بقلم : مكرم أحمد الطراونة
منذ أن أعلن الأردن توقيف الخلية الإجرامية، والكشف عن الأعمال التي خططت لها حتى الآن، بدأت هجمة إعلامية منظمة بواسطة جهات وشخصيات وصفحات معروفة بتوجهاتها وتمويلها، ولا يمكن الخطأ بالنسبة لهويتها.


تضافرت جهود جماعة الإخوان المسلمين ومناصريهم ومموليهم، في هجمة مركزة تحت عنوان أن الأردن يستهدف المقاومة، ويريد كسر شوكتها، في واحدة من الحملات الدنيئة التي تستهدف تزوير الوعي، وإبعاد التفكير عن حقيقة الفعل الإجرامي الذي ارتكبته الخلية، والتجاوز عن أنها عرّضت أمن البلد والمواطن للخطر، وأجرت اتصالات داخلية وخارجية، وتدريبات عسكرية وفنية للبدء بالتنفيذ.

ورغم أن جميع تلك الجهات واللوبيات المتصلة بها، والمتعاطفين مع الخلية ومخططاتها، انتقدوا ما أسموه "المحاكمات الشعبية" للمتهمين، وبعضهم دعا إلى منع النشر في الحادثة، وترك الحكم للقضاء، كما شنّوا هجوما كبيرا على كل شخص دافع عن مصلحة الأردن وشعبه، إلا أن الجميع، وبلا استثناء، سمحوا لأنفسهم بأن يأخذوا مكان القضاء، وأن يقرروا بما لا يدع مجالا للشك بأن الهدف من تأسيس هذه الخلية وتدريبها وتسليحها هو دعم المقاومة، رغم أن السياقات جميعها تضعف مثل هذا السيناريو.
التوصيفات السياسية التي اعتمدها هؤلاء هوّنت كثيرا من حجم الجريمة، ففي قرارة أنفسهم إذا كان الهدف هو دعم المقاومة، فلا بأس من تدمير الأردن وتخريبه وإشاعة الفوضى في أرجائه. إنهم يسوّغون الوسائل الإجرامية التي يلجأون إليها والتي تفتقر إلى أدنى مقومات الطهارة والخلق، من أجل هدف متخيّل لم تثبت صحته لدى المجموعة الإجرامية.
هل هناك، حقا، دولة ترضى بمثل هذه المعادلة المختلة الفاسدة، والتي تفتح الباب واسعا أمام الفوضى والخراب وعدم الاستقرار؟!!
أمس، يطل علينا التنظيم العالمي لجماعة "الإخوان"، ببيان يتخطى فيه جميع الأعراف والقوانين، محاولا "دق الأسافين" بين الشعب الأردني ودولته، عندما يحاول التفريق بين سلوك الطرفين، ففي حين يقول إن الشعب يدعم المقاومة، يدّعي أن أجهزة الدولة تعمد إلى "اعتقال" داعمي هذه المقاومة.


ويذهب البيان إلى تكريس الكذب والخداع وممارسة عميقة لـ"التقية" حين يدّعي موقف الجماعة الثابت "من حبّ الأوطان والحفاظ عليها"، وهو ادعاء زائف يسقط في اللحظة الأولى التي يستعرض أي واحد فينا ممارسات الجماعة في الأقطار المختلفة، والتي حاولت إشعالها وتخريبها سعيا منها وراء شهوة السلطة والحكم، وتحقيقا لإرادة مشغليها من الجهات والدول التي تمتلك مشاريع للمنطقة، في موازاة المشروع الصهيو– أميركي، والمشروع الإيراني، وهي في مجملها مشاريع تتعارض مع المصلحة العربية، التي وللأسف الشديد لم تعبّر عن نفسها حتى اليوم.


إن التعلل بأن هذه الخلية الإجرامية كانت تستهدف دعم المقاومة ومحاربة الاحتلال، وأن من حقها امتلاك السلاح وتصنيعه وتخزينه وتعريض الأمن الوطني للخطر، هو قفز عن جميع الأعراف والمبادئ، وتحطيم لمفهوم احتكار الدولة للسلاح واستخدامه، وإشاعة لمفاهيم بدائية لا تحتكم إلى القوانين، وتريد إشعال الفوضى في الأردن، وهو ما تريده تماما جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية التي يزدهر عملها في مثل هذه الأجواء، وتكون أقرب إلى تحقيق أهدافها وأهداف مموليها ومشغليها.


الدولة الأردنية مطالبة اليوم بموقف حازم من الجماعة، بعد أن ثبت مرارا سلوكها الانتهازي والإجرامي الذي لا يتورع عن إدخال الأردن في نزاعات ومواجهات مسلحة تطيح بالسلم المجتمعي والاستقرار. إن أي تأخير في اتخاذ قرار حاسم تجاهها، يعرضنا للخطر الكبير.

الغد