بقلم : هاشم الخالدي

منذ أن خط قلمي في الصحافة عبر الثمانية عشر عاماً الماضية، وأنا أسمع وما زلت ان الحكومات المتعاقبة والنواب والامن العام يشكلون لجان تحقيق في كل ما هب ودب، لكنني حين التقيت رئيس وزراء أسبق قبل أيام زاد من احباطي وشكوكي عندما قال لي بأننا كنا دائماً نلجأ لتشكيل لجان تحقيق لنصل إلى هدفين أولهما تهدئة الشارع وثانيهما تضييع القضية وتفكيكها بعد أن يكون المواطن قد نسي لماذا شكلت لجنة التحقيق اصلاً.

يضيف: هل سمعت أن احداً اثار ضجة أو اقام الدنيا لمعرفة نتائج لجنة التحقيق الفلانية أو العلانية ؟؟

قلت: لا :

قال : اذا هنا مكمن القصة.

اليوم .. ضحكت حتى الثمالة ... واحبطت حتى الثمالة، فحكومة الدكتور القاضي عون الخصاونة ضربت رقماً جديداً في موسوعة غينيس عندما اوصت لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الخصاونة حول قضية هروب الباخرة سور بتشكيل لجنة تحقيق برئاسة وزير العدل وعضوية رئيس ديوان التشريع والرأي ورئيس ديوان الخدمة المدنية لتحديد على من تقع مسؤولية هروب الباخرة "سور".

شيء مضحك حقاً .. فبعد أن انتظرنا اسبوعين بأكملهم لم تخرج علينا اللجنة إلا بتوصية تشكيل لجنة تحقيق مع بعض الوصايا غير الضرورية، وربما نفاجئ بعد اسبوعين بصدور قرار من لجنة التحقيق الجديدة توصي من خلاله بتشكيل لجنة تقصي حقائق برئاسة وزير التنمية الاجتماعية باعتبار أن الذرة الفاسدة التي كانت على متن الباخرة كان من المفترض أن يأكلها الفقراء من منتفعي صندوق المعونة الوطنية المسؤولة عنهم وزارة التنمية الاجتماعية؟

اخشى هنا وليعذرني الاصدقاء من وزراء الخصاونة على التعبير، فأنا لا أستطيع المجاملة بمثل هذه الأمور .. أقول .. اخشى أن تشكيل لجنة التحقيق الجديدة يأتي من اجل اعطاء فرصة لنسيان القضية بقضية اخرى، ربما تثار لجلب انتباه الرأي العام، فلا يعود لهروب الباخرة "سور" وتداعياتها أي أهمية، وهذا الامر اذا صح فالمؤكد أن ما يجري هو اتباع لنصيحة "أمنية" أكل عليها الدهر وشرب، ولم يعد لها مكان في ظل التكنولوجيا المتطورة، لا سيما أن موقعاً بحجم سرايا هو من تبنى القضية وهو من أجبر الباخرة "سور" على الهروب "ركضاً" من ميناء العقبة خوفاً من ظهور معلومات ربما تثبت تورط جهات عديدة في هذه القضية؟

إذا كنت كاذباً فلماذا لم تقم الحكومات المتعاقبة والامن العام بالكشف عن نتائج مئات لجان التحقيق تم تشكيلها على مدار سنوات، ولم نقرأ أو نشاهد نتائج هذه التحقيقات؟

مجلس النواب شكل قبل أيام لجنة تحقيق لملف سكن كريم لعيش كريم، وهو يعلم أن نواباً حاليين وسابقين متهمين بهذا الملف، فهل سيتم الكشف عن نتائج لجنة التحقيق ام أن ما صدر في الاعلام مجرد امتصاص لغضب الفقراء الذين اكتوا من فساد عطاءات هذا السكن حتى باتت تزكم الانوف؟

من يريد أن يتأكد من كلامي فما عليه سوى الدخول إلى محرك البحث "غوغل" ليكتشف أن حكومة البخيت وحكومة بدران وما قبلها وجميع مدراء الأمن العام قاموا بتشكيل مئات لجان التحقيق، لكننا لم نعرف نتائج هذه التحقيقات؟

نريد من حكومة الخصاونة أن تتعامل بشفافية ودون خوف عندما تقوم بتشكيل لجان التحقيق في أي قضية من القضايا، حتى لو كانت الجهة المتورطة أمنية أو عليا، لأن المواطن الاردني لم تعد تنطلي عليه هذه القضايا.

الشعب يريد معرفة الحقيقة .. لا أكثر .. اللهم اني بلغت .. اللهم فاشهد

الكاتب مؤسس موقع سرايا

Hashem7002@yahoo.com