سرايا -

سرايا -  حالة من التوتر تشوب العلاقة بين الصحافة والنواب خلال الفترة الحالية ان لم تكن ازمة بعد قرار عودة مجلس النواب عن قراره السابق بالغاء المادة السابعة من مشروع القانون المعدل لقانون رعاية الثقافة التي تنص على انه تفرض لمصلحة صندوق دعم الحركة الثقافية والفنية المنصوص على انشائه في القانون ما قيمته 5% من قيمة نشر جميع اشكال الاعلانات في الصحافة والاذاعة والتلفزيون والاماكن العامة وما قيمته 2% من قيمة رسوم ترخيص محطات اذاعية او فضائية او تجديد ترخيص المحطات العاملة. لم تلق الخطوة استحسان او رضى اي من المؤسسات الاعلامية والصحفية لا سيما انها تأتي في وقت يعاني فيه الجميع من ضائقة مالية من جانب ، ومن جانب آخر الخطوة غير مبررة باقتطاع هذه النسبة المرتفعة جدا لصالح المثقفين والفنانين ، لا سيما انه في حالات الاقتطاع التي شهدتها الصحف في السابق لم تصل لهذه النسبة المرتفعة ، فنقابة الصحفيين وهي بيت الصحفيين يقتطع لصالحها فقط (1%).

كما ان للقرار محاذير وسلبيات اخرى لا تنسجم وتوجهات زيادة الاقبال على الاستثمارات الاعلامية ، عند فرض ما قيمته 2% من قيمة رسوم ترخيص المحطات الاذاعية او الفضائية او تجديد ترخيص المحطات العاملة ، الامر الذي سيكون دافعا لتهريب رأس المال الى خارج المملكة والاستثمارات لاجراءات غير مبررة للمستثمر.

حملات لمنع القانون

صحفيون واعلاميون ومستثمرون وصفوا في متابعة خاصة لــ "الدستور" القرار بأنه اجحاف بحق الصحف والاذاعات والتلفزيونات ، وبأنه منعطف خطير سيخلق ازمة حقيقية تؤدي الى تأزيم الواقع الاقتصادي لوسائل الاعلام كافة ، وتراجع حجم الاعلانات الى جانب انه يضيف عبئا ماليا جديدا على المواطنين.

فيما رأت وزير الثقافة نانسي باكير في تصريح خاص لــ "الدستور" انه لا بد من رصد مبلغ لدعم صندوق "دعم الحركة الثقافية والفنية" ، كون فئة المثقفين والفنانين تعاني من ازمة ، مشيرة الى انها لا تتحدث عن نسب الاقتطاع فالامر متروك لتحديده لكن لا بد من وجود مادة قانونية تلزم بتحديد روافد للصندوق.

الصحف اليومية والاسبوعية بدأت حملات واسعة لوقف تنفيذ القانون ، حيث بدأت خطوات جادة تتجه نحو مجلس الاعيان صاحب الولاية الآن على القانون ، حيث رفع اليه من النواب ، فيما يعقد مديرون عامون في عدد من الصحف اليومية خلال اليومين القادمين اجتماعا لتدارس خطورة الامر واتخاذ قرار سريع بشأن موقف موحد لوقف تطبيق القانون ، والاتصال مع مجلس الاعيان في محاولات لالغاء المادة.

والصحف الاسبوعية بدأت بدورها حملة واسعة لمنع تطبيق القرار كونها بحسب متحدثين باسمها تعاني من ازمات مالية متتالية يصعب معها ان يتم فرض ضرائب جديدة لن تؤدي بالمحصلة الا الى المزيد من الخسائر والاعباء المالية.

نقابة الصحفيين

نقيب الصحفيين طارق المومني بدوره اكد ان النقابة مع دعم الثقافة وكل انواع الابداع ، لكن اعتقد ان فرض ضريبة باقتطاع نسبة (5%) امر مبالغ فيه جدا ، ونحن لا نرى بذلك امرا منطقيا.

ورأى المومني انه في حال رغبت الصحف المساهمة في دعم الحركة الثقافية فهذا امر يجب ان يترك طواعية لها وليس بموجب قانون يفرض عليها هذا الامر ، وان تقدم كل صحيفة المبلغ الذي تراه مناسبا لوضعها طواعية في حال رغبت بدعم الحركة الثقافية ، لكن ان تفرض الضريبة فرضا فهذا امر غير مقبول وغير منطقي.

وقال المومني: في نهاية الامر علينا بالاساس ان ندعم الصحفيين ونحسن اوضاعهم والعاملين بالصحف والعاملين ، فالاولوية بهذه الامور ان تكون للصحفيين وليس لغيرهم ومن ثم نعمل على دعم غيرهم من القطاعات.

سيف الشريف

من جانبه رأى رئيس مجلس ادارة جريدة "الدستور" ومديرها العام سيف الشريف ان دعم الثقافة واجب وطني ، وعلينا جميعا ان نقدم الدعم الكامل للثقافة بكل اشكالها ، فهذه ضرورة حتمية واعتقادي انه على الحكومة ان تقدم دعما للحركة الثقافية كما انه علينا جميعا القيام بذلك ، لكن موضوع ضريبة (5%) على الصحف في وقت صعب جدا وحالة الغلاء التي يعاني منها المواطنون مما لا شك فيه ان هذه الضريبة ستشكل عبئا كبير جدا وجديدا على المواطن كونه بطبيعة الحال من سيدفع هذه النسبة الاضافية.

واعترض الشريف على القيمة التي ستقتطع وكذلك على التوقيت الذي تم فيه فرض هذه الضريبة ، لافتا الى ان الصحف تقتطع لنقابة الصحفيين ما نسبته (1%) فقط ، فكيف يمكننا ان نعطي الثقافة اكثر مما نقدمه للصحفيين ، وما سيتم اقتطاعه للثقافة مبلغ كبير اذا ما طبق بالنسبة التي نص عليها مشروع القانون.

ورأى الشريف ان النواب جيروا مشكلة الثقافة الى المواطن الذي لم يعد يطيق دفع اي فلس اضافي على موازنته ، فهذه القيمة كبيرة وستؤدي الى تهريب الاعلانات من الصحافة ، مشددا على ضرورة ان يكون هناك حل من الحكومة وكفانا ضغطا على موازنة المواطنين.

راضي الخص

ولم يكن رأي المدير الاقليمي لشبكة راديو وتلفزيون العرب ART راضي الخص بعيدا عن رأي الشريف والمومني في رفض القرار لا سيما انه يمس الاعلام المرئي والمسموع بشكل كبير ايضا. وقال الخص: اعتقد ان القرار نوع من جباية لضرائب جديدة على الاعلام ستنعكس بشكل مباشر على المستهلك ، اضافة الى انه سيهرب اصحاب رؤوس الاموال من الاستثمار في الاردن الى غيره من الدول.

وطالب الخص في حال كانت هناك ضرورة لمثل هذه الضرائب بان تدخل في رسوم الترخيص دون الاعلان عنها على اساس انها لدعم الحركة الثقافية لأن احدا من المستثمرين لن يقبل بأي صورة من الصور ان يدفع هذه النسبة لغايات غير مقنعة ، الامر الذي سيؤدي حتما الى تهريب الاستثمارات الاعلامية ، فالقرار ليس لمصلحة الاستثمارات الاعلامية بكل اشكالها وليس منطقيا ما يحدث على الاطلاق.

واعتبر الخص ان الاستثمارات الاعلامية بشكل او بآخر تقدم خدمات للاردن لما توفره من فرص عمل وتشغيل ايد عاملة اردنية وتعمل على خلق سوق عمل اعلامي نشط ، الامر الذي يحتم حماية هذه الاستثمارات والعمل على جذب المزيد منها وليس فرض ضرائب جديدة عليها.

هيئة المرئي والمسموع

مصادر هيئة المرئي والمسموع لم ترغب بالدخول في تفاصيل مشروع القانون كونه لم يأخذ مراحله النهائية بعد ، فما زالت هناك مرحلة مجلس الاعيان الذي من شأنه النظر بهذه الامور بشكل مختلف.

ورأت مصادر الهيئة انه لا يمكن الحكم على قانون لم ينته بعد ولم يقر ، كما اننا لم نطلع على جوانبه كافة ، وبعدما تنتهي كل هذه الامور حتما سيكون لنا تعليق ووجهة نظر معلنة في الامر.

جمال المحتسب

وعن الصحف الاسبوعية وما ستواجهه من محنة حقيقية نتيجة لهذه الضريبة غير المبررة اعتبر رئيس تحرير صحيفة (المرآة) الاسبوعية جمال المحتسب القرار غير موفق كونه سيحد من الحريات كون كثرة الضرائب من شأنها الضغط على الحريات ، مشيرا الى ان الصحف الاسبوعية كانت قد تابعت ضمن جهود ائتلافها مع النواب عدم اقرار هذه المادة كونها ستكون قاسية وموجعة جدا للأسبوعيات لكن للاسف انه تم تمريرها واقرارها نيابيا.

وشدد المحتسب على ان الاسبوعيات سوف تقود حملة ضد هذا الاجراء بكل الاشكال المهنية ، سعيا للوصول الى حل مع السادة الاعيان لالغاء الامر وعدم فرضه علينا لانه ولا شك سيكون له نتائج خطيرة على واقع الاسبوعيات ومخاطر كبيرة ليس فقط علينا بل على الحياة الاقتصادية.

ولفت المحتسب الى ان سلبيات القرار ستنعكس ايضا على اليوميات وتوزيع حصص الاعلانات حيث سيفضل المواطن الاعلان بصحيفة واحدة ، بدلا من نشر الاعلان في أكثر من صحيفة بطبيعة الحال من منطلق التوفير المالي.

وقال المحتسب انه كان من الاولى ان نطالب بدعم الصحفيين والعاملين بالصحف لاننا لسنا افضل حالا من الفنانين ، مشددا على ضرورة ان يكون هناك موقف حازم وصارم من الصحفيين لمنع تطبيق القرار لانه قرار غير مدروس ، مشددا على ان الاولى بالدعم والضريبة ان تكون لصالح الصحفيين ، وعلى وزارة الثقافة ان تواجه مشاكل قطاعها وان لا يتم دعم الحركة الثقافية من جيوب المواطنين.