حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,24 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6052

الحمادنة يكتب : الثقة في خطاب الدولة والدروس المستفادة من جهود إحباط مخططات الإرهاب والتخريب

الحمادنة يكتب : الثقة في خطاب الدولة والدروس المستفادة من جهود إحباط مخططات الإرهاب والتخريب

الحمادنة يكتب : الثقة في خطاب الدولة والدروس المستفادة  من جهود  إحباط مخططات الإرهاب والتخريب

23-04-2025 09:17 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور مشهور حمادنه

يُعدّ الأردن من الدول الرائدة في مجال مكافحة الإرهاب، إذ نجحت أجهزته الأمنية، وعلى رأسها دائرة المخابرات العامة، في إحباط العديد من المخططات الإرهابية والتخريبية التي استهدفت أمن المملكة واستقرارها. وتأتي هذه النجاحات نتيجة جملة من العوامل والدروس التي يمكن النظر إليها باعتبارها نموذجًا يُحتذى به في هذا المجال. وفيما يلي تحليل لأبرز هذه الدروس المستفادة:

أولًا: الجاهزية الأمنية والاحتراف الاستخباراتي

اعتمدت الأجهزة الأمنية الأردنية على استراتيجية العمل الاستباقي، حيث يتم رصد وتحليل النشاطات المشبوهة قبل أن تتحول إلى تهديد فعلي. ومن خلال توظيف مصادر معلومات موثوقة ومتنوعة، تمكنت الجهات المختصة من تفكيك خلايا إرهابية كانت على وشك تنفيذ عمليات تستهدف منشآت أمنية ومدنية. لقد أثبتت التجربة الأردنية أن الوقاية خير من العلاج، وأن الاستخبارات الفعالة هي حجر الأساس في مواجهة الإرهاب.

ثانيًا: التعاون الدولي والإقليمي

أدرك الأردن مبكرًا أن الإرهاب عابر للحدود، وأن مكافحته تتطلب تنسيقًا أمنيًا دوليًا وإقليميًا. وقد استفاد من علاقاته الاستراتيجية مع العديد من الدول لتبادل المعلومات والخبرات، مما أسهم في تتبع تحركات العناصر الإرهابية ومنعها من تنفيذ عمليات داخل وخارج المملكة. وأصبح الأردن محورًا مهمًا في الجهد الدولي لمكافحة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط.

ثالثًا: الإطار القانوني المتماسك

عزز الأردن من قدرته على مكافحة الإرهاب من خلال تطوير التشريعات ذات الصلة، وعلى رأسها قانون منع الإرهاب، الذي جرى تعديله بما يسمح بملاحقة المحرضين والممولين والداعمين للعمليات الإرهابية، حتى قبل تنفيذها. وأوجد هذا الإطار القانوني بيئة قانونية مرنة وفعالة، تسمح للأجهزة الأمنية بالتحرك السريع وفق أسس قانونية واضحة.

رابعًا: إشراك المجتمع في المعركة ضد الإرهاب

ساهمت سياسات التوعية العامة، وخطاب الدولة الديني المعتدل، وبرامج مواجهة الفكر المتطرف، في تعزيز مناعة المجتمع ضد التطرف والإرهاب. وقد لعب المواطن دورًا فاعلًا في دعم جهود الدولة، سواء من خلال الإبلاغ عن أنشطة مشبوهة، أو برفض البيئة الحاضنة للفكر المتشدد. لقد أدركت الدولة أن المعركة ليست فقط أمنية، بل فكرية واجتماعية أيضًا.

خامسًا: التوازن بين الحزم واحترام حقوق الإنسان

رغم الحزم في التعامل مع التهديدات الإرهابية، حرص الأردن على عدم التفريط بحقوق الإنسان وضمانات المحاكمة العادلة. وقد أدى هذا التوازن إلى تعزيز ثقة المواطنين في الدولة، وأكسبها احترامًا دوليًا، كما حال دون استخدام ملف مكافحة الإرهاب كذريعة لانتهاك الحريات العامة.

سادسًا: التحديث التقني والرقمي

أولت الأجهزة الأمنية اهتمامًا كبيرًا بالتكنولوجيا الحديثة، حيث تم تطوير منظومات الرصد والتحليل الرقمي لتعقب التحركات الإلكترونية للجماعات الإرهابية، ومراقبة مواقع التواصل ومنصات التواصل المشفّر. كما تم تعزيز الأمن السيبراني، وهو ما ساهم في التصدي لمحاولات الاختراق والتحريض الإلكتروني.

سابعًا: الاحتراف في إدارة الأزمات

تميزت العمليات الأمنية التي شهدها الأردن، سواء في الكرك أو إربد أو الزرقاء، بـالسرعة في الاستجابة، والدقة في التنفيذ، والاحتراف في إدارة الأزمات. فقد نجحت الفرق الأمنية في الحد من الخسائر، وإعادة السيطرة خلال فترات وجيزة، بالتزامن مع توجيه خطاب إعلامي مسؤول ساهم في طمأنة المواطنين وقطع الطريق أمام الشائعات.

ثامنًا: التقييم المستمر واستثمار الخبرة التراكمية

لم تتوقف الجهات المختصة عند حدود الإنجاز، بل حرصت على مراجعة وتقييم كل تجربة أمنية، وتحليل نقاط القوة والثغرات. وقد أدى ذلك إلى تراكم الخبرات وتحديث الاستراتيجيات الأمنية بشكل مستمر، بما يواكب طبيعة التهديدات المتغيرة.


خاتمة

إن التجربة الأردنية في مواجهة الإرهاب والتخريب تمثل نموذجًا متقدمًا يعتمد على التخطيط الاستراتيجي، والتنسيق المؤسسي، والانفتاح المجتمعي، إلى جانب الاحتراف الأمني والتشريعي. وقد أثبتت هذه التجربة أن المعركة مع الإرهاب لا تُحسم فقط بالسلاح، بل بالفكر، والقانون، والوعي الشعبي، وهي دروس يمكن الاستفادة منها على المستويين الإقليمي والدولي والواجب الثقة بخطاب الدولة وإدارة الملف الأمني وانفاذ القانون والحذر من التشكيك.

 

الدكتور مشهور حمادنه - جامعة اليرموك








طباعة
  • المشاهدات: 6052
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
23-04-2025 09:17 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم