04-04-2008 04:00 PM
بداية ..لا بد من الأشارة الى انه لم يسجل عبر التاريخ الطويل للبشرية ان قامت امبراطورية ما ودامت الى ابد الدهر ..وانما يسجل ذلك التاريخ ان ممالك وامبراطوريات كثيرة قد قامت ونشأت وبلغت ذروة مجدها وقوتها وغناها ...ثم زالت ...ومن هنا يكون التساؤل في محله تماما : هل سيأتي يوم نرى فيه زوال الأمبراطورية الأمريكية وهيمنتها على العالم ومقدراته ؟؟وللأجابة على هذا التساؤل نرى انه من الضروري الرجوع الى التاريخ نستعرضه بشكل سريع لنستنتج ان ديمومة الأمبراطوريات والممالك يعتبر من رابع المستحيل في ضل حركة التاريخ وديناميكية التطور السياسي والأقتصادي والأجتماعي للمجتمعات البشرية ...فقد قامت في مصر القديمة عدة امبراطوريات في غابر العصور وبعد ان بلغت أوج قوتها ونفوذها وتوسعها الجغرافي ..رأيناها تندثر وتنتهي وتغيب ...وكذلك حصل مع كافة الممالك والأمبراطوريات والحضارات القديمة ..سواء كانت في اوروبا او آسيا( اليونانية والرومانية في اوروبا ...والممالك والأمبراطوريات التي نشأت في ما بين النهرين ..والممالك والأمبراطوريات التي قامت وبسطت نفوذها في وسط آسيا وشرقها ...الخ ) مرورا بالخلافة ( الدولة) الأموية والعباسية وبدول المماليكعلى مختلف مسمياتها وبكل الممالك الأسلامية التي جاءت بعد ذلك حتى نصل الى قيام الخلافة ( الدولة ) العثمانية – التركية ...ومن الجدير بالتنويه هنا ان عوامل انهيار هذه الأمبراطوريا هي نفس العوامل : العداوات الخارجية التي كانت تنهكها عسكريا واقتصاديا ثم الثورات الداخلية التي كانت تخلخل البنية الأجتماعية لهذه الممالك ..وقد يكون هناك عوامل اخرى ..ولكن يبقى هذان العاملان هما الأهم ...ومن نافل القول ان لاالأسكندر المقدوني عندما اجتاحت جيوشه المنتصرة اربعة اركان الأرض ولا دولة الخلافة الأسلامية حتى اواخر حقبة بني العباس قد دار بخلدهم ان ما شيدوه من امبراطوريات لا تغيب عنها الشمس ..قد تنهار وتزول في يوم من الأيام ...ولكنا مع ذلك زالت واندثرت مفسحة المجال لقوى جديدة حلت محلها ..الدولة التركية ( العثمانية ) انتهت عقب الحرب العالمية الأولى وانتهت القوى الأمبراطورية الأخرى ( البريطانية والفرنسية ) كقوى كبرى مهيمنة عقب الحرب العالمية الثانية ...مما افسح المجال لأن ترتقي هرم الحضارة الغربية القوة الجديدة الناشئة ما وراء الأطلسي وهي ..امريكا ...وبمفابل هذه الفوة الجبارة كان هناك الأتحاد السوفياتي الذي قاسمها مناطق النفوذ في العالم ...على اختلاف مقاصد الدولتين الأعظم وظروف نشأة وقيام كل منهما ...ومع نهايات القرن العشرين تهاوى وأفل نجم الأتحاد السوفياتي ذلك الأفول السريع والمدوي .. لأسباب متعددة يطول شرحها ..ولكنها لا تخرج في مجملها عما اوردناه سابقا عن عوامل انهيار الأمراطوريات والممالك والدول العظمى ( الخارجية والداخلية ) ...فانفردت الولايات المتحدة الأمريكية وما تزال كقوة كبرى وحيدة مهيمنةعلى العالم ومقدراته..ولعل التوجه الأمبراطوري بات اكثر وضوحا في السلوك والتعامل الأمريكي مع العالم منذ عهد الرئيس ريجان فصاعدا ...ويعلم الجميع ان التاريخ لم يشهد قوة عسكرية واقتصادية كالقوة الأمريكية ...ويبقى السؤال : هل ستدوم هذه السيطرةوالهيمنة الامريكية ام انه سيجري عليها ما جرى لغيرها من الامبراطوريات والممالك ؟؟؟هل ستنهار امريكا ؟ ومتى . وكيف ؟ وما الاسباب ؟ ان ما تمارسه امريكا الآن من بلطجة سياسية وعسكرية واقتصادية هو نفس ما مارسته القوى العظمى عندما كان يتاح لها الأستفراد بالعالم ...بدءا من الامبراطورية الرومانية وانتهاء بالبريطانية ...وهناك في امريكا من ينظرويبرر لهذا الدور وهم الليبراليين الجدد الذين يشكلون المدرسة الفكرية لهذا الاتجاه .. ولكن ايضا هناك مدرسة امريكية ( اصبحت ضعيفة الآن وأقل نفوذا ) ما زالت تريد ان تحافظ على المثل الامريكية التقليدية من ليبرالية وتسامح وسيادة قانون ..ويبقى ان نستعرض معاالدول المهيأة ..او ما يمكن ان نطلق عليه ( عوامل خارجية )ستسحب بساط الهيمنةوالتفردبحكم العالم من تحت ارجل امريكا خلال الحقبة القادمة : اولى هذه القوى هي الصين ..ذلك العملاق الآسيوي الذي طال سباته ..وهو الآن يعتبر بحق ابرز اللاعبين الأساسيين ليتقاسم النفوذ (والهيمنة ) مع امريكا ..ولن ندخل في تفاصيل القوى الصينية الكامنة والتي تجعلنا نخلص الى هذه النتيجة ...كما ان هناك الهند واليابان ...ولو بشكل اقل من الصين ...وهناك المجموعة الأوروبية وروسيا ...وتتوقف صورة المستقبل في الكثير من جوانبها على علاقة امريكا مع هؤلاء اللاعبين ..اذن كيف ستسير الأمور في ضوء ما ذكرناه ؟ في المدى المنظور ..سيستمر هذا التوجه الأمبراطوري الأمريكي ضاربا عرض الحائط بكل الاخلاقيات وألاعراف والتقاليد والقيم وستزدادالضغزط على سورية وايران وربما كوريا الشمالية وفنزويلا وكوبا (كترجمة فعلية للسلوك الأمبراطوري الامريكي اللااخلاقي على مستوى العالم) وسيزداد الدعم الامريكي لأسرائيل على حساب عداء امريكي مطلق لكل ما هو عربي او اسلامي ..وسيزداد التوتر مع اوروبا المتوحدة والمتقدمة بخطى ثابتة تكنولوجيا واقتصاديا ...وسيزداد تهميش امريكا لمنظمة الامم المتحدة وقراراتها ..ولأنها تعتقد ان ما تراه صوابا هو الصواب بالضرورة ..فانها لن تعير اي اهتمام للشرعية الدولية في اي شأن من الشؤون الا اذا كان يخدم مصالحها ومصالح حليفتها اسرائيل ...والتاريخ يقول لنا ان الامبراطوريات وعندما تفقد اساسها الاخلاقي والقانوني فأنها تبدأ بالأنهيار ...ومع استمرار التوجه الامبراطوري سيزداد العالم..وليس العالم العربي والاسلامي فقط كرها لأمريكاوسيزداد توترا وعنفا...ولكن وعندما نستعرض العامل الداخلي في انهيار الامبراطوريات الكبرى ..فأننا نراهن على بعض القوى المعتدلة التي اشرنا اليها آنفا في ان تصل الى مرحلة التأثير في نكوص امريكا عن تعاملها الأستعلائي مع العالم ..وان يتجه بمصالح امريكا الى ذلك التوجه العقلاني الذي يقول من جملة ما يقول ان المصالح الامريكية (حسب العقل والمصلحة ) هي مثلا مع العالمين العربي والأسلامي وليست مع اسرائيل التي شكلت ومنذ تأسيسها عبئا ثقيلا على امريكا ..كدولة وكدافعي ضرائب ...واذا تحقق هذا الأحتمال ..قأن امريكا ستعود الى العالم دون هذه المخالب النووية وهذا الأستعلاء الوحشي ..وسيعود اليها العالم ...وستبقى امريكا دولة كبرى ولكن مقلمة الأظافر مقلوعة الأنياب ..تتقاسم النفوذ والقوة مع قوى اخرى غيرها ...وعلى اي حال فلن تبقى امريكا مهيمنة على العالم ومقدراته الى الأبد .... عاطف الكيلاني atef.kelani@yahoo.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-04-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |