بقلم : يوسف رجا الرفاعي
وكشَّرَت الصين عن انيابها وخرج الكلام من كُبرائها مباشرةً بلا تجميلٍ أو تنميقٍ في الألفاظ موجَّهاً إلى الامريكان بلا ترجمان،،
هذه ساحة حرب حقيقية وساحة مواجهه ، نعم هي حربٌ اقتصادية تجارية ولكن كما هو معلوم فإن مرتكز القوة اليوم هو المال والاقتصاد وهو القادر على الاطاحة بأي نظام عالمي او التحكم فيه كما يعلم الجميع وذلك بادواته الكثيرة ومنها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذين يمثلان رأس الافعى او الغول الذي يفتك بالمجتمعات التي يدخلانها فلا يخرجان منها إلا وهي خاوية على عروشها والأمثلة الحية على ذلك كثيرة ،
في ساحة الحرب هذه يقف فيها رأس الهرم الصيني ومعه كبار قادته السياسيين وقوفاً شامخا مليء بالتحدي والشجاعة والقوة والجرأة التي لم يعتد العالم عليها من قبل ، فالصورة الذهنية النمطية عن الصين انها دولة لا تحب المواجهة باي شكل من اشكالها ولا تُظهِرُ عضلاتها ولا تُفصِحُ عن شيء من نهجها وسلوكها السياسي أبداً ،
ولكن عندما حانت ساعة المواجهة وفُرِضَت عليها تلك القرارات التعسفية رأيناها الى هذه اللحظة تُسجِّلُ انتصاراً كاسحاً اذهل الأمريكيين وأفقدهم توازنهم وجعلهم يعودون الى مراجعة قراراتهم فكما يرى العالم ويسمع انهم اوقفوا كثيراً منها وعدَّلوا على بعض منها وألغوا جزء منها، اما الشارع الامريكي فلا يخفى على احد ما هو فيه من ارباك.

في استطلاعات للرأي في الشارع الاميركي عن امكانية او احتمالية رد الصين على الاجراءات التصعيدية التعسفية التي اتخذها الرئيس الأميركي حيال الصين كانت نتائج تلك الاستطلاعات غالبيتها تقول ان الصين لن تَرُد وانها مُسالِمةً وان الامر محسوم ،
وهذا ما سمعناه ايضاً على لسان بعض السياسيين والمسؤولين الحاليين في الادارة الأمريكية،
وإذ بالصين تخرج من قمقمها ليظهر المارد الصيني على حقيقته بظهور صاعق للمجتمع الامريكي بكافة أشكاله وأطيافه السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والاجتماعية ،
وفي الحقيقة فإن في هذا الشأن امر جدير ان يؤخذ بالحسبان وذلك اذا ما تعرضت امة الى ما يهدد امنها واستقرارها الاقتصادي والاجتماعي والمالي فإن كل بيانات واستطلاعات للرأي تصبح غير ذات قيمة أو اهمية وخاصة ما يتعلق بالشعوب التي توصف بأنها حيَّة ، تمرض ولكن لا تموت .

ان اصوات النخب من المفكرين والمثقفين والسياسيين الأمريكيين هي اصدق تعبير عن الخلخلة الحقيقية التي ضربت المجتمع الامريكي طولاً وعرضاً
وان التخوف من تصاعد هذه المواجهة المحسومة نتائجها لصالح الصين هو امر حقيقي،
وما الصدمة التي اصابت امريكا عندما فاجأتها الصين بضرب احد اهم اركان الاقتصاد الاميركي الذي لم يكن بالحسبان عندما أعلنت الصين عن دخول قطاع الزراعة ضمن هذا الصراع وهذا القطاع ( الزراعي) يمثل عصب المجتمع الامريكي الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بصورة مباشره ليست اقل صدمة من الرد المباشر على رفع الرسوم الى الرقم الغير مسبوق
بل صدمة موضوع الزراعة اشد واقوى .

امريكا قالت للعالم " لا تصفعني على وجهي اذا صفعتك على وجهك " لم يَرُدّ على هذا التحذير الامريكي الذي يخلو من اللياقة اللفظية والدبلوماسية إلا الصين على لسان وزير خارجيتها بشكل مباشر يقول لهم اي منطق هذا ! إن الصين تقول لكم
اذا صَفَعتَني على وجهي سأصفعك على وجهك ، ويُتبِعُها بقوله العين بالعين،
ثم يرد على نائب الرئيس الامريكي الذي وصف الصين " بازدراء " بأنهم فلاحين حيث رد عليه بكلام قاس جارح فقال له عُد الى جامعة ييل التي تخرجت انا وانت منها لتدرس من جديد لكي لا تظهر امام العالم كرجل احمق ،
هذه حربٌ يبدو انها ستكون مثل كرة الثلج
وربما يتسع نطاقها بحيث تطال القاصي والداني على هذه الأرض وربما هذه هي البداية فقط لأن الصين لم تستخدم في هذه الحرب سوى بعض أدوات الضغط على امريكا وان لديها من اسلحة الضغط الاقتصادي ما يُمَكِّنها من الفتك بالاقتصاد الامريكي وملحقاته ما يجعل من موضوع الرسوم الجمركية امرٌ سخيف لان الكارثة ستكون اعظم واشمل ، وهي قادرة على ذلك .
يوسف رجا الرفاعي