23-04-2025 12:34 PM
بقلم : رانيا إسماعيل
في عالم تزداد فيه الغرابة يومًا بعد يوم، لم يعد من المستغرب أن نسمع عن أشخاص يرتبطون عاطفيًا بأشياء جامدة. جوزيف جيسو قرر الارتباط بكلبة وأقام لها حفلة زفاف، وشانج تزوج من دمية بلاستيكية، وجين جيو تزوج من وسادة، بينما تزوجت إيريكا من برج إيفل في عام 2007، وتزوجت إيما ماكابي من شجرة. أما يواكيم فقد اختار قطارًا بخاريًا شريكًا له، وتزوجت إيجا إيكيلوف من جدار برلين عام 1979. وفي عام 2023، وقع رجل في حب سيارته، بينما جذب تطبيق "ريبليكا" الآلاف في علاقات عاطفية افتراضية، حتى أن إزالة خاصية العلاقات الحميمية من التطبيق أدّت إلى انهيار نفسي لدى العديد من المستخدمين، الذين طالبوا بإعادتها باعتبارها تمثل "الشريك الحقيقي" في حياتهم.
واليوم، في عام 2025، تظهر حالة جديدة مثيرة للجدل: فتاة ترغب في الزواج من ChatGPT .
ما هي الأوبجيكتوفيليا؟
الأوبجيكتوفيليا (Objectophilia) هي انجذاب جنسي وعاطفي تجاه الأشياء أو الجمادات. ليست مجرد حالة من التعلّق، بل تتطور في كثير من الحالات إلى مشاعر حب وغرام، وقد تشمل غيرة، نقاشات، صور تذكارية، وأحيانًا طلاق! يرى البعض أن الجماد يبادلهم المشاعر، ويعتقدون أن له القدرة على الإحساس بالعواطف. ورغم كل ذلك، لم يتم الاعتراف بهذه الظاهرة كمرض نفسي ضمن الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية 5DSM، وهي ما تزال غير معروفة بشكل كافٍ كغيرها من الاضطرابات النفسية، إذ أن المعلومات حولها محدودة وغير دقيقة.
أظهرت دراسات حديثة أن هناك ارتباطًا محتملًا بين الأوبجيكتوفيليا وسمات من طيف التوحد والتخيلات الحسية، نظرًا للانشغال العميق بالأشياء، إلا أن هذه الدراسات لا تعني بالضرورة أن كل المصابين بالأوبجيكتوفيليا يعانون من التوحد، ولا يمكن تعميم النتائج بشكل قاطع.
ما بين الحرية الشخصية والاضطراب النفسي
رغم غرابة الفكرة، يرى بعض الناس أن الانجذاب نحو الأشياء يدخل في نطاق "الحرية الشخصية"، كما حدث سابقًا مع المثلية الجنسية التي أُزيلت من قائمة الاضطرابات النفسية. بالمقابل، هناك من يفسر الأوبجيكتوفيليا كنوع من الهوس أو كأحد أعراض الاضطرابات الجنسية. وقد تترافق هذه الظاهرة مع مشكلات نفسية أخرى مثل الاكتئاب، القلق، الشخصية التجنبية، الشعور بالوحدة، العزلة، فقدان الثقة بالبشر، أو حتى اضطرابات الهوية والتعلق.
حتى الآن، لم تتوصل الأوساط العلمية إلى إجماع حول كيفية تصنيف هذه الظاهرة، ولا توجد أدلة كافية لحسم طبيعتها، مما يجعلها واحدة من أكثر الحالات النفسية غموضًا وإثارة للتساؤلات.
الحاجة إلى العلاج والإرشاد النفسي
من وجهة نظري، فإن الأشخاص الذين يميلون إلى إقامة علاقات عاطفية أو جنسية مع أشياء جامدة، يحتاجون إلى تدخل علاجي وإرشادي، خاصة إذا أثّرت هذه العلاقة على حياتهم الاجتماعية أو الجنسية أو النفسية، أو تسببت لهم في شعور بالضيق أو الحرج أمام الأسرة أو في بيئة العمل. من الضروري في هذه الحالة العمل على تغيير نمط التفكير عبر العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، أو من خلال العلاج الوجودي لإيجاد معنى أعمق للحياة، أو حتى من خلال العلاج الديناميكي الذي يهدف لاكتشاف الجذور النفسية للمشكلة.
كما أن العلاج الجماعي ومجموعات الدعم المتخصصة في قضايا الهوية والانجذاب غير الطبيعي يمكن أن تكون ذات فائدة كبيرة. وفي حالات معينة فقط، قد يُستخدم العلاج الدوائي للتخفيف من أعراض مصاحبة مثل الاكتئاب، القلق، أو الوسواس القهري، لكن التركيز الأساسي يبقى على الجانب النفسي والعلاجي السلوكي.
raniareena@yahoo.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-04-2025 12:34 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |