10-04-2025 10:29 AM
بقلم : المحامي سند المحاسنة
لا يختلف اثنان في أن القضية الفلسطينية هي قضية كل عربي حر، وعلى رأسهم الأردنيون الذين لم يتأخروا يومًا في الدفاع عن الحق الفلسطيني، قولًا وموقفًا وفعلاً. وقد تجلى هذا الموقف بوضوح في السياسة الأردنية التي قادها جلالة الملك عبد الله الثاني بحكمة واتزان، مدافعًا عن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ومتمسكًا بحل عادل وشامل يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة. وهذا الدور السياسي والدبلوماسي المشرّف لم يكن منعزلًا عن وجدان الأردنيين، بل عبّر عنهم وعبّروا عنه، شعبًا وقيادة، بموقف موحد ثابت لا يتزعزع.
لكن هذا الموقف الصلب لا يعني أن نسمح بتحويل الشارع الأردني إلى ساحة فوضى أو منصة لمظاهر خارجة عن القانون. فالدولة، بما تمثّله من نظام ومؤسسات وسيادة، ليست خصمًا في معركة الوعي، بل هي الحاضنة لهذا الوعي إذا ما وُجّه بشكل سليم. الوعي المقصود هنا ليس اندفاعًا عاطفيًا ولا مجرد تعاطف عابر، بل هو وعي ناضج مدرك لتوازنات الدولة، وواعٍ بأن استقرار الأردن ركيزة لا يمكن التفريط بها مهما كانت الظروف.
إن من يحب فلسطين بحق، لا يضر الأردن بأي ذريعة كانت ولا يسيء إلى الأردن تحت أي مبرر، ولا يتجاوز القانون تحت شعار النصرة، لأن النصرة الحقيقية تنطلق من الداخل المستقر، لا من فوضى تفقدنا البوصلة وتسيء لصورة قضيتنا. كما أن تبني بعض دعوات العصيان المدني أو التجمعات المخالفة للقانون، وإن بدت ذات طابع احتجاجي، لا يُعبّر عن وعي الأردنيين الراسخ ولا عن إدراكهم العميق لتوازنات الدولة ومصالحها العليا، بل يعرّض أمن المجتمع ووحدته لمخاطر نحن بغنى عنها في ظل تحديات إقليمية متراكمة.
إن رفع أعلام غير العلم الأردني، أو تنظيم مظاهرات مخالفة للقانون تُعرّض أمن الناس للخطر، كما انه لا يصب في مصلحة فلسطين، بل قد يُستغل لتشويه نُبل القضية وتحويلها إلى ذريعة لإحداث الفتنة أو وجود فوضى أو التعدي على النظام العام. فالعلم الأردني ليس مجرد راية تُرفع، بل هو رمز الانتماء والسيادة والكرامة الوطنية، والاعتزاز به لا يتناقض مع حب فلسطين، بل يتكامل معه ومن لا يرى في العلم الأردني عنوان كرامته، فقد خان انتماءه قبل أن يخون وطنه، وأسقط نفسه من مقام الاحترام الذي يليق بأبناء هذا البلد النبيل ، ولن يكون ناصرًا حقيقيًا لأي قضية مهما كانت عظمتها.
ولذلك، فإننا نقولها بوعي وصدق: نعم، نحن مع فلسطين قضية وشعبًا، ولكننا أيضًا مع الأردن دولةً وهيبةً وأمنًا واستقراراً. لن نسمح بتحويل النوايا الطيبة إلى أدوات لهدم الاستقرار، ولن نقبل أن يتحدث أحد باسم فلسطين ليمسّ بمؤسساتنا، أو يتعدى على قانوننا، أو يشكك في وحدة صفّنا. لأن الدفاع عن القضايا العادلة يبدأ من موقع المسؤولية، لا من موقع الفوضى، ومن عمق الانتماء لا من سطحية الشعارات. وعلينا أن لا نسمح بفتح الباب لاي حاقد أو جاهل، بل علينا أن نكون جميعًا بحجم الأردن ومكانته بمستوى شعبه وطموحاته.
المحامي. سند المحاسنة
الأردن – نيسان 2025م.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
10-04-2025 10:29 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |