12-04-2025 08:49 AM
بقلم : الدكتور محمد الهواوشة
رغم كثافة الحديث عن "التحديث" و"التمكين"، لا تزال العلاقة بين الدولة والمواطن تراوح مكانها. الأحزاب بلا تأثير، والبرلمان بلا أنياب، والإصلاح يُستخدم للتجميل لا للتغيير.
الأردن بحاجة إلى إصلاح حقيقي... لا ترقيع شكلي.
إصلاح يُعيد توزيع السلطة والثروة، ويعيد ثقة المواطن بوطنه.
فهل نملك الشجاعة لقول الحقيقة وفتح أبواب الحوار الجاد؟
الإصلاح في الأردن: مسرح بلا جمهور... وسلطةٌ بلا شريك
في كل مرة يلوّح فيها الأردنيون بأمل الإصلاح، سرعان ما تبتلعهم دوّامة المراوحة في المكان. فمنذ عقود، والحديث عن الإصلاح يتكرر بمفردات متشابهة: تحديث، مشاركة، تمكين، وشفافية. لكن، وعلى الرغم من كثافة الخطاب الإصلاحي، لم تُترجم هذه الوعود إلى تحول جذري في بنية الحكم أو في علاقة الدولة بالمواطن.
الإصلاح كحالة تجميلية لا بنيوية
الإصلاح في الأردن ظلّ غالبا أداة للتنفيس لا للتغيير، يُعلن عنه عند كل أزمة، لكنه يُصمَّم بعناية للحفاظ على التوازنات القائمة لا لتعديلها. التعديلات الدستورية المتتالية، تغيّر قوانين الانتخابات، وتبدّل الحكومات، لم تلامس جوهر الأزمة: غياب الإرادة السياسية الحقيقية لتوزيع السلطة والثروة بشكل عادل.
الهاجس الأمني فوق كل شيء
لطالما شكّل الأمن أولوية للدولة، وهو ما يمكن تفهّمه في سياق إقليمي مضطرب. لكن ما لا يمكن تجاهله هو تحوّل هذا الهاجس إلى مبرر دائم لتعطيل الإصلاح، وتكريس المركزية، وتقييد الحريات العامة، وتفريغ المؤسسات التمثيلية من مضمونها.
الإرادة الشعبية المقيّدة
رغم كل ما يُقال عن المشاركة السياسية، يشعر المواطن الأردني أنه بعيد عن مراكز القرار. الأحزاب ضعيفة، البرلمان منزوع التأثير، والنقابات محاصرة. وحتى مبادرات "تحديث المنظومة السياسية" جاءت غالبا من الأعلى إلى الأسفل، لا من خلال حوار وطني حقيقي يعكس التنوع الاجتماعي والسياسي في البلاد.
المؤسسات الدستورية بين الشكل والوظيفة
رغم وضوح النصوص الدستورية التي تنص على الفصل بين السلطات وتُحدّد أدوار كل من مجلس النواب، ومجلس الأعيان، ومجلس الوزراء، إلا أن الواقع يكشف تآكلًا تدريجيا في وظائف هذه المؤسسات. فمجلس النواب، الذي يُفترض أن يكون صوت الشعب ورقيبا على الحكومة، بات في نظر كثيرين مجرد غرفة تمرير للقرارات، يُنتَج عبر قوانين انتخاب تُفرغ التمثيل من مضمونه. أما مجلس الأعيان، المعيّن بالكامل، فهو يعيد إنتاج الطبقة السياسية ذاتها، ويؤكد على نهج النخبوية لا المشاركة. وفيما يخص مجلس الوزراء، فإن غياب الولاية العامة للحكومات، والخضوع المتكرر للسلطة فوق التنفيذية، يُجرّده من الاستقلالية والمسؤولية الحقيقية، ليبقى في معظم الأحيان مجرد إدارة للأزمات لا صانعا للسياسات.
الإصلاح: من خيار استراتيجي إلى ضرورة وجودية
التحديات التي تواجه الدولة لم تعد تحتمل المراوحة: أزمة اقتصادية مستفحلة، مديونية مقلقة، بطالة مرتفعة، وتآكل متزايد في الثقة بالمؤسسات. الإصلاح لم يعد ترفا أو أداة لإدارة الأزمات، بل أصبح شرطا من شروط استقرار الدولة واستدامتها.
التحول يبدأ بالمكاشفة
لكي يُولد إصلاح حقيقي، لا بد من مكاشفة وطنية شجاعة. الاعتراف بأن النموذج القائم بلغ حدوده هو بداية التغيير لا نهايته. ما نحتاجه اليوم ليس فقط تعديلات تشريعية، بل إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسس جديدة: الشراكة لا الوصاية، والمساءلة لا التبعية، والمواطنة لا الزبونية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-04-2025 08:49 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |