حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,27 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3917

مهدي الشوابكة يكتب: بين جدران النقابة القديمة… صوت الإعلام الحديث يعلو!

مهدي الشوابكة يكتب: بين جدران النقابة القديمة… صوت الإعلام الحديث يعلو!

مهدي الشوابكة يكتب: بين جدران النقابة القديمة… صوت الإعلام الحديث يعلو!

27-04-2025 12:07 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : مهدي الشوابكة
في لحظة تاريخية مشبعة بالأمل والترقب، أسدل الستار بالأمس عن انتخابات نقابة الصحفيين الأردنيين، وسط دعوات واسعة للتغيير وتجديد الدماء في جسد النقابة العريق غير أن الانتخابات على أهميتها، لا تكفي وحدها لترميم بيت النقابة الذي طالته التشققات بفعل القوانين الجامدة، والعقلية التي ما تزال تحاصر العمل الصحفي داخل قوالب قديمة، متجاهلة التحولات الكبرى التي غيّرت ملامح الإعلام والتعليم الإعلامي.

اليوم لم تعد كليات الإعلام تخرّج فقط “صحفيين” بالمعنى التقليدي للكلمة، ولم يعد الإعلام يعني مجرد صحيفة ورقية أو نشرة إخبارية جامدة تطور التخصصات الأكاديمية لم يأتِ عبثًا بل جاء استجابة لثورة تكنولوجية ومهنية قلبت موازين الاتصال الجماهيري رأسًا على عقب.
في كليات الصحافة اليوم بمعظم الجامعات التي تدرس الاعلام لم نعد نجد تخصص بأسم "الصحافة والاعلام" فقط ، بل تطور التخصص وزادت تفرعاته وتغيرت خطته الدراسة فأصبحنا نجد تخصصات جديدة مثل: الإعلام الرقمي، الإعلام الرقمي الترويجي، الإذاعة والتلفزيون، الاتصال الرقمي، والصحافة متعددة الوسائط هذه التخصصات لم تُوجد للترف الأكاديمي، بل لتعكس حاجة سوق العمل الحقيقي والفعلي، في الداخل والخارج.

مع ذلك تصر نقابة الصحفيين الأردنيين، على الالتزام بنصوص قانونية وضعت قبل أكثر من ربع قرن (قانون نقابة الصحفيين الأردنيين رقم 15 لسنة 1998)، حين كان الإعلام ما يزال مرهونًا بالصحيفة اليومية وأثير الإذاعة الرسمية.

هذا القانون يشترط أن يكون المنتسب ممارسًا لمهنة الصحافة بمعناها الضيق التقليدي: تحريرًا، إخراجًا، أو تصويرًا صحفيًا، دون أي اعتراف واضح أو صريح بالأدوار الحديثة للعاملين في الإعلام الرقمي، أو بالإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، أو بالصحافة التفاعلية التي أصبحت عصب المهنة اليوم.

إن هذا الإقصاء الصريح لفئات واسعة من خريجي الإعلام الجدد، الذين درسوا سنوات طويلة، وأتقنوا فنون الإعداد والإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، وإدارة المنصات الرقمية، وصناعة المحتوى التفاعلي، يمثل ظلمًا بيّنًا، لا يليق بمؤسسة تدعي تمثيل المهنة وحمايتها.

هل يعقل أن طالبًا درس تخصص “إذاعة وتلفزيون”، أو “إعلام رقمي” بتفوق وعمل بعدها في مؤسسات إعلامية مرموقة، لا يحق له الانتساب إلى النقابة، فقط لأنه لم يتخرج بتخصص “الصحافة الورقية”؟
وهل يصح أن تُقصى مهنة صناعة المحتوى المرئي والصوتي، وصحافة البيانات، والبودكاست، والجرافيك وصناعة المواد الاعلامية للسوشيال ميديا من تحت عباءة العمل الصحفي؟

إن الأزمة اليوم ليست أزمة طلبة يسعون إلى الانتساب، بل أزمة نقابة لم تتطور، ولم تدرك أن الإعلام كعلم وفن وصناعة قد تجاوز منذ سنوات فكرة “المحرر الصحفي” و”المراسل المكتوب”، نحو مهن جديدة تدمج النص بالصوت بالصورة، وتتعامل مع جمهور متعدد الوسائط، متغير المزاج والسلوك.

نقابة الصحفيين الأردنيين مطالبة اليوم بأربعة أمور جوهرية لا تحتمل التأجيل:
مراجعة قانون الانتساب بشكل جذري، بحيث تُوسع تعريف الصحفي ليشمل العاملين في الإعلام الرقمي، الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، صناعة المحتوى، صحافة البيانات، والبودكاست ،إعادة صياغة معايير العضوية بطريقة تواكب مخرجات التعليم الإعلامي الحديثة، لا أن تتقوقع خلف تصور نمطي تجاوزه الزمن ، فتح قنوات تواصل حقيقية مع كليات الإعلام، وإنشاء برامج تدريبية مهنية، تؤهل الخريجين الجدد، وتفتح أمامهم طريق الانتساب المبكر وفق معايير عادلة وشفافة ، الاعتراف بالتطور التكنولوجي في صناعة الإعلام، والنظر إلى المهن الإعلامية الجديدة كمكونات أساسية للمنظومة الإعلامية، لا كمهن هامشية أو طارئة.

إن الحديث عن تحديث النقابة لا يقتصر على مجرد فتح الأبواب للخريجين، بل يمتد ليشمل إعادة تعريف من هو الصحفي ومن هو الإعلامي، في زمن أصبحت فيه المعلومة تُنقل بالثانية، ويتشكل فيها الرأي العام عبر مقاطع الفيديو القصيرة، والبودكاستات المتنقلة، والتغطيات الحية على شبكات التواصل.

وبصفتي طالبًا في “الإذاعة والتلفزيون”، وعلى مشارف التخرج، أشعر بألم حقيقي حين أرى أن تخصصي، بكل ما يحمله من جهد أكاديمي وتدريب ميداني ومهارات مهنية عالية، ما يزال خارج حسابات النقابة ، أشعر أنني ومئات الزملاء والزميلات كأننا نقف خارج السور، نطرق الباب عبثًا، فيما الأصوات من الداخل مشغولة بحماية مكتسبات تقليدية، دون رؤية لمستقبل الصحافة والإعلام.

إن النقابة الجديدة التي أفرزتها صناديق الاقتراع مطالبة بألا تكتفي برفع الشعارات، بل بالتحرك العاجل لتحديث بنيتها القانونية والتنظيمية، كي تستوعب جيلاً كاملًا من الإعلاميين الشباب الذين يحملون في عقولهم وأيديهم خبرات قد تفوق، في بعض الأحيان، خبرات الجيل التقليدي ، قرارات شجاعة تضع مصلحة المهنة فوق الاعتبارات الشخصية والبيروقراطية وإذا كانت نقابة الصحفيين الأردنيين تريد أن تبقى على قيد الحياة، فعليها أن تفهم أن زمن “الصحافة الورقية فقط” قد ولى وانتهى ، وأن الإعلام الجديد لم يعد خيارًا إضافيًا، بل هو اليوم الأساس.

الفرصة اليوم سانحة أمام النقابة لتكون بيتًا لجميع الإعلاميين، بمختلف تخصصاتهم وأدواتهم وأساليبهم أما الإصرار على الإقصاء، فسيدفع المزيد من الشباب للبحث عن بدائل أخرى، ربما خارج حدود النقابة، وربما خارج حدود الوطن كلنا امل بمجلس النقابة الجديد لا سيما وانه يحمل روح شابة .

فهل نعي الدرس قبل فوات الأوان؟











طباعة
  • المشاهدات: 3917
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-04-2025 12:07 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم