19-12-2011 06:17 AM
بقلم : هاشم الخالدي
قبل ايام عدت من رحلة سياحية الى منطقة شرم الشيخ حتى ازيل عن الكاهل اعباء السياسة ومعارك الساسة وما هي لحظات حتى لبست من جديد عباءة السياسة الخارجية متعطشا لمعرفة ما آلت وستؤول اليه احوال مصر العزيزة على قلبي بعد الاطاحة بالدكتاتور محمد حسني مبارك وزبانيته الذين عاثوا في ارض "المعز" فسادا ونهبوا ثرواتها على اعين الشعب .
كاد ذلك الرجل العجوز الذي قادنا عبر التكسي الى منطقة "نجمة سيناء" يطلق العنان لدموعه وهو يرى حال مصر يؤول الى الفوضى ، لكنه صدمني والمنى في ذات الوقت حين وجه كلامه لي قائلا " الله يرحم ايامك يا حسني مبارك ".
بقدر تلك الصدمة رددت عليه قائلا " ولكن حسني مبارك نهب ثروات مصر هو وانجاله وزبانيته فكيف يتفق ان تترحم على ايامه ..... رد ابو محمد وهو من منطقة المنصورة قائلا : " ايام مبارك كان في امن وامان ... اما دلوقتي ما فيش؟ .
لم استطع ان امرر هذه الكلمات بسهولة لان ما تحدث به الرجل هو شيء خطير للغاية لان السؤال المقيت الذي بات يطرح الان على مستوى الحراكات الشعبيه" هل بديل الانظمة الديكتاتورية هو الفوضى ؟؟؟
كنت اتمنى ان اجيب على هذا التساؤل بالقول : طبعا لا, لأن الديمقراطية لها اوجه ايجابية عديده منها مكافحة الفساد ونشر الامن والامان واعادة الاموال والثروات المنهوبة لخزينة الدوله واشاعة العدل بين الناس ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتوزيع الثروات بشكل عادل بين المواطنين ونبذ سطوة الرجل الواحد.
هكذا افهم الديمقراطية ولهذا كله وقفنا مع الشعب التونسي لطرد الديكتاتور زين العابدين بن علي ، ولهذا كله وقفنا مع الشعب الليبي لانهاء اسطورة الديكتاتور معمر القذافي ولكل ما سبق وقفنا مع الشعب المصري لانهاء حكم عميل اسرائيل وقاتل اطفال غزة حسني مبارك , ولكن المؤسف في هذه الثورات الثلاث ان الفوضى حلت مكان الأمان .. ففي تونس استمرت المواجهات بين الشعب والأمن حتى بعد هروب بن علي الى السعودية وفي ليبيا ما زال الثوار مصراته والزاوية وغيرهم متسلحين بشتى انواع الاسلحة رافضين تسليمها في الوقت الذي بدأت تعلوا الاصوات للاطاحة بالمجلس الانتقالي وما زالت الفوضى وإنعدام الأمن يسيطران على الشوارع والمداخل "زنقة زنقة" كما يقال , اما في مصر التي يتلوع قلبي عليها كقومي عربي , فما زال ميدان التحرير وشارع القصر العيني ملتهبا رغم انهاء حكم مبارك، وما زال شباب الثورة- او لنقل- البلطجيه- على ذمة البعض الاخر- يغلقون بوابات مجلس الوزراء ويشعلون النار في اقدم كتب التاريخ التي كانت تصطف بإجلال في المجمع العلمي المصري الذي أسسه نابليون قبل 200 عام ... وما زال الأمن مفقودا في القاهره والاسكندريه والمنصوره وسوهاج .. فهل هذا هو البديل؟؟
احيانا تاخذني العاطفة لانادي باستمرار الانظمة الديكتاتورية على حالها من النهب والسلب مقابل عدم ازهاق الارواح وانهمار شلال الدم ,بين افراد الشعب والامن والجيش لان ما يحصل الان هو نسخة مؤسفة من الربيع العربي بلون الدم القاني بدل ان يكون بلون الازهار والاشجار المخضرة.
ما حدث في تونس وليبيا ومصر وحاليا سوريا يجب ان يكون درسا للشعوب العربية المنادية بالتغيير والاصلاح السياسي , ففي الوقت الذي تنادي فيه الشعوب العربيه بالاصلاح والتغيير يفترض ايضا ان يكون هذا الاصلاح سلميا بعيدا عن الفوضى واغلاق الشوارع والعصيان المدني وخرق القانون وشتم الامن والجيش واضعاف هيبة الدوله لان الشعوب العربية التي تنادي بالاصلاح يجب ان يكون لديها القدرة على منح المواطن العربي الامن قبل رغيف الخبز ... وإلا فلن نفاجئ مستقبلا اذا ما تنامت لدى بعض الشعوب العربيه فكرة المناده بالابقاء على الانظمه الديكتاتوريه كما هي ... مقابل ... الامن والامان؟؟؟ هل هذا ما نريده؟؟؟ وهل هذا هو الربيع العربي الذي لم نر منه الا الدم والفوضى؟؟؟
الكاتب : مؤسس موقع سرايا
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
19-12-2011 06:17 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |