30-04-2025 09:16 AM
بقلم : ماهر أبو طير
الفرق بين الحكومات بشكل عام والناس، أن الحكومة تحتفي بالأرقام الايجابية، فيما الناس لا يلمسون الفرق، وهذا يفسر غياب المصداقية والثقة بين الطرفين.
كل أرقام النمو والتطور والتحسن والصادرات، لا يقف عندها الناس، لأنهم نهاية المطاف يريدون نقدا في ايديهم، ويريدون ايضا ان يلمسوا الفرق في الرواتب والأسعار، وتشغيل أبنائهم، وغير ذلك، وهذا يفسر أن الرأي العام في الأردن يسأل دائما عن الدلالات العملية لكل الأرقام، بل ويسألون ايضا عن كل ارقام المساعدات والقروض وكيفية إنفاقها واين تذهب، وهذا يثبت وجود هوة كبيرة بين الحكومات، والرأي العام، الذي يستسلم لهمومه ومشاكله، ويترك اموره لتذهب اينما تذهب.
الحكومات للمفارقة ولا أقصد حكومة محددة، تحتفي بأرقامها الإيجابية، لكنها لا تقف عند اي ارقام تقول العكس، وكأنها تحتفي فقط برحلة الذهاب، ولا تؤمن بالإياب، في هذه الحالة، وهذا اختلال غير عادل اصلا، ولا يعد منطقيا.
بين يدي نتائج تقرير مؤشر “إبسوس” لثقة المستهلك للربع الأول من العام الحالي التي تقول إن أبرز 5 هموم للمواطن الأردني، وفق ما أظهر المسح، تتمثل؛ بالبطالة وهي الهم الأكبر لدى الأردنيين؛ حيث عبر 59 % ممن شملهم المسح عن ذلك، ثم ارتفاع تكلفة المعيشة 50 % من المشاركين في الاستطلاع، فيما يتمثل الهم الثالث لدى المواطن الأردني استنادا إلى ما كشف المسح في الفقر وعدم المساواة، حيث عبر 39 % من المستطلعة آراؤهم عن ذلك، ومن ثم جاء ضعف التعليم رابعا في هذه القائمة، بحسب ما أفاد 24 % من المشاركين في المسح، ومن ثم الفساد خامسا لدى 20 %، وفيما يتعلق بالقدرات المالية الحالية للمواطنين، فإن 43 % من المشاركين في المسح ينظرون إلى أن وضعهم المالي ضعيف فيما توقع 38 % أن تكون أقوى مقابل رؤية 19 % أن الوضع ذاته لم يتغير. وهذه ارقام ليست سهلة، على الحكومات ان تتوقف عندها، مع معرفتنا مسبقا انها تعرف كل التفاصيل.
إذا كان التقرير يركز على جوانب محددة، فإنه بكل بساطة لا يمكن عزل عوامل داخلية وخارجية عن حالة القلق العام، وضع الاقليم، وحرب غزة، والوضع في سورية، والتهديدات الاسرائيلية لكل المنطقة، وما يجري في لبنان، واليمن، والمخاوف من امتداد كل هذا الى الأردن، وما شكلته هذه الازمات من ضغط اصلا، على البنية الاقتصادية والاجتماعية، ويضاف الى ماسبق حالة التوتر بسبب ملفات داخلية مختلفة، ترتبط بالبرلمان، والملفات الحزبية، وما يتعلق بوجود مهددات تؤثر ايضا على الاستقرار، وتؤدي الى تجميد الانفاق، وتأثر القطاع الخاص.
الأرقام التي تعلنها الحكومات، او الجهات الثانية من خارج الحكومات مفيدة لتشخيص الازمات، حيث إننا الأبرع في تحديد أسباب الأزمات، لكننا نفشل بمعالجتها، بذرائع مختلفة، على الرغم من وجود امكانات في الداخل الأردني على مستوى ثروات الأردن، وامكانات القطاع الخاص، وعقد الشراكات، وغير ذلك، وهي كلها اذا أديرت جيدا، ستؤدي الى تحقيق نتائج مختلفة، على الصعيد الداخلي، حتى لا نبقى نقف أسارى للمساعدات العربية والدولية، ونهمل مزايانا النسبية.
الأرقام الإيجابية تريد اثباتات يلمسها الأردنيون جميعا، فيما الأرقام السلبية بحاجة إلى معالجة أسبابها، حتى لا ندور حول انفسنا، خصوصا، ان بالإمكان أحسن مما كان، في ظل ظروف لا ينكر أحد انها صعبة، لكنها يجب أن تحفز أصحاب القرار، على البحث عن حلول، من أجل أن يبقى الأردن كما نريده، وحتى لا تتضاعف الأرقام السلبية، وتصبح الأرقام الإيجابية مجرد دعاية للاستهلاك الداخلي.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-04-2025 09:16 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |