتي يمكن حصرها بالوفاة أو الاستقالة أو صدور حكم قطعي على العضو بجناية أو جنحة مخلة بالشرف والأخلاق والأمانة، أو فقدان الأهلية المدنية، أو العجز الصحي، أو الغياب عن حضور جلسات المجلس ثلاث مرات متتالية دون عذر يقبله المجلس.
وأبقى مشروع قانون التعاون الجديد على النهج التشريعي المطبق في القانون الحالي والقائم على أساس عدم إيراد نصوص قانونية واضحة تتعلق بإنشاء التعاونيات والاتحادات وأسلوب إدارتها والتصرف بأموالها، والاكتفاء بالإحالة إلى نظام خاص يصدر لهذه الغاية.
إن تحقيق الثبات التشريعي في القطاع التعاوني يستلزم بالضرورة أن تكون النصوص الناظمة لتأسيس وإدارة التعاونيات بأشكالها المتعددة منصوصاً عليها صراحة في صلب القانون، وأن يتم الإحالة بعد ذلك إلى نظام خاص ينظم الأمور الإجرائية الخاصة بعمليتي التسجيل والإدارة.
إن هذا النهج التشريعي قد تبناه مشروع القانون الجديد؛ حيث أفرد نصوصا قانونية واضحة تتعلق بإنشاء كل من الصندوق ومعهد التنمية التعاوني وصلاحيات كل منها، ومن ثم قرر الإحالة إلى أنظمة تنفيذية خاصة تصدر لهذه الغاية لتوضيح أسلوب إدارت كل منهما بشكل تفصيلي.
إن تعزيز العمل التعاوني بحاجة أن تكون شروط تأسيس التعاونيات واردة في القانون الخاص بها لكي تتمتع بالاستقرار التشريعي وعدم تركها لأنظمة تنفيذية متغيرة يصدرها مجلس الوزراء.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
10-04-2025 09:24 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |