حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,14 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6423

عبدالهادي راجي المجالي يكتب: الغاليات

عبدالهادي راجي المجالي يكتب: الغاليات

عبدالهادي راجي المجالي يكتب: الغاليات

13-04-2025 08:30 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عبدالهادي راجي المجالي
...قبل أكثر من عشرين عاماً، وحين كانت تندلع المسيرات، لم يكن مشهد المجندات في الأمن العام مألوفاً، لكن الآن وكلما اندلعت مسيرة أو مهرجان أو تجمع تشاهد مجموعات هائلة من الشرطيات في الميدان.

أراقبهن دائما وأراقب (البوريه) وكيف يقمن بارتدائه فوق (المنديل)، أراقب الهندام العسكري الجميل، والانضباط العالي والهيبة، ناهيك عن الحشمة، والأداء العسكري المهيب.

في المسيرات نكتب عن فتاة خرجت على أصول اللباقة، نكتب عن توقيف، الأمن لمجموعة أخلت بالمشهد، عن حرمة الشوارع.. عن أشياء كثيرة، لكن أحدا لم يلتقط أبدا صورة ناصعة ورائعة من صور المرأة الأردنية، لم أشاهد مقالا عن الشرطيات ولا حتى صورة تعبر عن الإقدام، ولا حتى تقريرا تلفزيونيا عن طريقة العمل والمهام.

المجندات في الأمن العام لهن عائلات، لكل مجندة أب تقبل كفه في الصباح والمساء، لهن أمهات وقد تأخذ إحداهن إجازة ولو ليوم واحد فقط من أجل أن تراجع المدينة الطبية، وتصطحب الوالدة معها لإجراء فحص السكري وأخذ العلاج، لهم أقساط تدفع للبنوك، فهن أيضا ساهمن في زواج الشقيق الأصغر، وساهمن في بناء المنزل، بعضهن تخرج من أفضل الجامعات وحصلن على أفضل المعدلات... لهن أزواج وأطفال، فحين يعدن للمنازل يخلعن الرتبة والفوتيك وكل واحدة منهن تقبل أطفالها وتخدم أسرتها كما يجب.

الشرطيات في الأمن العام، لا يحترفن الصراخ في الساحات العامة، بل يحترفن التسديد في (الإم 16)، ويعرفن طريقة فكها وتركيبها، وقد خضعن لدورات مكثفة في الرماية، زحفن في الميادين مثلهن مثل الرجال، تعلمن المسير العسكري.. أتقن التعامل مع استخدام الأسلحة والآليات، اجتزن دورات متقدمة في اللاسلكي... وفي مقر الشرطة النسائية، يوجد لهن مسجد، ويقمن بأداء الصلاة في وقتها، ويحملن المسدس أيضا، بكامل ذخيرته.

أخذ الإعلام مساحة هائلة في تغطية أخبار البنت التي صرخت، ولكنه ترك البنت التي أنهت تخصص العلوم في الجامعة الأردنية والتحقت بالجهاز، ترك البنت التي حققت، والتي نظمت إفادة للمدعي العام، ترك البنت التي تعلمت فنون مكافحة الشغب، وأطلت على المجتمع من نافذة العسكرية الأردنية المجيدة، ولم تطل من نوافذ الجندر.. وندوات الحقوق النسائية التي أرهقونا بها في الفنادق، لم تطل عبر بوابات (التك توك) والإنستجرام، بل أطلت من ميادين الشرف، وميادين الكفاح والبطولة.

الإعلام فقط يبحث عن ظاهر مدانة، ويترك الظواهر التي تعبر عن قوة الشخصية الأردنية وتفردها، يترك الجوانب التي تعبر عن صلابة المؤسسات وصلابة أفرادها... أنا لا أهتم بما يحدث في المسيرات ولكني حين أرى شرطيات الأمن العام، بجانب الرجال أفهم معنى دور المرأة، ومعنى حق المرأة.. وأفهم أن البلد لا تحميه الزنود السمر فقط، بل عيون النساء وقبضاتهن أيضا تحمي البلد.

في مسيرة الرابية الأخيرة، ولأن الطريق مغلق تركت سيارتي ومشيت، وفي درب العودة تعثرت بحفرة وسقطت على ظهري، كان بجانبي مجموعة من الشرطيات، قمن بمساعدتي وواحدة منهن أحضرت لي الماء، وواحدة عرضت عليَّ طلب الإسعاف، لكني استجمعت قواي.. ونهضت، وبكل ود واحترام.. رافقتني إحداهن إلى الجهة الأخرى من الشارع وأوقفت الحركة كي أعبر.

حين عدت لمنزلي كانت صور الفتاة التي صرخت، قد اجتاحت مواقع التواصل.. لكنها لم تعلق في ذهني، ما علق في ذهني صورة الشرطية التي أحضرت لي الماء، وصورة الشرطية التي ساعدتني في عبور الشارع، صورة النشمية المدججة بالوقار...

شرطيات الأمن العام وكل بناتنا اللواتي يخدمن في هذا الجهاز، هن من يحتجن أن تجتاح نماذجهن المجتمع لأنهن الحقيقة المطلقة، عن تفرد الشخصية الأردنية، ولأنهن نبض البلد وريحانه، ولأنهن الغاليات اللواتي حملن الصعب على أكفهن.

Abdelhadi18@yahoo.com


الراي











طباعة
  • المشاهدات: 6423
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
13-04-2025 08:30 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل واشنطن و "تل أبيب" قادرتان على مواجهة طويلة الأمد مع الحوثيين بعد تهديد الجماعة بمواصلة استهداف "إسرائيل"؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم