حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,26 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 7528

د. أحمد بطّاح يكتب: لبنان على مُفْترق طرق؟!

د. أحمد بطّاح يكتب: لبنان على مُفْترق طرق؟!

د. أحمد بطّاح يكتب: لبنان على مُفْترق طرق؟!

20-04-2025 10:32 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. أحمد بطّاح
يبدو أنّ لبنان، في ضوء التطورات الأخيرة في الإقليم يقف على مُفْترق طرق، ويبدو أنّ السؤال حول توجّه لبنان الجديد أصبح منطقياً وملحاً، ولعلّ جوهر التغيير الذي سوف يكون له ما بعده في هذا السياق هو: سلاح حزب الله، فهل سيتم نزع سلاح الحزب؟ أو هل سوف تتسلم الدولة هذا السلاح وتصبح هي حصراً المسؤولة عن أمن البلاد وذلك انطلاقاً من أنّ الدولة -أيّة دولة- هي الجهة التي تملك الحق في اقتناء السلاح، وأنّ أيّ سلاح يُصبح غير شرعي، إذا كان بيد غير يد الدولة؟

إنّ معظم المؤشرات المحلية والإقليمية والدولية توحي بأنّ حزب الله مُتوجّه إلى تسليم سلاحه إلى الدولة اللبنانية، ولعلّ أهم المؤشرات المحلية هي:

أولاً: أنّ «الحاضنة الاجتماعية» للحزب في (الجنوب اللبناني، البقاع، الضاحية الجنوبية لبيروت) قد تضررت كثيراً بسبب الحرب الأخيرة، ومن الواضح أن هذه الحاضنة بحاجة ماسة إلى وقت لكي تلتقط أنفاسها، وتعيد بناء ذاتها، وبخاصة في ضوء تراجع قوة الحزب القتالية والتنظيمية، (وفقدانه لقيادته)، وتضاؤل مصادره المالية، التي كانت تأتي أساساً من إيران. إنّ الحزب ما زال له أنصاره بين أبناء هذه الحاضنة بلا شك، وبلا شك أيضاً أنّ كثيرين من أبناء هذه الحاضنة قد تكون لديهم الرغبة في مواصلة لعب نفس الدور على الصعيد اللبناني الداخلي،?وضد إسرائيل على الصعيد الخارجي، ولعلّنا يجب أن نضيف هنا أن الحاضنة الاجتماعية لحزب الله في لبنان عانت تاريخياً من التهميش، ولكنها أثبتت نفسها خلال الأربعين سنة الأخيرة، ولم تعد بحاجة إلى ما يمكن أن نسميه في مصطلحات علم النفس، بتحقيق الذات (Self-actualization).

ثانياً: أجواء الداخل اللبناني، حيث تم انتخاب رئيس جمهورية جديد، ورئيس وزراء جديد، وهما مصممان (كما ورد في البيان الوزاري) على استعادة لبنان «الرسمي» الذي يمثل الدولة اللبنانية داخلياً وخارجياً، أمّا على الصعيد الشعبي، فإنّ مما لا شك فيه أن أغلبية اللبنانيين (خارج الحاضنة الاجتماعية لحزب الله) تريد أن ترى الدولة اللبنانية، وهي تستعيد نفسها ودورها، ومن المرجّح أن أيّ استطلاع يتم إجراؤه الآن سوف يشير إلى توجه معظم اللبنانيين إلى استرجاع هيبة الدولة ومسؤوليتها الحصرية في موضوع حمل السلاح، وبخاصة في ضوء الدمار ?لكبير الذي لحق بلبنان في الحرب الأخيرة، فضلاً عما تعانيه البلاد أصلاً بسبب انفجار مرفأ بيروت، وتردي الوضع المصرفي اللبناني، وسوء الأحوال الاقتصادية بشكل عام.

ثالثاً: الوضع الإقليمي، ولعلّ أهم ما فيه تولي الإدارةِ الجديدة للحكم الانتقالي في سوريا، والتي لم تخفِ عداءَها الواضح لإيران ولحزب الله. إنّ بروز النظام الجديد في سوريا يحرم حزب الله من «حليف» إقليمي مهم، وممر استراتيجي للأسلحة والمعونات القادمة من إيران (الحليف الإقليمي الأهم لحزب الله) ولعلّ هذا بالضبط ما يساعد الحُكم الجديد في لبنان على الإصرار على تحجيم دور حزب الله، والإصرار على لَعبهِ دوراً سياسياً دون أسلحة في يديه، وغني عن القول إن العامل الإسرائيلي هو عامل إقليمي مهم أيضاً فإسرائيل بعد ما حققته في?الحرب الأخيرة تُلح على نزع سلاح حزب الله أو نقله على الأقل إلى يد الدولة اللبنانية، وهي تضغط في هذا الاتجاه كل يوم من خلال الضربات التي تَطَال الضاحية الجنوبية أحياناً، بل تطال أفراداً قياديين بأعينهم يتنقلون هنا وهناك.

رابعاً: الوضع الدولي، حيث تصر الدول الفاعلة، وبالذات الولايات المتحدة الأميركية، ومن ورائها فرنسا ومعظم الدول الغربية على إنجاز هذا الموضوع، وتحويل حزب الله إلى «حزب سياسي» يعبر عن «حاضنته الاجتماعية» ولكنه لا يستطيع أخذ قرار الحرب بيده والجور على سلطة الدولة الممثل الشرعي والوحيد للمجتمع اللبناني.

إنّ هذا الموقف الدولي مسنود، بطبيعة الحال بالقوانين الدولية التي تنص بوضوح على أن أيّ سلاح خارج سلطة الدولة هو سلاح غير شرعي، ولعلّنا نُضيف إلى هذا البُعد الدولي الضغوط القصوى التي تمارسها أميركا على إيران، والحوار الحاصل الآن بين الولايات المتحدة وإيران، فالولايات المتحدة لا تفاوض إيران من أجل منعها من امتلاك السلاح النووي فقط، بل من أجل تحديد قدراتها «الصاروخية الباليستية»، ومن أجل تحجيم نفوذها (Leverage) الجيوسياسي في الإقليم.

ما الذي سوف يتم في هذا الإطار بالضبط؟ لا أحد يستطيع أن يجيب إجابة قاطعة، ولَكّنَ المؤشرات جميعها: المحلية، والإقليمية، والدولية تشير إلى أنّ الموضوع سائر في اتجاه نزع سلاح حزب الله أو على الأقل تسليمه إلى الجيش اللبناني. هل هذا سوف يكون سهلاً؟ بالتأكيد لن يكون كذلك، فهناك قوى داخل الحزب ترفض هذا التوجه، وهناك قوى داخل الحاضنة الاجتماعية للحزب ترفض هذا التوجه أيضاً، وذلك فضلاً عن التأثير الإيراني الذي ضَعُف ولكنه لم يَنتهِ، وفضلاً عن بعض الظروف الأخرى التي قد تعيق عملية التحول هذه، وعلى أيّة حال، فما علينا ?لّا أن ننتظر ونرى، فالدنيا دائماً حُبلى بالمتغيرات!











طباعة
  • المشاهدات: 7528
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
20-04-2025 10:32 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم