28-04-2025 09:44 AM
بقلم : جهاد المنسي
بعد بيان وزير الداخلية مازن الفراية والذي أعلن فيه إنفاذ قرار محكمة التمييز الذي صدر قبل سنوات والمتضمن حظر جماعة الإخوان المسلمين في البلاد، تسارعت التحليلات، وتشابكت رؤى ساسة ومحللين، بعضها ذهب باتجاه قرب حل مجلس النواب وبعضها الآخر توقع تجميد أو حل حزب جبهة العمل الإسلامي الذي يعتبر ذراعا سياسية لجماعة الإخوان.
وجهات النظر تلك استندت لركائز ومقاربات مختلفة، ووضع أصحابها أرضية ومسببات لما ذهبوا إليه، فمن توقع حل حزب جبهة العمل الإسلامي يرى أن الدولة الأردنية اتخذت قرارا واضحا مفاده قطع (شعرة معاوية) التي كانت قائمة بين الجماعة والحكومات المتعاقبة والتي استمرت لأكثر من 75 عاما متواصلة شهدت العلاقة خلالها حالات مد وجزر، وإن القرار الأخير كان عبارة عن بتر لا رجعة عنه، ويستندون لذلك للقول بأن ذلك يؤسس وينسحب على الذراع السياسية (جبهة العمل الإسلامي)، وبالسياق حل الحزب لاحقا.
أما من يعتقد أن الأمور لن تقف عند حل حزب جبهة العمل الإسلامي، وإنما ستذهب لأبعد من ذلك لحد حل المجلس النيابي الحالي باعتبار أن هذا المجلس ضم 31 عضوا من أصل 138 عضوا يمثلون حزب جبهة العمل الإسلامي، منهم 17 نائبا ضمن المقاعد الحزبية وأربعة عشر نائبا ضمن القوائم الفردية، وباعتبار أن حزب جبهة العمل الإسلامي بات تحت المجهر ويمكن أن يطوله ما طال الجماعة، وبالتالي إسقاط عضوية النواب الحزبيين والنواب الذين أعلنوا عن انتمائهم للحزب في الدوائر الفردية، فإن ذاك خلق حالة يقين لدى البعض بحل المجلس الحالي.
وما بين هذا وذاك هناك من يقول إن الدولة الأردنية تاريخيا لم تعتمد على مبدأ رد الفعل، وإنما كانت حريصة دوما للتأسيس لفكرة أننا دولة مؤسسات وقانون، وأن عقل الدولة لن يسمح لتلك الرؤية بالتلاشي، وبالتالي فإن الأمور ستبقى معلقة ريثما تنتهي التحقيقات، وصدور الحكم النهائي في القضية المنظورة الآن أمام القضاء، وبعد ذلك معرفة مدى ارتباط حزب جبهة العمل الإسلامي بما جرى، بعدها يمكن أن تنتقل الأمور لحزب جبهة العمل الإسلامي وانتظار إن كان سيصدر بحقه حكم قضائي بحله في حال ثبت وجود أي ارتباط له بالقضية الحالية.
شخصيا أعتقد أن التوقعات حول مآلات مجلس النواب أو حتى القول بحل حزب جبهة العمل الإسلامي توقعات مبكرة، ويتوجب ترك الأمور بحوزة القضاء فيما يتعلق بالحزب، وبعد ذلك الانتظار، والأخذ بعين الاعتبار أن منظومة التحديث السياسي لا تُبنى في يوم وليلة، وإنما هي عملية تراكمية تحتاج لوقت وتخطيط.
منظومة التحديث تشمل تطوير التشريعات، وتعزيز المشاركة السياسية، وتمكين مؤسسات الرقابة، وتلك الرؤية يشكل مجلس النواب إحدى أهم أدواتها، كونه يمثّل الإرادة الشعبية ويعكس التنوع المجتمعي والسياسي، وذاك ما أشار اليها جلالة الملك عبدالله الثاني في أكثر من مناسبة، وشدد على سيروتها وديمومتها.
لذلك فان حل مجلس النواب لن يأتي القرار حوله سريعا، وإنما أعتقد أن صاحب القرار وقبل اتخاذ قرار بهذا الاتجاه سيقوم باستيفاء كل الظروف الواجبة دستوريا، ومنح المجلس وقته الكافي، وهذا يتطلب من أعضاء المجلس الارتقاء بطريقة التشريع والرقابة.
لذلك، فإن دعم استمرارية المجلس النيابي، وتعزيز أدائه بدلاً من إنهائه، يُعد أكثر نجاعة من حيث النتائج والرسائل الموجهة للداخل والخارج، وهذا كله يعتمد على أداء النواب الذين يتوجب عليهم الارتقاء بأدائهم، وعدم الاعتماد على ردود فعل وإنما إنتاج الفعل.
بالمقابل فإن حل المجلس يمكن أن يحضر بقوة في حال تفاقمت الأزمة السياسية، وقتها لا يمكن استبعاد سيناريو الحل والدعوة لانتخابات مبكرة، خاصة إذا رأت الدولة أن هناك تهديدًا للاستقرار أو خللًا في التوازن السياسي.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-04-2025 09:44 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |