27-04-2025 01:36 PM
بقلم : العقيد المتقاعد محمد الخطيب
شهدت الساحة الإعلامية في الأردن في الآونة الأخيرة تنامي ظاهرة "حملات التفاعل الوهمي" (Fake Engagement)، وهي حملات تهدف إلى التلاعب بمؤشرات الرأي العام على وسائل التواصل الاجتماعي. تتمثل هذه الحملات في استخدام حسابات مزيفة أو آلية للتفاعل مع المنشورات والمحتويات الإعلامية بشكل غير حقيقي، مما يؤدي إلى تضخيم حجم التفاعل والاهتمام بمواضيع معينة. قد يتم توجيه هذا التفاعل الوهمي أحيانًا لخدمة أجندات سياسية أو تجارية.
تعد حملات التفاعل الوهمي مجموعة من الأنشطة التي تهدف إلى إنشاء انطباع زائف بوجود تفاعل واسع على منصات التواصل الاجتماعي. يتم ذلك من خلال استخدام حسابات مزيفة، برامج آلية (بوتات)، أو شراء تفاعلات مثل الإعجابات (Likes)، التعليقات (Comments)، والمشاركات (Shares) التي تظهر على منشورات وسائل الإعلام أو الحسابات الشخصية.
من أبرز الأمثلة على هذه الظاهرة، ظهور منشورات على وسائل الإعلام المحلية تتناول نشاطات ملكية أو حكومية، حيث شهدت تفاعلاً سلبياً غير طبيعي باستخدام رموز التفاعل مثل “أضحكني” و”أغضبني”. وبالتحليل وتتبع مصادر هذه التفاعلات من قبل مختصين، تبين أن الغالبية العظمى من الحسابات التي تفاعلت جاءت من جنوب أفريقيا، عبر أسواق رقمية منخفضة الكلفة (Low-Cost Markets) تُستخدم عادةً في حملات التفاعل المدفوع.
أثر استخدام رموز “أضحكني” و”أغضبني” على الأداء الرقمي، هو تشويه الانطباع العام عن المنشور، خفض الوصول الطبيعي (Organic Reach).، الى جانب تضليل أدوات التحليل الرقمي وإرباك نتائج قياس المزاج العام. ورغم أن الهجمات عبر مزارع الذباب الإلكتروني (Bots Farms) قد تُحدث تشويشاً مؤقتاً، إلا أنها لا تصنع تحولاً حقيقياً طالما أن الرصد والتحليل الواعي مستمران.
وفي أوقات الأزمات السياسية أو الاجتماعية، يتم استخدام هذه الحملات بشكل مكثف لتوجيه الرأي العام أو تغيير مواقف الناس تجاه قضايا معينة، مما يؤدي هذا التلاعب إلى تحريف الرأي العام أو التأثير في نتائج الانتخابات أو التفاعلات السياسية.
وتؤدي حملات التفاعل الوهمي على المجتمع الأردني، إلى عدة آثار سلبية على المجتمع الأردني. أولاً، من أكبر المخاطر التي تشكلها هذه الحملات هو قدرتها على تضليل الرأي العام. فحين يعتقد الناس أن موضوعًا معينًا يحظى باهتمام كبير، يتأثرون في طريقة تفكيرهم وتوجهاتهم تجاهه، مما قد يؤدي إلى تشويه الواقع. ثانيًا، عندما يُكتشف أن وسائل الإعلام أو الحسابات العامة قد شاركت في هذه الحملات، فإن ذلك يؤدي إلى فقدان المصداقية والثقة في تلك المصادر. وفي النهاية، قد ينقلب هذا ضد الصحافة الحرة والمستقلة التي تعتمد على الشفافية والمصداقية في عملها.
كما يمكن أن تؤدي هذه الحملات إلى تعزيز الانقسام الاجتماعي. في بعض الأحيان، يتم استغلال التفاعل الوهمي لزيادة الاستقطاب الاجتماعي والسياسي، مما يؤدي إلى إثارة الجدل بين الفئات المختلفة في المجتمع وزيادة الصراعات والانقسامات. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام هذه الحملات لتشويه سمعة شخصيات عامة أو مؤسسات، حيث يتم نشر تعليقات أو تفاعلات سلبية من حسابات مزيفة لتوجيه الرأي العام ضدهم.
في الختام، تُعد حملات التفاعل الوهمي تهديدًا حقيقيًا لشفافية الرأي العام في الأردن، فهي تساهم في تضليل الجمهور وتحريف الواقع. ومع تزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة رئيسية للتعبير عن الرأي وتوجيه النقاشات العامة، يصبح من الضروري على الحكومة الأردنية أن تتخذ خطوات حاسمة لمكافحة هذه الظاهرة، من خلال تعزيز الرقابة القانونية على منصات التواصل الاجتماعي، وتطبيق قوانين صارمة للحد من استخدام الحسابات المزيفة والتفاعل الوهمي. كما يجب على وسائل الإعلام والمجتمع المدني أن يتعاونوا في نشر الوعي الرقمي، وتعليم الأفراد كيفية التمييز بين التفاعل الحقيقي والزائف، مما يساهم في الحفاظ على مصداقية المعلومات وحماية الرأي العام من التلاعب
ويجب أيضًا تعزيز التعاون بين المنصات المختلفة مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام لمكافحة هذه الظاهرة، من خلال التعاون مع السلطات المحلية لتحديد الحسابات المزيفة ومراقبة الأنشطة المشبوهة. كما يمكن تشجيع التفاعل الحقيقي الذي يعكس اهتمامات وآراء الجمهور بدلاً من التركيز على التفاعل الوهمي الذي لا يعكس الواقع الفعلي للمجتمع
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-04-2025 01:36 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |