حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,27 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4554

د. رعد محمود التل يكتب: منافسة مفتوحة ورقابة ذكية: مفتاح ضبط الأسواق

د. رعد محمود التل يكتب: منافسة مفتوحة ورقابة ذكية: مفتاح ضبط الأسواق

د. رعد محمود التل يكتب: منافسة مفتوحة ورقابة ذكية: مفتاح ضبط الأسواق

27-04-2025 08:48 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. رعد محمود التل
شهدت الأسواق الأردنية خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 تطورًا ملحوظًا يعكس تحسنًا واضحًا في بيئة العمل التجاري، حيث أعلنت وزارة الصناعة والتجارة عن انخفاض بنسبة 26% في عدد المخالفات التجارية مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024. فقد تم توثيق 1,120 مخالفة من بداية يناير حتى 21 أبريل، مقابل 1,521 مخالفة خلال نفس الفترة من العام الماضي، ما يدل على تراجع ملموس في السلوكيات غير القانونية داخل السوق. فالتراجع في المخالفات يسهم في تقليص فرص التلاعب بالأسعار، ما ينعكس إيجابًا على تجربة المستهلك ويعزز ثقته بالسوق. وفي ظل تراجع الأسعار ووفرة السلع، تصبح الأسواق أكثر مرونة واستعدادًا للتعامل مع الصدمات والتقلبات الموسمية، وهو عنصر أساسي في تحقيق التوازن بين العرض والطلب.

وقد عززت الوزارة مشكورة من جهودها الرقابية خلال هذه الفترة، حيث نفذت أكثر من 24,000 جولة تفتيشية على مختلف المنشآت التجارية، كما تعاملت مع 420 شكوى من المستهلكين، كان معظمها متعلقًا بأسعار السلع والخدمات. وفي السياق ذاته، بينت دراسات حديثة أعدتها الوزارة أن مستويات المخزون السلعي في المملكة تفوق الاحتياجات الفعلية.

لا شك أن هذه الأرقام تمثل مؤشرات إيجابية على تطور بيئة السوق نحو مزيد من التنظيم والشفافية، إلا أن هذه المؤشرات لا يمكن فصلها عن الدور المحوري الذي تلعبه المنافسة في تعزيز الأداء الاقتصادي. فالمنافسة لا تقتصر على وجود عدد أكبر من الشركات أو البائعين، بل تشمل أيضًا وجود إطار قانوني ينظم السلوك التجاري، ويمنع الاحتكار والتلاعب بالأسعار، ويحفز الشركات على تحسين جودة منتجاتها وخدماتها، إلى جانب الابتكار في أساليب الإنتاج والتسويق.

وفي سوق تخضع لرقابة فعالة وتلتزم بقواعد المنافسة العادلة، تتراجع بطبيعة الحال الممارسات المخالفة مثل رفع الاسعار، الغش التجاري والاحتكار وتضليل المستهلك. ويصبح الالتزام بالقانون ليس مجرد عبء على التاجر، بل شرط رئيس للبقاء في السوق والاستمرار والمنافسة بفعالية. وقد أكدت الوزارة أن انخفاض المخالفات يعكس «ثقة مؤسسية متزايدة والتزامًا قانونيًا من قبل الفاعلين في السوق»، ما يعزز الاستقرار الاقتصادي.

من هنا، يجب ألا تُفهم المنافسة فقط على أنها إجراء رقابي، بل هي أداة اقتصادية فاعلة تسهم في خلق بيئة أعمال صحية، وتشجع على دخول فاعلين جدد إلى السوق، وتحد من التركز الاقتصادي، وتفتح المجال أمام الابتكار وتحسين الأسعار.

لكن ما المطلوب إذًا؟ ببساطة، تفعيل قانون المنافسة وتطبيقه بفاعلية أكبر. فقد جاء هذا القانون، بتعديلاته الأخيرة، ليضع إطارًا واضحًا لتعريف النشاط الاقتصادي في الأردن، شاملاً قطاعات الصناعة، التجارة، الزراعة، السياحة، الخدمات، الحرف، والمهن، بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات. كما حدد مفهوم السوق من خلال السلع أو الخدمات التي يمكن للمستهلك استبدالها لتلبية حاجاته، في مناطق جغرافية تتسم بظروف منافسة متجانسة.

وأكد القانون أن المنافسة الحرة تشكل الأساس في تحديد أسعار السلع والخدمات، مع استثناءات محددة تتعلق بقرارات حكومية مؤقتة لمواجهة ظروف استثنائية، على أن يتم مراجعتها خلال ستة أشهر كحد أقصى. كما يحظر القانون جميع الاتفاقيات أو الممارسات، سواء كانت صريحة أو ضمنية، التي من شأنها الإخلال بالمنافسة، مثل تحديد الأسعار، أو تقييد الإنتاج والتوزيع، أو تقاسم الأسواق، أو منع دخول مؤسسات جديدة إلى السوق، أو التواطؤ في المناقصات.

كما يمنع القانون على المؤسسات ذات الوضع المهيمن في السوق استغلال هذا الوضع بطريقة تُضر بالمنافسة أو تُقصي الأطراف الأخرى. ويُعتبر هذا القانون من الأدوات الحديثة التي تهدف إلى تطوير سياسات السوق وتعزيز بيئة الأعمال، من خلال تمكين الجهة المختصة، وهي دائرة حماية المنافسة، بمنحها صلاحيات تنفيذية واستقلالية فنية تتيح لها رفع كفاءة الرقابة والتحقيق وتحريك الشكاوى أمام الجهات القضائية المختصة.

يمثل قانون المنافسة جزءًا أساسيًا من منظومة التشريعات المنبثقة عن رؤية التحديث الاقتصادي، ويهدف إلى بناء سوق قائمة على قواعد المنافسة العادلة، تتيح تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وتشجع على الابتكار، وتُوفر بيئة أكثر جذبًا للاستثمار، وتحمي المستهلك من الممارسات الاحتكارية، وتضمن تنوع الخيارات أمامه بجودة عالية وأسعار معقولة.

رئيس قسم الاقتصاد – الجامعة الاردنية

الراي











طباعة
  • المشاهدات: 4554
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-04-2025 08:48 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم