13-04-2025 08:54 AM
بقلم : د. أحمد بطّاح
تعالت في الآونة الأخيرة التهديدات الإسرائيلية والأميركية لإيران، وقد وصلت هذه التهديدات ذُروتها حين أعلن الرئيس الأميركي ترامب أن إيران سوف تتعرض إلى «قصف لا مثيل له» إذا لم تجلس إلى طاولة المفاوضات «وتتفاهم» مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الايراني، والواقع أنّ هناك دولاً كثيرة تملك الأسلحة النووية (الولايات المتحدة، روسيا، بريطانيا، فرنسا، الصين، الهند، باكستان، كوريا الشمالية، إسرائيل) فلماذا تثير الطموحات النووية الإيرانية بالذات هواجس الغرب ومخاوف إسرائيل وبخاصة أنّ إيران تعلن أنّ برنامجها «سلمي»، وأنّ هناك فتوى من المُرشد الأعلى لجمهورية إيران الإسلامية «بتحريم» امتلاك السلاح النووي؟!
إنّ الغرب كله في الواقع متوجس من امتلاك إيران للسلاح الذري، وهناك مجموعة 5+1 (أميركا، بريطانيا، فرنسا، الصين، ألمانيا) تفاوض إيران بشأن هذا الموضوع منذُ سنوات، أمّا إسرائيل فهي متوجسة «بشكل خاص» من تطوير إيران لسلاح نووي، ولذا فإنّ من المنطق أن نطرح السؤال الذي بدأنا به هذه المقالة وهو ماذا تريد إسرائيل والولايات المتحدة حقيقةً من إيران؟
إنّ إسرائيل والولايات المتحدة متفقتان بدايةً على الحيلولة دون امتلاك إيران للسلاح النووي وهما يعتبران أنّ رقابة الوكالة الدولية الذرية للطاقة على البرنامج الإيراني غير كافية، وأنّ البرنامج السلمي الذي تدّعي إيران رغبتها في تطويره يمكّنها في الواقع من تطوير سلاح ذري، ولكن هذا لا ينفي أنهما يختلفان في مواقفهما إزاء هذا البرنامج، فما هي حقيقة أهداف إسرائيل والولايات المتحدة؟ إن إسرائيل تهدف إلى ما يلي:
أولاً: منع إيران من امتلاك السلاح النووي.
ثانياً: القضاء على البرنامج الصاروخي (الباليستي «والفرط صوتي» الإيراني).
ثالثاً: ضرب إيران كرأس لما تسميه «الأخطبوط» (الأفعى) ذا الأذرع في المنطقة (حماس في قطاع غزة، حزب الله في لبنان، والفصائل الشيعية في العراق، أنصار الله في اليمن)، وبالتالي شلّ النفوذ الإيراني، وتحييّد إيران كقوة اقليمية «جيوسياسية» منافسة لإسرائيل في الإقليم.
رابعاً: القضاء على النظام السياسي الإيراني الحالي واستبداله بآخر إنْ أمكنْ بحيث يكون أكثر تعاطفاً مع اسرائيل، أو أقل عداءً لها كما هو عليه الحال الآن.
أمّا الولايات المتحدة فإنه لا يعنيها كثيراً تغيير النظام السياسي في طهران (وإن كانت تُحبّذه)، وقد لا يعنيها كثيراً القضاء على الصناعة الصاروخية الإيرانية، ولكن ما يعنيها حقاً هو الحيلولة دون تصنيع إيران للسلاح النووي، وتطويق النفوذ (Leverage) الإيراني في المنطقة الأمر الذي يُحرّر حلفاءَها العرب من ضغوط «القوة الإيرانية»، ولا يُبقي المصالح الأميركية في المنطقة (وهي كثيرة ومتشعبة) تحت «نيران» النفوذ الإيراني.
والواقع هو أنّ الولايات المتحدة «حسّاسة» بشكل خاص من السلاح النووي الإيراني المُحتمل بسبب خوفها على حليفتها إسرائيل، والا فلماذا لم «يسببّ» السلاح النووي الباكستاني مثلاً مثل هذه «الحساسية» الأميركية؟
إنّ الولايات المتحدة تتفهم تماماً أهمية وجود السلاح النووي الباكستاني في مواجهة الهند، وهي في حقيقة الأمر تسيطر عليه من خلال علاقاتها الوثيقة بالجيش الباكستاني، أمّا بالنسبة لإيران فالوضع مختلف، والنظام السياسي الإيراني ليس في دائرة النفوذ الأميركي بحيث تطمئن إلى تطوراته ومآلاته وبخاصة أنّ إيران تطوّر تحالفاتها باستمرار مع الأعداء الاستراتيجيين للولايات المتحدة وبالذات: روسيا والصين.
إنّ السلاح النووي هو سلاح «ردع» في النهاية، ولم تستعمله أية دولة تاريخياً إلّا الولايات المتحدة مع نهايات الحرب العالمية الثانية (1939–1945) عندما قصفت مدينتي «هيروشيما» «وناجازاكي» في اليابان، وإذا تذكرنا أنّ إسرائيل تملك أكثر من (200) رأس نووي (برغم عدم إعلانها رسمياً عن ذلك) فإننا يجب أن نفترض أن إسرائيل يجب ألّا تخاف من السلاح النووي الإيراني (على افتراض تطوير إيران له) لأنها تستطيع أن ترد الضربة الإيرانية إنْ حدثتْ وتلحق دماراً بإيران يُماّثل إن لم يفُق الدمار الذي يمكن أن يَلْحق بإسرائيل.
إنّ التحليل السابق يُتيح لنا القول إنّ الهدف الحقيقي لإسرائيل من وراء إثارة هذا الموضوع باستمرار والإلحاح عليه هو «تحجيم» القدرة الإيرانية وشلّ حلفائها (أو وكلائها إنْ شئت) في الإقليم لتسهيل هيمنتها (أيّ إسرائيل) عليه، أمّا الولايات المتحدة كقوة عظمى تتربع على عرش العالم الان وتمتلك أكثر من (6000) رأس نووي استراتيجي (قادرة على تدمير العالم أكثر من 3 مرات) لا تخشى من امتلاك إيران لبضع مئات من الرؤوس النووية ولكنها في الواقع تريد تأمين حليفتها الوثيقة إسرائيل من جهة، وتريد «قصقصة» أجنحة النفوذ الإيراني في المنطقة لضمان ديمومة المصالح الأميركية وازدهارها.
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-04-2025 08:54 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |