حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,24 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5264

احمد الرجوب يكتب: يوم العَلَمْ .. حين تتحدث الراية بلغة الوطن

احمد الرجوب يكتب: يوم العَلَمْ .. حين تتحدث الراية بلغة الوطن

احمد الرجوب يكتب: يوم العَلَمْ ..  حين تتحدث الراية بلغة الوطن

16-04-2025 02:42 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أحمد عبد الباسط الرجوب
في السادس عشر من نيسان من كل عام، يحتفي الأردن بيوم علمه الوطني بقلوب مفعمة بالفخر والاعتزاز، حيث تتحول الراية الهاشمية إلى لغة توحد المشاعر وتجسد معاني التضحية والانتماء. هذا اليوم ليس مجرد مناسبة، بل هو لقاء بين الماضي العريق والمستقبل الواعد، حيث يستذكر الأردنيون تضحيات الأجداد والأبناء الذين رووا بدمائهم الطاهرة تراب هذا الوطن ليظل شامخاً حراً أبيّاً.

العلم الأردني، بدمائه الأربعة والنجمة السباعية، هو راية الوحدة والحرية والكرامة التي ناضل من أجلها أحرار الأمة. إنه ليس مجرد رمز، بل هو شاهد على قرن من البطولة والإنجاز، منذ أن رفرف لأول مرة مع إعلان استقلال المملكة عام 1946، حاملاً في طياته قصة شعب آمن بوحدته وقضيته، فكان حاضرا في كل ساحات الشرف، من معركة القدس إلى معركة الكرامة الخالدة، حيث توارث الأبطال الراية جيلاً بعد جيل، لتظل خفاقة شامخة تروي ملحمة أمة ترفض الانكسار.

وفي زمن التحديات الإقليمية والعولمة الثقافية، يصبح العلم درعاً يحفظ خصوصية الأردن وتاريخه، ويذكّر الأجيال بأن الانتماء ليس شعاراً، بل التزاماً بالقيم التي بُنيت عليها الدولة: الوحدة، التسامح، والإصرار على البقاء. كل لون في العلم يحمل رسالة: الأسود للعباسيين، الأبيض للأمويين، الأخضر للفاطميين، والأحمر لهاشميين، والنجمة السباعية لسورة الفاتحة التي توجت مسيرة الأمة.

وتأتي حملة "علمنا عالٍ" هذا العام 2025 لتؤكد أن العلم الأردني يستقر في أفئدة الأردنيين جميعاً، فهو ليس مجرد قطعة قماش، بل هو رمز البلاد والصورة الوطنية التي تشكل محطة اعتزاز يشار لها بالبنان. فالعلم هو الراية التي تعلو فوق الهامات، وله دلالات كثيرة تمثل بألوانه وتصميمه تاريخاً ناصعاً يحكي الماضي والحاضر والمستقبل.

وعندما يرفع الطفل الأردني العلم في مدرسته، أو يشارك في فعاليات يوم العلم، فهو لا يحمل قطعة قماش، بل يرث مشروعاً وطنياً بدأه الثوار واستكمله البناة. هذا اليوم يتحول إلى فصلٍ حيوي في التربية الوطنية، حيث يتعلم الصغار أن الراية التي ترفرف اليوم سُلّمت إليهم بثقة، وسيكونون هم حراسها غداً. إنه حوارٌ صامت بين جيلٍ صنع الاستقلال وجيلٍ يصنع المستقبل.

النجمة السباعية في قلب العلم ليست زخرفةً فحسب، بل هي بصمة الأردن الفريدة. ترمز إلى المثاني السبع في سورة الفاتحة، ولكنها أيضاً تعكس قدرة الوطن على جمع تنوعه تحت مظلة واحدة. فالأردن، برغم تحديات الجغرافيا والسياسة، ظلّ نموذجاً للتعايش بين أبنائه من أصولٍ مختلفة، تُوحّدهم النجمة كما توحدهم الأرض والتاريخ.

إن التشريعات الأردنية التي تحمي العلم من أي امتهان تؤكد مكانته السامية كرمز للسيادة والهوية. فهو يرفرف فوق مباني السفارات ليبعث الطمأنينة في قلوب الأردنيين المغتربين، ويشكل تعبيراً عن الترابط العميق بين المواطن وتراب الوطن. للعلم لغةٌ يفهمها كل أردني في الغربة، فهو عندهم "وطنٌ متنقل". في يوم العلم، يتذكر المغتربون أن حنينهم إلى التراب والجوّ ليس ضعفاً، بل دليلاً على أن الانتماء لا يُقاس بالمسافات.
وهنا لا بد من التذكير بأن هذا العلم مر بمراحل تطور منذ الثورة العربية الكبرى عام 1916، حتى استقر على شكله الحالي عام 1928 عندما أضيفت إليه النجمة السباعية لتبقى شاهداً على عراقة هذا الوطن. وفي كل مرةٍ يرفرف فيها العلم الأردني عالياً، يرسل الأردن رسالةً إلى العالم بأنه باقٍ رغم العواصف. هذا اليوم هو فرصةٌ لتذكير المجتمع الدولي بأن الأردن، برموزه وتضحياته، لم يكن يوماً طرفاً في الصراعات، بل حارساً للقيم العربية والإنسانية. العلم هنا يصبح وسيلة دبلوماسية صامتة تقول: "هذا وطنٌ يُحترم".

الخاتمة
يوم العلم الأردني هو يوم تجديد العهد مع القيم والمبادئ التي حملتها الراية الهاشمية عبر التاريخ. إنه اليوم الذي نستذكر فيه أن الأردن مسيرة لا تتوقف، وعلم لا ينكس، ووطن لا يموت. فلنرفع علمنا عالياً كما رفعناه دائماً، ولنكن كما أرادنا الآباء والأجداد: أردنيين حتى النخاع، أوفياء لهذا العلم الذي يجمعنا تحت ظل النجمة السباعية، رمز المثاني السبع التي تذكرنا دوماً بأن الأردن باقٍ شامخاً بعزيمة أبنائه وإرادة قيادته.

"عربي الراية يا وطني ... يا قلعة مجد لم تهن"
"من أفق سمائك يا علمي ... وبريق النهضة والهمم"

كاتب وباحث اردني











طباعة
  • المشاهدات: 5264
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
16-04-2025 02:42 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم