بقلم : العقيد المتقاعد محمد الخطيب

المستشار الاعلامي لغرفة تجارة عمان - في الميادين المهنية، وخصوصًا في المحطات النقابية، لا يُقاس الفوز بعدد المقاعد، ولا يُختزل الإنجاز في النتائج فقط، هناك ما هو أعمق وأبقى: الأثر، والموقف، والحضور، واحترام الزملاء.

لهذا، فإن من لم يحالفهم الحظ في انتخابات نقابة الصحفيين الأخيرة، لم يغيبوا عن المشهد، بل كانوا وما زالوا حضورًا حيًا في ذاكرة المهنة، وصوتًا حقيقيًا في وجدان الصحفيين.
الترشح بحد ذاته موقف، وخوض المعركة بشرف وإيمان بقيم الصحافة هو شرف لا يمنحه مقعد ولا تسقطه ورقة اقتراع. لقد أثبت الزملاء الذين لم تُترجم أصواتهم إلى مواقع، أنهم أصحاب رسائل واضحة، ومقترحات ناضجة، وخطاب مهني مسؤول، وهم بهذا ساهموا في رفع مستوى الخطاب النقابي وكرّسوا الوعي بأهمية دور الصحفي في صون كرامة المهنة والدفاع عن استقلاليتها.

الربح الحقيقي، إذًا، هو أن تكون لك بصمة، وأن تترك أثرًا، وأن يُنظر إليك كشريك لا كخاسر. والذين خاضوا التجربة بشجاعة ووعي، يستحقون أن نقف لهم احترامًا، لا أن نُقارنهم بنتيجة رقمية قد تُخطئ في عكس الصورة الكاملة.

ما يجمعنا في هذا البيت المهني أكبر من التنافس؛ إنه الإيمان العميق بأن الصحافة مسؤولية، وأن النقابة ليست غاية، بل وسيلة لحماية المهنة والارتقاء بها.
ولهذا، نقولها بثقة: الجميع رابح... لأننا جميعًا نحمل نفس الهمّ ونخوض ذات المعركة، معركة الحقيقة والكلمة الحرة والمهنية الرصينة.


وفي كل تجربة انتخابية، تتكشف المعادن الحقيقية لأصحاب المواقف؛ فمن بقي نزيهًا في طرحه، مهنيًا في خطابه، رصينًا في لغته، فقد كسب احترام زملائه، حتى وإن لم ينل أصواتهم. إن هذه القيم لا تُقاس بصناديق الاقتراع، بل تُرسّخ في ضمير الجماعة الصحفية وتاريخها.
إن النقابة التي نريدها، لا تُبنى فقط على الأغلبية، بل أيضًا على احترام كل رأي، وتقدير كل جهد، والإنصات لكل صوت مخلص. فمسيرة النقابة لا تستقيم إلا بتكامل الأدوار، وصدق النوايا، واستمرار الحوار، وهو ما نأمله من كل الزميلات والزملاء، الفائزين وغير الفائزين على حد سواء.