29-04-2025 07:59 AM
بقلم : تمارا خزوز
قد يبدو للوهلة الأولى أن مطالبة القوى السياسية والمدنية المستقلة، الفاعلة والمؤثرة في الحياة العامة، بالتشمير عن سواعدها والمبادرة إلى طرح حلول للأزمات السياسية وتنقية الفضاء العام، ترفا سياسيا وخيارا تجميليا، لكنه في جوهره عين المنطق.
فإذا لم يكن اليوم، فمتى سنغادر مربع الترقب إلى مربع الفعل السياسي؟ الفعل الذي يخرج من رحم المجتمع، ويحظى بإجماعه، ويفرض وجود حركة وطنية توفيقية تخفف من حدة الاحتقان وتنقذ التحديث السياسي من أزمة مخرجاته.
أما عن سؤال: من سيقود التحرك؟ فالأرجح أن تتولاه القوى المدنية والسياسية غير الحزبية، إلى جانب أولئك المستقلين الذين بقوا خارج المشهد، بعدما التزموا السكون وابتعدوا عن دوائر الاشتباك السياسي، وخرجوا مبكرا من اللعبة السياسية، نتيجة شعورهم بعدم جدوى مسارات التحديث أو محدودية قدرتهم على التأثير في القرار السياسي. هؤلاء هم أول المدعوين للعودة.
من الطبيعي والمنطقي أن يساورنا الشك في جدوى هذا المقترح، في ضوء الإخفاقات المتكررة التي منيت بها لجان وهيئات سابقة، وظلت أهدافها معلقة بانتظار من يكملها، ولكن السؤال ما الخيار وما البديل؟
من هنا، ربما يكون من المجدي أن يقوم أي تحرك اليوم، منذ اللحظة الأولى، على مبادئ أساسية واضحة ومحددة، تشكل إطارا مرجعيا ملزما للتحرك الوطني. وعندها، يمكن التفكير بفتح الباب أمام جميع الراغبين بالانضمام، ممن يلتزمون بهذه المبادئ، تعزيزا لفرص التنفيذ الفعلي وتفادي العودة إلى دوائر الجدل العقيم.
ولتكن هذه المبادئ الأساسية فعالة ومحصنة من فرص التأويل أو الخلاف التفسيري، كأن تُبنى على أسس بسيطة، واضحة، ومحددة، تشكل قاعدة صلبة للانطلاق، أهم ما فيها، على سبيل المثال:
* الحفاظ على استقرار وسلامة المملكة، ورفض أن تكون أراضيها ساحة لأي عمليات مسلحة، والتأكيد على أن الدولة الأردنية وحدها صاحبة الحق الحصري في احتكار السلاح وتوظيفه.
* التأكيد على الرفض القاطع لجميع مخططات التهجير أو المساس بالهوية الوطنية، باعتبار أن حماية الهوية الوطنية الأردنية جزء لا يتجزأ من حماية الأمن الوطني الأردني.
* دعم القضية الفلسطينية بكل السبل الممكنة، والتأكيد على الوقوف إلى جانب حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
* صون الدستور، وضمان استقلال السلطات الثلاث، وترسيخ الحريات العامة بوصفها مكونًا أصيلًا في بناء الدولة الحديثة.
* تجديد الحياة السياسية، وإسناد العمل الحزبي، والإقرار بأنه لا بديل عن الحوار الشامل والتفاهمات الوطنية العميقة، والمسار الديمقراطي الحزبي والبرلماني.
* تحصين أمن الأردن الداخلي، والحفاظ على سلامة نسيجه الاجتماعي بما يضمن تماسكه في مواجهة التحديات.
لن تكون تجربتنا الأردنية أصعب، في مفاصلها وتحولاتها، من تجارب الدول المحيطة بنا، ولن تصل تعقيدات المشهد، بإذن الله، لما وصلت إليه تلك الدول. ومع ذلك، شهد تاريخها، وفي أصعب أوقاته، اتفاقات وتفاهمات مصيرية وتوافقات وطنية جاءت خلاصة لحوارات شاقة قادتها قوى سياسية ومدنية من أجل رسم قواعد جديدة للعبة السياسية.
وإذا كانت الدولة لن تتراجع عن مسار التحديث، فإن واجب القوى المدنية والسياسية الإصرار عليه لضمانته، وأن تكون صمام أمان لمشروع الدولة الحديثة.
أما عن الدولة ودورها في ذلك، فقد يكون من الضروري أن تتعزز لدى مستويات صنع القرار العليا القناعة بأن بقدر ما تحتاج الدولة إلى تحديث سياسي وعبور سلس نحو المئوية الثانية، فهي بحاجة أيضًا إلى تجديد شراكتها مع المجتمع وقواه الحيّة.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-04-2025 07:59 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |