حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,24 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4285

عماد صقر النعانعة يكتب: سيكولوجية الجماهير وصناعة الوهم السياسي قراءة في واقعنا العربي من منظور أردني

عماد صقر النعانعة يكتب: سيكولوجية الجماهير وصناعة الوهم السياسي قراءة في واقعنا العربي من منظور أردني

عماد صقر النعانعة يكتب: سيكولوجية الجماهير وصناعة الوهم السياسي قراءة في واقعنا العربي من منظور أردني

10-04-2025 11:14 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عماد صقر النعانعة
سيكولوجية الجماهير وصناعة الوهم السياسي قراءة في واقعنا العربي من منظور أردني.
هل يكمن خلل واقعنا في الطريقة التي نراه بها، أم في قدرتنا على التمييز بين الحلم الحقيقي وسحر الأوهام التي تُصنع لخداعنا..هل سبق لك أن شككت في أن ما تراه ليس سوى مسرحية مُعدة بعناية؟

يُعدّ المؤرخ وعالم الاجتماع الفرنسي غوستاف لوبون، في كتابه "روح الاجتماع"، من أوائل من فككوا آليات التأثير في الجماهير. يرى لوبون أن بث الأفكار في عقول الجماعات يتم عبر ثلاث طرق رئيسة: التوكيد الموجز والمكرر، والتكرار الذي يخترق اللاوعي، والعدوى التي توحد الأفكار والمشاعر.

في زمن لوبون، كانت هذه الطرق تقليدية وتستغرق وقتًا لترسيخها. أما اليوم، في ظل سيطرة المنصات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، فقد أصبحت عملية بث الأفكار، بل وتسويق الأوهام، أسهل وأسرع بكثير. فما كان حكرًا على الدولة ومؤسساتها الإعلامية في الماضي، أصبح متاحًا لكل من يروج لنفسه كـ "خبير" أو "متخصص" عبر فيسبوك وتويتر ويوتيوب، غالبًا دون رقابة تُذكر.
تُعدّ صناعة الأوهام أداة قوية في يد السياسيين الذين يعجزون عن تقديم إنجازات حقيقية لمجتمعاتهم. يلجأ هؤلاء إلى تعبئة الجمهور عبر الترويج لنظريات المؤامرة، وتصوير أنفسهم كضحايا لمخططات خارجية تستهدفهم وتستهدف الوطن. يصبح الترويج لهذه الأوهام وسيلة للهروب من مواجهة الحقائق والاعتراف بالإخفاقات.

عندما يتواطأ بعض النخب والمثقفين مع هذه السياسات، يتم تنميط وعي الجمهور بأوهام مصطنعة. في المقابل، يقوم "الشعوبيون" بتسويق التفاهة والترويج للأوهام عبر منصات التواصل الاجتماعي، مما يُنتج جيلًا جديدًا من "الأميين الجدد" الذين يفتقرون إلى القدرة على التفكير النقدي. يصبح تحدي هذه الأوهام مهمة شاقة في مجتمع غالبًا ما يسوده منطق الثنائيات الحادة: إما معنا أو ضدنا.
بدلًا من التفكير بجدية في معالجة أخطاء الماضي والسعي نحو مشاريع تنموية حقيقية، ينشغل العديد من الزعامات السياسية وحاشيتهم بإدامة زخم الأوهام. يركزون على الترويج لفكرة أن الوطن هو البقعة الجغرافية الوحيدة التي تتصارع عليها القوى العظمى، بهدف إبقاء منظومة الفساد والخراب مسيطرة دون مساءلة من المواطن الذي يعاني.

إذا نظرنا إلى واقع مجتمعاتنا العربية بعد "الربيع العربي"، نجد أن وصف "الفوضى والذهاب نحو المجهول" غالبًا ما يكون دقيقًا. هناك ردة وتراجع على مختلف الأصعدة: حقوقيًا واقتصاديًا وسياسيًا. تفاقمت الأوضاع في كثير من الأحيان عما كانت عليه قبل الثورات، مما أدخل الكثيرين في حالة من التيه والشك في إمكانية بناء الدولة المدنية الحديثة، وتأجل حلم النهضة العربية مرة أخرى.
في هذا السياق، يبرز ما يمكن تسميته بـ "تجارة الأمل". يقوم التاجر المعين لهذه المهمة بمنح الجمهور ما يريد أو إيهامه بالحصول عليه. في واقعنا العربي، تشمل هذه البضاعة الموعودة: الديمقراطية، الإصلاح، التعددية، تداول السلطات، محاسبة الفاسدين، استرداد الحقوق، تحريك الجيوش، سن قوانين تحمي الفئات الضعيفة، وإطلاق مشاريع نهضة حقيقية.

لكن السيناريو المعتاد هو أن تذهب الوعود والكلمات أدراج الرياح، وينسى الجمهور الحكاية، ثم تتجدد العملية نفسها بنفس الخدع عبر استعراضات متجددة لا تنتهي. تُمنح الجماهير المتعطشة جرعات جديدة خادعة من الأمل، ومع ذلك، في نهاية المطاف، لا يحظى الجمهور إلا بخيبة الأمل والشعور بالعدمية، والإدمان على تلقي الصدمات حتى أصبحنا جميعًا مصابين بعارض يمكن تسميته بـ "التمسحة"
حالة من التبلد واللامبالاة تجاه الوعود الكاذبة والتكرار المستمر للأوهام.

إن الخروج من هذه الدائرة المفرغة يتطلب وعيًا نقديًا وقدرة على تمييز الحقيقة من الوهم. يتطلب أيضًا مساءلة حقيقية للمسؤولين والتركيز على بناء مشاريع تنموية تخدم الوطن والمواطن على أرض الواقع، بدلًا من الانشغال بأوهام تهدف فقط إلى إدامة الوضع الراهن.








طباعة
  • المشاهدات: 4285
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
10-04-2025 11:14 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم