22-04-2025 09:55 AM
بقلم : د. رعد محمود التل
يأتي الاتفاق الأخير بين الأردن وصندوق النقد الدولي ليعكس ستة محاور رئيسية تحدد ملامح المرحلة الاقتصادية المقبلة: أولها، قدرة الأردن على الحفاظ على استقرار اقتصادي نسبي رغم التحديات الإقليمية؛ وثانيها، توقعات متفائلة مشروطة بتحسن النشاط المحلي والسياحة في عام 2025؛ وثالثها، التوجه نحو إصلاحات هيكلية طويلة الأمد في قطاعي المياه والطاقة ضمن تسهيل الصلابة والاستدامة؛ ورابعها، التزام مستمر بتحسين المالية العامة وخفض الدين العام حتى عام 2028؛ وخامسها، تحديات قائمة في سوق العمل تتطلب إصلاحات أعمق وأسرع؛ وسادسها، ?جود نقاط قوة يجب البناء عليها مثل استقرار القطاع المصرفي واحتياطيات النقد الأجنبي. هذه المحاور مجتمعة ترسم صورة اقتصاد يملك مقومات التقدم، لكنه يحتاج إلى تسريع وتيرة الإصلاح والارتكاز على شراكة وطنية شاملة.
أولاً: استقرار في خضم التحديات، فبرغم الظروف الإقليمية الصعبة، وخاصة تداعيات الحرب في غزة ولبنان، وازدياد حالة عدم اليقين على مستوى التجارة العالمية، إلا أن الاقتصاد الأردني حافظ على استقرار نسبي. فمعدل النمو في عام 2024 بلغ 2.5%، في حين بقي التضخم تحت مستوى 2%، وهي مؤشرات جيدة في بيئة إقليمية وعالمية مضطربة.
ويرجع هذا الثبات إلى التزام الأردن بسياسات الاقتصاد الكلي السليمة، والدور الحاسم للبنك المركزي الأردني الذي حافظ على استقرار الدينار مقابل الدولار واحتفظ باحتياطيات أجنبية مريحة. كما ساعدت السياسة المالية في محاولة ضبط عجز الموازنة -الى حدٍ ما- من خلال إجراءات تعويضية خففت من أثر انخفاض الإيرادات.
وحسب بيان بعثة صندوق النقد الدولي فإن استكمال هذه المراجعة سيؤدي إلى توفير مبلغ قدره 97.784 مليون وحدة من حقوق السحب الخاصة (حوالي 130 مليون دولار أميركي) من أصل SDR 926.370 حوالي 1.2 مليار دولار المتفق عليه سابقًا.
ثانياً: تفاؤل مشروط لعام 2025، حيث يتوقع صندوق النقد أن يرتفع النمو إلى 2.7% في 2025، مع تعافي السياحة وتحسن الطلب المحلي. وتأتي هذه التوقعات في ظل تعزيز الاستثمارات، خاصة مع تحريك عدد من المشاريع الكبرى مثل مشروع الناقل الوطني والاعلان قريباً عن مشروعات كبرى تنفيذاً لرؤية التحديث الاقتصادي. كذلك، يمكن للتقارب الاقتصادي الإقليمي، لا سيما مع العراق وسوريا ولبنان، أن يفتح فرصاً جديدة أمام الصادرات الأردنية وقطاع الخدمات.
لكن هذا التفاؤل يبقى مشروطاً بعدم حدوث صدمات إضافية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو مرتبطة بالتغيرات في الأسواق العالمية. فالمخاطر لا تزال قائمة، والعجز في الحساب الجاري لا يزال مرتفعاً (5.9% من الناتج في 2024)، وهو ما يتطلب الحذر في إدارة السيولة الخارجية.
ثالثاً: المرونة والاستدامة للاقتصاد الاردني – إصلاح بنظرة طويلة الأجل، فالنقطة الأبرز في البيان الأخير لمراجعة الصندوق هي التقدم نحو ترتيب جديد ضمن برنامج «تسهيل المرونة والاستدامة»، وهو آلية تمويل تركز على معالجة التحديات الهيكلية طويلة الأمد، مثل إدارة قطاعي المياه والكهرباء، وتعزيز الجاهزية الصحية.
فالقطاعان المشار إليهما، المياه والطاقة، يشكلان أحد أبرز مواطن الضعف في الاقتصاد الأردني، ويستنزفان المالية العامة ويؤثران على تنافسية الاقتصاد. إصلاح هذه القطاعات لا يعالج فقط كفاءة الإنفاق، بل يسهم في تحسين ثقة المستثمرين وتعزيز النمو في المدى الطويل.
هذا التوجه نحو دعم إصلاحات ذات طابع استراتيجي طويل الأمد، يعكس وعياً متزايداً لدى الحكومة بأهمية معالجة جذور الخلل الهيكلي، وليس فقط التعامل مع أعراضه المالية الظاهرة.
رئيس قسم الاقتصاد – الجامعة الاردنية
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-04-2025 09:55 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |