حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,15 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 7475

أعرفك من قبل أن نلتقي! .. هكذا قالت الخوارزمية

أعرفك من قبل أن نلتقي! .. هكذا قالت الخوارزمية

أعرفك من قبل أن نلتقي! ..  هكذا قالت الخوارزمية

14-04-2025 12:38 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - "طلبت من تشات جي بي تي أن يحلل شخصيتك نفسياً قبل لقائنا"... جملة لو قيلت قبل سنوات لبدت كأنها مقتبسة من رواية خيال علمي. اليوم، أصبحت واقعاً حقيقياً يتقاطع مع علاقاتنا اليومية، حتى الأكثر حميمية منها. وما كان يُعدّ فضولاً بسيطاً عبر محرّك البحث تطوّر إلى تقنيات قادرة على إنشاء ملفات نفسيّة شبه احترافية بناءً على وجودنا الرقمي.


بينما كان استخدام الإنترنت للبحث عن الشريك المحتمل ممارسة شائعة، أصبح إدخال أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى هذه المعادلة يفتح الباب على أسئلة معقدة تتعلق بالخصوصية، والوعي السياقي، والأخلاق الرقمية. هل من المقبول أن يتم تحليل شخصية إنسان استناداً إلى محتوى عام سبق نشره في سياقات مختلفة؟ وهل يمكن اعتبار هذا التصرف مبادرة ذكية أم انتهاكاً ناعماً للخصوصية؟

تحوّل في أدوات التعارف


شهدت إحدى الكاتبات تجربة شخصية مثيرة للجدل حين أفصح شريكها في موعد غرامي بأنه استخدم أداة بحث مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتكوين تصور نفسيّ عنها قبل اللقاء. لم يكتفِ بالبحث السطحي، بل أنشأ ملفاً نفسياً مكوّناً من ثماني صفحات وصفها بأنها "ذكية، صريحة، ومثيرة للفضول الفكري"، مضيفًا تحليلات عميقة عن ثقتها بنفسها، حسّها الفكاهي، وحتى ضميرها الأخلاقي.



ورغم أن التحليل بدا إيجابياً في مضمونه، فإن الكاتبة بدأت تتساءل: هل يمكن لمجموعة خوارزميات أن تفهمني فعلاً؟ وهل هذا النوع من التحليل دقيق أو عادل ضمن سياق عاطفي؟ بل الأهم من ذلك، هل هو مشروع أخلاقياً؟

 


متى تصبح المعلومات العامة خصوصية منتهكة؟


المشكلة لا تكمن فقط في توفر المعلومات، بل في طريقة تجميعها، تأويلها، وتحليلها دون علم صاحبها. الذكاء الاصطناعي لا يعاني من الشك، ولا يُبدي تحفظاً في إطلاق الأحكام، وهو ما يجعل نتائجه تبدو قاطعة رغم كونها مبنية على خوارزميات غير مدركة للسياق أو النية.



عند الرجوع إلى نفس الأداة لسؤالها عن شرعية هذا التصرف، جاء الجواب: "إن إنشاء ملف نفسيّ عن شخص من دون علمه قد يكون غزواً لخصوصيته وتصرّفاً غير عادل". إجابة تعكس شيئاً من الوعي الذاتي، ولكنها تأتي متأخّرة، بعد أن قامت الأداة نفسها بذلك.



سياسات مثالية...واقع منفصل


تعتمد معظم شركات الذكاء الاصطناعي، كـ "أوبن إيه آي"، على سياسات معلنة تمنع تقديم معلومات حساسة أو خاصة عن الأفراد، حتى لو كانت منشورة للعامة. غير أن الواقع يكشف عن محدودية هذه السياسات أمام غياب الفهم الحقيقي للسياق البشري. النماذج اللغوية لا تعرف لماذا يُطرح سؤال معين، ولا لمن يُوجَّه، مما يجعلها تستجيب بطريقة قد تبدو محايدة تقنياً، لكنها مشحونة أخلاقياً.



فجوة رقمية


تكشف هذه الظاهرة عن مفارقة جديدة في العالم الرقمي: من يملك حضوراً إلكترونياً نشطاً يصبح هدفاً سهلاً للتحليل والقراءة النفسية، بينما يظل الآخرون في الظل، محصنين بغيابهم. هذا الاختلال يخلق بيئة غير متكافئة، تضيف طبقة جديدة من التحيز المعلوماتي يجب التعامل معها بوعي ومسؤولية.



التكنولوجيا ليست بديلاً عن الحدس الإنساني


التفاعل الإنساني مبني على أبعاد تتجاوز البيانات والنصوص والمشاركات العلنية. الإيماءات، النبرة، السياق، وحتى الصمت، كلها عناصر لا تستطيع الخوارزميات التقاطها. استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل الأشخاص من دون علمهم لا يعكس فقط قصور هذه التقنيات، بل أيضًا قصورًا في إدراكنا لكيفية احترام خصوصية الآخر في عصر المعلومات.



ربما كان الشريك في هذه القصة ذكياً ومبادراً، وربما بدا استخدامه للتكنولوجيا محبباً في البداية. لكن التجربة برمتها تطرح سؤالًا أكبر: هل نريد حقًا أن نُفهم عبر آلة؟ أو كما قالت الكاتبة بسخرية مريرة: "ربما أنا فقط مرهقة ومتصادمة... كما قالت الآلة عني بالضبط. نموذجي جداً".

 

 

 

 








طباعة
  • المشاهدات: 7475
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-04-2025 12:38 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم