13-04-2025 08:27 AM
بقلم : ماهر أبو طير
كنا نطالب بحق العودة للفلسطينيين إلى فلسطين، وأصبحنا نطالب بعد هذه العقود بحق العودة للسوريين إلى سورية، وبينهما قوس طويل وممتد من الازمات والحروب.
وفقاً لتقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فقد عاد حوالي 400 ألف سوري من دول الجوار منذ سقوط نظام الأسد، وخلال الفترة نفسها، عاد أكثر من مليون نازح داخلي داخل سورية، ليصل إجمالي عدد السوريين الذين عادوا إلى ديارهم إلى أكثر من 1.4 مليون شخص، بينما ما يزال أكثر من 7.4 مليون سوري في عداد النازحين داخلياً، كما حذر تقرير المفوضية من احتمال عدم تحقق عودة 1.5 مليون شخص المتوقعة هذا العام، وكذلك من اضطرار العائدين للمغادرة إذا لم يتم الحصول على تمويل كاف، لحاجة المفوضية إلى 575 مليون دولار.
في الأردن يعيش أكثر من مليون وربع مليون سوري، وحين كنا نسألهم خلال وجود نظام الأسد، عن موعد عودتهم، كانوا يشيرون الى استحالة ذلك بوجود النظام، وتغيرت إجاباتهم بعد سقوط النظام، بكونهم لن يعودوا إلا بعد التأكد من استقرار الوضع الامني، وانتهاء دوام المدارس في الأردن، وحين تعيد الاسئلة هذه الأيام، تأتي إجابة ثالثة تقول انهم لن يعودوا حتى لو انتهى دوام المدارس، واستقر الوضع الامني، والسبب في ذلك سوء الوضع الاقتصادي، حيث إن رواتب العاملين في سورية لا تتجاوز العشرين دولارا، إضافة الى حالة الاضطراب الأمني.
هذه أزمة كبرى يواجهها الأردن، ويتوجب حلها بطرق مختلفة، دون التورط برد فعل سلبي إزاء الأشقاء السوريين، حتى لا ندخل في موجات عداء، وحتى لا يساء إلى سمعة الأردن، الذي كان الأفضل دون شك في معاملة السوريين، مقارنة ببقية المهاجر العربية التي غادر إليها السوريون، وهو ما يقر به السوريون اليوم، بعد الذي عايشوه في تركيا والعراق ولبنان، ودول ثانية، إضافة للمعاناة في دول غربية وآسيوية.
بيننا وبين انتهاء الفصل الثاني للمدارس أسابيع قليلة، وقد يضطر الأردن لتغيير سياسة القبول في المدارس الحكومية، عبر فرض رسوم اضافية، مثلما غير سياسته بشأن تصاريح العمل، من اجل حض السوريين على المغادرة نهاية المطاف، دون اجراءات اجبارية، وحتى لا يتم اتهام الأردن دوليا بالضغط على السوريين.
لكن الكلام الواجب قوله اليوم يتعلق بعدة امور، اولها ان اغلب العاملين في المؤسسات الدولية في الأردن ينصحون السوريين هنا سرا وعند التواصل معهم، على عدم العودة والانتظار قليلا، حتى تتضح الصورة، بشهادة اعداد كبيرة من السوريين، وثانيها ان ما يجري في مناطق جنوب سورية تحديدا، من جانب اسرائيل يعرقل عودة السورين في الأردن، كون اغلبهم من مناطق جنوب سورية، التي تحتلها اسرائيل وتريد احتلال بقيتها، ودفع الكتلة الديموغرافية السورية المنتمية لتلك المنطقة بعيدا، وتوطينهم تحت مظلة اللجوء من خلال تصنيع العوامل الطاردة، وثالثها ان النموذج التركي الذي يحتضن ملايين السوريين، وهو ذاته الذي ساهم بصناعة النظام البديل الحالي، لا يتخذ اي اجراءات وهو صاحب القرار في دمشق، لحض السوريين لديه على العودة محرجا بقية الاطراف المستضيفة، ورابعها ان مخططات التقسيم لسورية تفترض حدوث تفريغ ديموغرافي سني، عبر ابقاء ملايين السوريين السنة خارجها، من اجل تسهيل التقسيم وفقا لمشاريع مذهبية وعرقية ودينية، وخامسها ان دمشق الجديدة لم تعلن عن مبادرة محددة لتشجيع السوريين على مغادرة الأردن، عبر اي مزايا يمكن تقديمها، بسبب ما تواجهه دمشق من مصاعب كبيرة، وسادسها ان اغلب تقييمات العائدين من الأردن لأقاربهم المتبقين هنا سلبية وتنصحهم بعدم العودة حاليا، وسابعها أن تجفيف الدعم الدولي للدول المستضيفة حوّل هذه الازمة السورية الى ازمات محلية داخلية، بما في ذلك الأردن.
في كل الاحوال لا يمكن ترك الأردن وحيدا، وبنفس الوقت لومه على اي اجراءات محتملة، كما ان عودة السوريين الى بلادهم تبقى اولوية يتوجب تقديمها على كل الاعتبارات لدى السوريين ذاتهم، حتى لا يتم نهاية المطاف الاستفراد بسورية، في ظل خلخلة ديموغرافية، وبعد كل التفريغ السكاني الذي تعرضت له بسبب مشاريع مختلفة.
توطين السوريين خارج سورية، مخطط اسرائيلي واقليمي ودولي، وبقاء السوريين في الاردن في هذا التوقيت يعني تعزيز التفريغ السكاني لمناطق جنوب سورية من اهلها.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-04-2025 08:27 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |