حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,16 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3223

تعديل قانون العقوبات بدلاً من العفو العام

تعديل قانون العقوبات بدلاً من العفو العام

تعديل قانون العقوبات بدلاً من العفو العام

15-04-2025 08:46 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
لا تزال القوى النيابية والشعبية تطالب بإصدار قانون عفو عام جديد، حيث جرى قبل أيام تنظيم وقفة احتجاجية أمام مجلس النواب للمطالبة بعفو يشمل القضايا التي تم فيها اسقاط الحق الشخصي ودفع الالتزامات المترتبة على ارتكاب السلوك الجرمي.

بدورها أعلنت الحكومة وبشكل رسمي أنه لا نية لديها للاستجابة لهذه المطالب؛ فهي قد تعاملت مع هذا الموضوع بشكل مغاير، إذ أقرت جملة من التعديلات الجديدة على قانون العقوبات والتي تهدف إلى التوسع في مفهوم العدالة التصالحية بين الأفراد وتطبيق نظام العقوبات البديلة.

فقد أجازت التعديلات الحكومية المقترحة استبدال العقوبة السالبة للحرية في القضايا التي لا تزيد مدة الحكم فيها على ثلاث سنوات، مع إعطاء المحكوم عليه الحق في طلب تأجيل تنفيذ عقوبة الغرامة المحكوم بها لمدة لا تزيد على سنة، أو تقسيطها لمدة لا تزيد على سنتين.

إن الأسباب الموجبة لهذه التعديلات الأخيرة على قانون العقوبات كما أعلنت عنها الحكومة تتمثل بتشجيع أطراف القضايا الجزائية على الصفح واسقاط القضايا المنظورة أمام المحاكم، أو حتى بعد صدور الأحكام القضائية فيها، وذلك ضمن أطر قانونية واضحة ومحددة. كما تهدف هذه المقترحات الجديدة إلى إعطاء المحكوم عليه فرصة بأن يطلب استبدال عقوبة الحبس الصادرة بحقه بالبدائل المقررة بموجب القانون، وذلك وفق شروط معينة تتعلق بعدم ارتكابه لأي سلوك جرمي آخر خلال فترة زمنية محددة.

إن الآثار الإيجابية لهذه المقترحات التشريعية الجديدة تتمثل بالحد من ظاهرة اكتظاظ السجون ومراكز التوقيف، بحيث سيقل عدد الأشخاص الذين سيُحكم عليهم بعقوبات سالبة للحرية، وسيكون هناك توسع في تطبيق فكرة العقوبات البديلة، خاصة في القضايا الجزائية غير الخطرة.

ولغايات الموازنة بين حق الفرد في طلب استبدال عقوبة الحبس الصادرة بحقه ومصلحة المجتمع في الحفاظ على أمنه وسلامته، فقد استثنت التعديلات المقترحة على قانون العقوبات مجموعة من الجرائم الخطرة من فكرة بدائل الحبس، أهمها الجنايات الواقعة على أمن الدولة وعلى الأشخاص ما لم تقترن بالصفح والإسقاط الشخصي، والجنايات المخلة بالوظيفة العامة، والجنايات المنصوص عليها في قانون المخدرات والمؤثرات العقلية، والجنايات الواردة في قانون حماية أسرار ووثائق الدولة، وجنايات الاغتصاب وهتك العرض والخطف الجنائي.

إن إقرار هذه التعديلات الجديدة على قانون العقوبات من شأنه أن يحقق الأهداف التي يتمسك بها النواب المتحمسون لفكرة العفو العام، والذين تلقى شعبوياتهم آذانا صاغية ومناصرة كبيرة من فئة واسعة من أفراد الشعب. فإلى جانب هذه المقترحات الأخيرة، فإن دخول بعض التعديلات الهامة على قانوني العقوبات والتنفيذ حيز التنفيذ خلال الأسابيع القادمة فيما يخص اسقاط الحماية الجزائية عن جرائم الشيكات وعدم جواز حبس المدين بسبب عدم وفائه بالالتزامات التعاقدية كقاعدة عامة، سيحدث فارقا كبيرا في عدد النزلاء الموجودين في مراكز الإصلاح والتأهيل.

ومع ذلك تبقى فكرة العفو هاجسا نيابيا لدى العديد من أعضاء مجلس النواب الحالي، إذ تفيد بعض التقارير الصحفية بأن هناك توجها لدى بعض النواب بتبني مذكرة نيابية تطالب بعفو خاص محدود، يشمل كل محكوم عليه حصل على اسقاط للحق الشخصي وقام بدفع الالتزمات المالية المترتبة عليه لمصلحة المشتكي.

إن العفو الخاص يختلف اختلافا بيّنا عن العفو العام من حيث جهة إصداره والطريقة التي يخرج فيها إلى حيز الوجود؛ فالعفو العام يصدر بقانون خاص عن السلطة التشريعية ممثلة بمجلسي الأعيان والنواب، بالتالي يكون من حق ممثلي الشعب أن يقدموا مذكرات خطية للحكومة أو مقترحات بقانون وفق أحكام المادة (95) من الدستور موقعاً عليها من عدد لا يقل عن عشرة نواب.

أما العفو الخاص، فيصدر عن الملك بإرادة ملكية سامية تحمل توقيع رئيس الوزراء والوزير المختص. فهو بالتالي شأن خاص بالسلطة التنفيذية، ولا يُقبل من السلطة التشريعية أن تتجاوز حدود عملها، وأن تطلب من الحكومة التنسيب إلى جلالة الملك إصدار عفو خاص. فهذا الإجراء يشكل اعتداء من السلطة التشريعية على صلاحيات السلطة التنفيذية وإخلالا بمبدأ الفصل بين السلطات، إذ لا يمكن اعتبار هذه المطالبات من قبيل التشاركية أو التعاون بين السلطتين الدستوريتين.

إن مجلس النواب مدعو اليوم إلى إعطاء مشروع القانون المعدل لقانون العقوبات لعام 2025 بعد الانتهاء من صياغته من قبل ديوان التشريع والرأي وإرساله إليه من الحكومة صفة الاستعجال، بحيث يمكن له أن يضيف ما يراه مناسبا من مقترحات جديدة ترتبط بالغايات التي من أجلها يطالب أعضاؤه بإصدار عفو عام. فتكون التعديلات القادمة على قانون العقوبات هي استجابة للمطالب النيابية والشعبية بإصدار قانون عفو عام جديد، ويتم إغلاق هذا الملف بصورة نهائية.

أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية

laith@lawyer.com











طباعة
  • المشاهدات: 3223
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
15-04-2025 08:46 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل واشنطن و "تل أبيب" قادرتان على مواجهة طويلة الأمد مع الحوثيين بعد تهديد الجماعة بمواصلة استهداف "إسرائيل"؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم