28-04-2025 08:43 AM
بقلم : حاتم القرعان
في حديثه الأخير على برنامج "نبض البلد" طرح الخبير جواد عباسي قضية استهلاك المياه في القطاع الزراعي محذرًا من "إهدار المياه" في هذا القطاع ورغم أهمية النقاش حول استدامة الموارد المائية في الزراعة فإن العديد من النقاط التي وردت في تصريحاته تحتاج إلى تصحيح وتوضيح لتقديم صورة أكثر دقة وواقعية حول واقع الزراعة في الأردن
أولًا يجب أن نوضح أن المياه المستخدمة في الزراعة ليست مياه صالحة للشرب فهي مياه جوفية أو سطحية تُستخدم حصريًا للري الزراعي وبالتالي لا يتم هدر المياه المخصصة للاستهلاك البشري أو الحيواني إضافة إلى ذلك فإن التقنيات الحديثة مثل الري بالتنقيط قد أسهمت بشكل كبير في تقليل الفاقد من المياه وزيادة كفاءة استخدامها في الزراعة مما يجعل الحديث عن "إهدار المياه" غير دقيق فمن غير المنطقي اعتبار المياه المستخدمة في الزراعة هدرًا خاصة وأنها ليست مخصصة لاستخدامات أخرى وتُسهم بشكل أساسي في توفير الغذاء لعدد كبير من الأسر الأردنية
أما فيما يتعلق بالعائد الاقتصادي للمتر المكعب من المياه في الزراعة الأردنية فإن التصريحات التي تناولت انخفاض هذا العائد لا تتوافق مع الحقائق في الواقع يُعد القطاع الزراعي في الأردن من بين الأعلى في العالم من حيث العائد الاقتصادي من المياه خاصة في محاصيل مثل النخيل التي تحقق عائدًا يصل إلى 5.4 دولار للمتر المكعب كما أن محاصيل أخرى مثل البندورة والبطاطا تسهم بشكل كبير في الاقتصاد الوطني مما يجعل هذا القطاع ذا قيمة مضافة عالية لذلك لا بد من الاعتراف بأن الزراعة في الأردن تعد أحد المصادر الأساسية للعائد الاقتصادي
وفيما يخص دور الزراعة في البوادي والمحافظات فإن التصريحات التي تم تقديمها حول عدم تأثير الزراعة كمصدر رزق حقيقي هي مغالطة أخرى فالزراعة في الأردن تمثل مصدرًا حيويًا لدخل آلاف الأسر في المناطق الريفية في حال تراجع الدعم للقطاع الزراعي سيكون البديل محدودًا مما سيؤدي إلى تزايد معدلات البطالة والفقر ويهدد الأمن الاقتصادي في تلك المناطق لذا يجب أن نقدر دور الزراعة في تعزيز الأمن الاقتصادي والاجتماعي في مختلف أنحاء المملكة
أما بخصوص العمالة الوافدة في القطاع الزراعي فقد تم ذكر رقم 60,000 عامل وافد وهو رقم بعيد عن الواقع وفقًا لتقارير وزارة العمل ووزارة الزراعة فإن عدد العمالة الوافدة في القطاع الزراعي يصل إلى 220,000 عامل منهم 50,000 يعملون بشكل غير قانوني إلى جانب 130,000 حائز زراعي وبالتالي يصل العدد الإجمالي للعمالة في القطاع الزراعي إلى حوالي 300,000 شخص بشكل مباشر أو غير مباشر هذا الرقم يؤكد الدور الكبير الذي يلعبه القطاع الزراعي في توفير فرص العمل للأردنيين والمقيمين على حد سواء
في هذا السياق لا بد من الإشادة بسياسات وزارة الزراعة في إدارة الموارد المائية حيث كانت الوزارة ولا تزال تلعب دورًا مهمًا في تطوير وإدارة الموارد المائية بشكل مستدام لقد أسهمت الوزارة بشكل فعال في تنفيذ مشاريع الحفائر الترابية التي تعد من الحلول المبتكرة لتخزين المياه في المناطق التي تعاني من شح المياه مما يساهم في تحسين الواقع المائي في الزراعة كما عملت الوزارة على تنفيذ برامج توعية للمزارعين حول أفضل أساليب الري وتوفير تقنيات حديثة تساعد في ترشيد استهلاك المياه
ختامًا لا بد من التأكيد على أن الزراعة في الأردن ليست عبئًا على الاقتصاد بل هي رافعة حقيقية للتنمية المستدامة وضمانة لأمننا الغذائي التحدي في هذا القطاع ليس في "إهدار المياه" بل في إدارة المياه بشكل فعال ومبتكر أما فيما يخص العمالة في القطاع فلا بد من الاستناد إلى الحقائق الدقيقة والأرقام الحقيقية عند مناقشة هذه القضية الزراعة ليست فقط مصدرًا للغذاء بل هي حجر الزاوية لاقتصادنا الوطني وعلينا أن نعمل على تعزيز هذا القطاع بما يتوافق مع احتياجاتنا الاقتصادية والاجتماعية
حفظ الله الأردن وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثّاني بن الحسين وولي عهده الأمين .
بقلم : حاتم القرعان
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-04-2025 08:43 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |