حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,30 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6012

د.عاصم منصور يكتب: غزة وسقوط الإعلام الغربي

د.عاصم منصور يكتب: غزة وسقوط الإعلام الغربي

د.عاصم منصور يكتب: غزة وسقوط الإعلام الغربي

30-04-2025 09:16 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.عاصم منصور
في زمن الحروب، يتجاوز دور الإعلام حدود نقل الأخبار ليصبح صوت الحقيقة، موثقًا للجرائم، ومبرزًا لمعاناة الضحايا. بقلمه وعدسته، يصبح الإعلامي صانعًا للرأي العام ومؤثرًا فيه. وقد تجلّى هذا الدور بوضوح في حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى اليوم، واضعًا المؤسسات الإعلامية وصحفييها أمام اختبار أخلاقي عسير.


لقد كشفت التغطية الإعلامية الغربية انحيازًا أعمى لإسرائيل، مستخدمةً عبارات مثل «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، مع ترويج أكاذيب ومعلومات مضللة- مثل مزاعم قطع رؤوس الأطفال الإسرائيليين واغتصاب النساء أثناء هجوم 7 أكتوبر- وهي روايات كررها الإعلام الغربي دون تحقق، أو سماع رواية الطرف الاخر وهو من أبجديات العمل الصحفي المحترف.

لاحقًا، انتهج الإعلام الغربي أسلوب تبرير جرائم الإبادة والمجازر الوحشية ضد المدنيين في غزة، ضاربًا عرض الحائط بكل المواثيق والمبادئ الصحفية والأخلاقية التي تدعو للمصداقية والموضوعية. والأسوأ من ذلك هو فبركة قصص مزيفة، كمشهد كبيرة مراسلي CNN كلاريسا وارد، التي ظهرت تلتصق بالأرض مدعيةً التعرض لخطر صواريخ المقاومة، ليتضح لاحقًا زيف هذه الادعاءات، مما أثار تساؤلات عميقة حول الانحياز الإعلامي، وانتقائية التعاطف، وجوهر العمل الصحفي في مناطق النزاع.
وقد شهدت غزة خلال العامين الماضيين دمارًا غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية: دمرت البنى التحتية، انهار النظام الصحي، وسقط عشرات الآلاف من الشهداء، جلّهم من النساء والأطفال. ومع ذلك، جاءت تغطية الإعلام الغربي لهذه المأساة باهتة، تفتقر إلى الإحساس بالمسؤولية والإنسانية. فقد انشغلت وسائل الإعلام بالسرديات السياسية والاستراتيجيات العسكرية، بينما غابت قصص المدنيين عن المشهد.
لقد كشفت حرب غزة عن ازدواجية معايير الإعلام الغربي بشكل فاضح؛ الإعلام الذي طالما تباهى بالموضوعية سقط سقوطًا مدويًا أمام اختبار المهنة بتحيزه الصارخ للعدوان الإسرائيلي. ورغم التعتيم الإعلامي الذي فرضته إسرائيل على الصحفيين، إلا أن الصحفيين الفلسطينيين أظهروا شجاعة استثنائية في نقل الحقيقة من الميدان، وقد استُشهد منهم حتى الآن 211 صحفيًا وفق آخر الإحصاءات من المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، معظمهم استُهدف بشكل متعمد.
هذا القصور الإعلامي ليس مجرد إخفاق تحريري، بل هو انهيار أخلاقي، فجوهر الصحافة يكمن في الشهادة على الحقيقة، وإيصال صوت من لا صوت لهم، ومساءلة أصحاب السلطة. وعندما تكتفي وسائل الإعلام الغربية بترديد الروايات الرسمية، أو تصف الضحايا المدنيين بـ»أضرار جانبية»، فهي بذلك تساهم في تجريدهم من إنسانيتهم، وتغطي على التكلفة الحقيقية للحرب.
إنّ المبادئ الأخلاقية التي يجب أن تحكم التغطية الصحفية للحروب- من دقة، حياد، وإنصاف- تم الدوس عليها بوضوح خلال تغطية حرب غزة، سواء تحت ضغط السياسات الرسمية أو بسبب الانحيازات الثقافية. فقد انهار مفهوم حيادية الإعلام، وأصبحت كثير من المؤسسات الإعلامية الغربية أداةً لتأطير الرأي العام بما يخدم القوى المهيمنة.
ومع ذلك، لا يمكن إنكار وجود بعض الصحفيين والمؤسسات الإعلامية الغربية الشريفة التي تحدت الرواية الرسمية، ونقلت الحقيقة بشجاعة، رغم أن أصواتهم غالبًا ما غرقت وسط ضجيج الدعاية السائدة. ومع استمرار المجازر، فإن الإعلام العالمي مُطالب أكثر من أي وقت مضى بالوفاء للمبادئ التي يدرسها لطلابه، وأن يكون صوت المظلومين، وأن يعيد للضحايا إنسانيتهم. عندها فقط، يمكن للصحافة أن تحقق رسالتها السامية: ليس فقط نقل الأخبار، بل إيقاظ الضمير الإنساني وتحفيز الفعل.











طباعة
  • المشاهدات: 6012
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
30-04-2025 09:16 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم