28-03-2008 04:00 PM
في صباح اليوم الثالث بعد ان تزوج واكمل نصف دينه .استيقظ العريس من نومه مبكرا ولكنه لم يجد احدا نا ئما بجانبه فبحث عنها في البيت والمطبخ وفناء الدار ونادى عليها ولكنها لم تجاوب فمال الى فطوره وتحسس ابريق الشاي فوجده ساخنا ورفع الغطاء عن الاكل فوجد فطوره جاهزا من الزيت والزيتون والزعتر واللبن وبيضه مسلوقه ومعها خبز ساخن من الطابون . فافطر وحمد الله على نعمه الكثيره واولها هذه المراه الكامله التي ان نظر اليها اسرته بادبها وجمالها وابتسامتها العذبه الخجوله وكلامها القليل حتى لو بدلت اسمه بضمير الغائب "هو" عندما تريد التحدث عنه. ثم لف سيجارته باحكام واشعلها وراح يغني " يا زريف الطول اسم الله عليه ...مزيون وحلو ومكحل عينيه ..وان ظربني او قتلني ما عليه ...وان كسر سني لقول اوقعت انا ..." . عادت بعد انتظار مر عليه وكانه دهر كامل واطلت بابتسامتها وسنها الذهبي الذي اصر على تلبيسه لها عربونا للمحبه واحتفالا بعقد قرانه عليها فسألها :وين كنتي يا كامله ؟.رحت اساعد عمتي في الحاكوره بس بهدلتني وقالت لي روحي عند زلمتك انتوا بعدكم عرسان وبلاش يزعل .هاظ انا زعلان ورايح ع الديوان ابخاطرك . عندما اقترب من ديوان العائله سمع صوتهم وهم ينتحبون ويبكون بصوت مرتفع تتخلله الشهقات ومسح الدموع والبرابير في الاكمام .فانخلع قلبه وظن للوهله ان كبيرهم قد مات فسألهم وهو يرتجف :مالكم خير ليش بتعيطوا .يا زلمه هاظ ابن عمك ما عنده رحمه بقرالنا في سيرة ابو زيد الهلالي وصار موقعه في الجوره اربع مرات واحنا خايفيين ع الفارس ينكسر وما يطلع منها .فصاح في ماسك الكتاب :ابترجاك يا ابن عمي . طلعه من هالجوره صاغ سليم وفشق عن كل الجور والحفر والبيار وبعدين كمل السيره .وانتوا يا رجال هدوا وامسحوا وجوهكم بالرحمن وبلاش الفال العاطل احسن تموتوا الزلمه .والله انه فارس وشجاع وما يستاهل الموت . هذه العروس كانت ليست جميله بطلتها وحيائها فقط وانما بسيرتها العطره ونتاجها الطيب من البنين والبنات وعملها الدؤوب والمتواصل في بيتها ومع زوجها ايام الحرث وايام الحصاد وفي موسم الزيتون وفي موسم الباميه والخيار والفقوس والكوسا والبندوره التي كانت تزرعها بيديها وترويها بعرقها وحبها وتلتقطها لتطعم اولادها بعد عودتهم من المدارس حيث تجالسهم وتسليهم وتدب في روحهم الحماسه للعلم والدراسه .ومن كثر جلوسها معهم تعلمت الحروف كتابة وقرائه وكانت تقول :الحمد لله فقد اصبحت اقرأواكتب ولم اعد اميه .لان الامي مثل الاعمى والغريب ولو شاف البعيد والقريب . حتى انها سافرت الى امريكا لوحدها لزيارة ولدها هناك ولكنها لم تحتمل العيش هناك وعندما سألتها لماذا عادت اجابتني :والله يا بنيي بلادهم زينة الحياه وبتشابه الجنه بس ما فيها لا اذان ولا كنت بسمع فيها حد بنادي حي على الصلاه حي على الفلاح.فرجعت لاسمعه ويذكرني بالفرض الي ما سهيت عنه ولا مره واحده . بنات هذه السيده كان الرجال يتهافتون ويركضون الى خطبتهن والزواج منهن لان النساء سلايل مثل الخيول فبنت الاصيله اصيله وبنت الخواضه خواضه .وكذلك ابناؤها كان من يتقدم منهم الى احدى البنات فانه تتم الموافقه عليه لانه ابن الحاجه كامله وليس من اجل شهاداتهم او علمهم او رواتبهم او مناصبهم التي وصلوها وهي كلها كانت في القمم ومعظمهم اصبحوا مدراء في شركات كبرى في بلاد العرب اوطاني ...لان هذه السيده اكملت واجبها على اتم وجه عندما مرض زوجها وقعد في فراشه ثلاث سنوات متتاليات ولكنها خدمته باحترام وطاعه وبدون تافف او سخط او شكوى ولو لمرة واحده وكانت تدعوا الله دائما وتقول :الله لا يميتني الا وغبرة الدنيا ع رجلي ....قبل ليلتلين من وفاتها احست بتعب بسيط ونادت على بناتها واولادها واحفادها فتحلقوا حولها وقالت :اسمعوا يا اولادي واسمعن يا بناتي .انا حاسه انه منيتي قربت وانا راضيه عليكم اجمعين ديروا بالكم عدينكم ورزقتكم تكون حلال .انا مبسوطه وعارفه وين طريقي ووين رايحه ومتعشمه في ربي الغفور الرحيم اللي عارف الظاهر والمخبى .بدي اياكم تذبحو خمس جديان وتطبخوهن وتطعموا كل مشتهي من قريب وبعيد .واوصيكم على جيرانكم واهلكم والفقراء والمساكين والايتام اعزموهم .ديروا بالكم انا ما بحب لحم الخرفان جيبوا جديان الله يرضى عليكم ويسعدكم دنيا واخره . عندما كانت بناتها على سطح البيت الذي ارتفعت طوابقه الاربعه يطبخن الطعام صعد الى السطح جدي لونه ابيض ووجه جميل بشعر اشقر وعينان لامعتان وتنطقان بالسرور والحبور .فدار على كل الطناجر وشمها طنجره بعد طنجره .ثم شم الارز والملح والبهارات والجميد وحتى البقدونس دون ان يحدث اي جلبه او بوقع اي صحن ثم التفت الى الجميع وغادر مسرعا . ولحق به الصغار والكبار ليمسكوا به ولكنه اختفى بعد خروجه من باب العماره الرئيس .ولقد فسروا الامر على انه روح الحاجه كامله جائت لتطمئن على اخر وجبه طعام تقدمها لاحبائها . هذه القصه ليست من نسيج الخيال وانما سمعتها من ابناء هذه السيده الفاضله ومن شدة اندهاشي بها فانني اعيدها عليكم واسالكم هل سمعتم بمثلها .وهل سمعتم بنموذج مثل هذه الكامله صاحبه السيره الطيبه والذكرى العطره.وهل نجد من تشبهها في يومنا هذا في بنات اليوم الذي تتربى فيه الاجيال على كلام النواعم وتوك شو ست الستات .ويتضاحكن مثل هاله سرحان ويسرحن بضيوفهم مثل نشوى الرويني واوبرى السمرا الامريكيه وكل برامج الرزينه والرزيله النازله علينا من الاقمار الاصطناعيه والسطلايت ...
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-03-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |