حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,24 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5747

أ. د. ليث كمال نصراوين يكتب: الدولة الأردنية لا تنتقم من أحزابها

أ. د. ليث كمال نصراوين يكتب: الدولة الأردنية لا تنتقم من أحزابها

أ. د. ليث كمال نصراوين يكتب: الدولة الأردنية لا تنتقم من أحزابها

22-04-2025 09:57 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
يتسابق المحللون السياسييون المشككون بالرواية الحكومية من المخططات الإرهابية التي كان يحاول البعض تنفيذها على الأراضي الأردنية، في تقديم آرائهم وإصدار بياناتهم التي تهاجم الدولة الأردنية وتتهمها بأنها تسعى إلى تصفية جهات دينية أو أحزاب سياسية بعينها.

ويتمسك أصحاب هذه المقولات المغلوطة بما تبلور من موقف شعبي غاضب ومناهض لجماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي، والذي جاء نتيجة الاعترافات التي أدلى بها المتهمون بتنفيذ الأعمال الإرهابية وشاهدها العالم بأسره على المحطات التلفزيونية، بأن معظم أفراد العصابة هم أعضاء في جماعة الأخوان المسلمين.

إن ردود فعل الشارع الأردني والفعاليات الشعبية الغاضبة التي وصلت إلى محاولة الاعتداء على بعض نواب الحركة الإسلامية يجب ألا يتم تحميله الدولة بأجهزتها المختلفة، فهي ليست مسؤولة عن مواقف الأردنيين المحبين لوطنهم والرافضين لأي محاولة للمس بأمنه واستقلاله. فالدولة الأردنية لا تُنصب نفسها عدوا مع أي من الكيانات أو الجماعات التي تعمل على أرضها وضمن اختصاصها الإقليمي، فهي من سمحت بوجود هذه الأحزاب التي وافقت على ترخصيها، ومنحتها الشخصية القانونية لكي تقوم بتنفيذ البرامج والأهداف التي أنشئت من أجل تحقيقها.

وما يعزز من الموقف الرسمي الرافض لفكرة المؤامرة على أحزاب الدولة، أن البيان الرسمي لدائرة المخابرات العامة لم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى تورط جهات معينة أو أحزاب بعينها في المخططات الإرهابية. كما أن وزير الاتصال الحكومي لم يتحدث بشكل مباشر عن ارتباط المتهمين بأي جهة أو حزب سياسي في تصريحه الصحفي أمام وسائل الإعلام، وإنما جاء على ذكر جماعة أردنية منحلة بحكم القانون في معرض إجابته على سؤال وجهه له أحد الصحفيين.

إن مجريات القضية الجزائية التي ستنظرها محكمة أمن الدولة خلال الفترة القادمة وقرار الحكم النهائي الذي سيصدر فيها هو من سيقرر مدى ارتباط المتهمين بجماعة الأخوان المسلمين ويثبت حقيقة اعترافاتهم المصورة. كما سيكشف القرار القضائي عن أي صلات جرمية أخرى للمتهمين بجهات وأحزاب سياسية معينة كحزب كجبهة العمل الإسلامي، بحيث إذا ثبتت هذه العلاقة الجرمية، سيتم اتخاذ الإجراء المناسب بحق كافة الأطراف المتورطة، والتي قد يصل مداها إلى حل الحزب المعني أو إغلاق الجهة المتورطة بالفعل الإرهابي وفق أحكام القانون.

بالتالي، فإن امتداد أثر القضية الإرهابية ليشمل حزب جبهة العمل الاسلامي أو أي مؤسسة أخرى يجب ألا يُنظر إليه على أنه محاولة من الدولة للانتقام من أحزابها الوطنية؛ فالحزب أو أي جهة أخرى ليس أكبر أو أهم من الدولة، ولا يعتبر ندا لها لكي تقوم السلطة الحاكمة بالانتقام منه أو تسعى إلى الإطاحة به.

من هنا، فإن ما يقوم به البعض من محاولة الاصطياد بالماء العكر والضرب على وتر النسيج الوطني وأهمية الحركات الاسلامية على مدار التاريخ لن يحقق أي فائدة على الإطلاق، فصديق الأمس من الممكن أن يتحول إلى عدو اليوم باختلاف الشخوص والسياسات. ومع ذلك، تبقى الدولة الأردنية هي الراعية لأحزابها ومؤسساتها الوطنية، فهي لا تنتقم منهم ولا تسعى بطرق غير مباشرة إلى تصفيتهم، بل تتعامل معهم وفق أحكام القانون الصادر عنها والذي تطبقه على الجميع دون تمييز أو محاباة.

وما يعزز من القول بأن الدولة الأردنية لا تستغل الفرص للنيل من أحزابها الوطنية أنه قد سبق للجهات الدستورية التابعة لها والتي تشرف على الأحزاب السياسية أن أصدرت قرارا بحل حزب الشراكة والإنقاذ لمخالفته أحكام القانون، فلجأت إلى التطبيق المباشر للنصوص القانونية ولم تأخذ مسارا ضمنيا لهذه الغاية. وقد خاض الحزب المنحل معركة قانونية شرسة للاعتراض على القرار الصادر بحقه، وقال القضاء الأردني كلمته العليا لصالح تأكيد مشروعية قرار الحل.

وعليه، فإنه يتعين على أي جهة حزبية وطنية قد تشعر بخطر على وجودها القانوني جراء مباشرة محكمة أمن الدولة النظر في قضية الخلايا الإرهابية أن تحرص على شرح وجهة نظرها والدفاع عن براءتها أمام القضاء الأردني. فحزب جبهة العمل الإسلامي لديه صف من المحامين البارعين الذين يمكن لهم أن يتولوا الدفاع عن المتورطين بالجرائم الإرهابية أمام المحكمة المختصة، وأن يقدموا ما بجعتبهم من أدلة وبراهين على عدم وجود أي صلة بين هذا الحزب والعمليات الإرهابية التي كان ينوي الإرهابيون تنفيذها في الأردن.

فإن نجح هؤلاء القانونيون في إثبات براءة حزب جبهة العمل الإسلامي من العمليات الإرهابية، سيصدر قرارا قضائيا قطعيا بعدم إدانتهم، وإلا فعليهم الانصياع إلى أحكام القانون وتحمل التبعات السياسية والوجودية التي ستترتب على ثبوت مخالفتهم للالتزامات التي يفرضها القانون على الأحزاب السياسية الأردنية.

وإلى أن تفصل محكمة أمن الدولة بقضية الإرهابيين، فإنه يجب على الأصوات الإسلامية الحزبية أن تراعي المصلحة العامة، وأن تتوقف عن اتهام الدولة بالتحريض والتجييش ضدها؛ فالدولة ليست معنية ببقاء حزب معين من عدمه، ولا يعني لها التاريخ النضالي الذي يتمسك به البعض لدفع الشبهات عنه. فمن يخالف القانون يجب أن يلقى الجزاء العادل بصرف النظر عن بطولاته السابقة التي لن تشفع له بالبقاء، في حال ثبوت تورطه بالتآمر على أمن الوطن وسلامة أبنائه.

أستاذ القانون الدستوري وعميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة

laith@lawyer.com








طباعة
  • المشاهدات: 5747
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-04-2025 09:57 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم