14-04-2008 04:00 PM
سرايا -
سرايا - من شاكر الجوهري - يزداد شعور الأردن بالخطر جراء ما يبدو تسارعا في العد التنازلي الأميركي لشن عدوان عسكري جديد على ايران هذه المرة، قد يشمل سوريا..!
ويتحدث مسؤولون اردنيون في مجالسهم الخاصة والمغلقة عن ذلك بلغة لا ينقصها الوضوح.
ملخص هذه المخاوف يتمثل في أن ضربة عسكرية اميركية لإيران ستؤدي لا محالة إلى تحول ولاءات التنظيمات الشيعية الحاكمة في العراق الآن مرة أخرى نحو طهران، بعد أن مالت نحو واشنطن منذ نجاح قواتها في احتلال العراق.
المدخل إلى هذا الحديث هو دائما الإقتتال العسكري المتقطع بين الجيش العراقي مدعوما بقوات الإحتلال الأميركي من جهة، وجيش المهدي، الجناح العسكري للتيار الصدري، من الجهة الأخرى..أي بين شيعة ايران وشيعة اميركا، إن جاز التعبير. وكذلك اعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد عن تسارع الخطى الإيرانية لامتلاك قنبلة نووية ايرانية..!
ما يخيف الأردن أساسا هو التطورات اللاحقة على الضربة العسكرية الأميركية لإيران، لا امتلاك ايران لقنبلة نووية.
فالأردن يرى أن الضربة العسكرية الأميركية لإيران لن تكون شاملة، ولن تؤدي إلى احتلال إيران، وذلك لجملة أسباب:
الأول: عدم امتلاك اميركا قوات عسكرية كافية لإحتلال ايران. فأميركا لا تستطيع في الوقت الحالي زيادة حجم قواتها في العراق، وأفغانستان، فما بالك ارسال قوات تحتل ايران، فضلا عن البقاء فيها..!
الثاني: احتلال ايران ـ إن حدث ـ يعني مواجهة:
1. مقاومة ايرانية شرسة وواسعة النطاق على اتساع الأراضي الإيرانية. مع ضرورة الأخذ بعين الإعتبار أن مساحة ايران تساوي أكثر من ثلاثة أضعاف مساحة العراق، وكذلك يقارب عدد سكان ايران ثلاث امثال سكان العراق، خاصة إذا أخذنا بالإعتبار وجود أكثر من خمسة ملايين عراقي خارج بلادهم.
2. تصعيد المقاومة العراقية على نحو غير مسبوق، خاصة وأن الميليشيات الشيعية ـ في غالبيتها الساحقة ـ ستدخل الميدان في هذه المرة.
3. وذلك إلى جانب تصاعد مقاومة حركة طالبان في افغانستان.
الثالث: ارتفاع حجم المديونية الأميركية الخارجية والداخلية إلى أكثر من ترليار دولار، بعد أن نجحت ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون في معالجة الإختلالات الإقتصادية التي خلفها عهد بوش الأب، وتسديد الديون التي تسبب بها ذلك العهد.
رابعا: عدم معقولية أن يتسبب بوش الإبن في إلحاق هزيمة عسكرية عاجلة بأميركا، وهي على أبواب الإنتخابات الرئاسية والنصفية البرلمانية المقبلة نهاية العام الحالي، لأن في ذلك ضمانة أكيدة بحصاد حزبه الجمهوري لنتائج هذه الهزيمة.
الضربة العسكرية الأميركية لإيران ـ إن تقررت بشكل نهائي ـ ستكون إذا ضربة جوية وصاروخية.
نتائج هذه الضربة، يلتقي الأردن مع السعودية ودول خليجية أخرى، على أنها ستتمثل فيما يلي:
أولا: توجيه ضربات صاروخية وجوية ايرانية لأهداف استراتيجية في بلدان الخليج العربي (آبار النفط، الموانئ والمطارات والقواعد العسكرية، وناقلات النفط).
ثانيا: إغلاق ايران لمضيق هرمز، الذي تشرف اراضيها على ساحله الشمالي، فيما تشرف دولة الإمارات على ساحله الجنوبي بهدف وقف صادرات النفط الخليجي..علما أن عرض مياه المضيق الصالحة للملاحة لا تتجاوز الكيلو متر الواحد. ما يعني قدرة ايران على إغلاق الملاحة في المضيق بواسطة قصف مدفعي من داخل الأراضي الإيرانية.
ثالثا: ارتفاع اسعار النفط عالميا على نحو يتهدد الأردن استراتيجيا بشكل غير مسبوق، وعلى نحو لا يستطيع انبوب النفط السعودي الممتد من شرق السعودية إلى البحر الأحمر على تغطية فارق طلب السوق.
رابعا: شيوع حالة من الفلتان الأمني في غرب وجنوب العراق تتهدد أمن الأردن وجميع الدول الخليجية، التي ستشهد في هذه الحالة، وفقا لرؤية العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حربا طائفية مدمرة قد تمتد إلى مئة عام..!
فيما يتعلق بالأردن على وجه التحديد، فإنه ما زال يعاني من نتائج احتلال العراق حيث كان ثاني دولة بعد العراق نفسه تضرر من هذا الإحتلال. وقد تمثلت الأضرار التي لحقت بالأردن فيما يلي:
أولا: تهديد الأمن الأردني، وقد تجلى ذلك في استهدافه من قبل التنظيمات الأصولية التي نجحت في تفجير ثلاثة فنادق وقتل أكثر من ستين مواطنا اردنيا وغير اردني، وإطلاق صواريخ على أهداف في مدينة العقبة حيث المنطقة الإقتصادية الخاصة.
ثانيا: خسارة المنحة النفطية العراقية المجانية التي كانت تقدر بنصف فاتورته النفطية، وحصوله على النصف الآخر بأسعار تفضيلية.
ثالثا: اضطراره لاستقبال اعداد كبيرة من اللاجئين العراقيين يترواح عددهم بين النصف والثلاثة ارباع المليون نسمة.
كل هذا تعرض له الأردن بسبب الإحتلال الأميركي للعراق، وفي وقت تتواجد فيه القوات الأميركية المحتلة في العراق، فكيف إذا اضطرت واشنطن تحت وطأة حماقتها الجديدة في ايران لسحب قواتها فجأة من العراق ومن كل المنطقة..؟!
في هذه الحالة سيجد الأردن أن أمنه واستقراره باتا في مهب الريح..!!
سيجد الأردن نفسه مضطرا للتعامل ابتداء مع القفزة الجديدة لأسعار النفط عالميا. وسيجد نفسه جارا لحالة غير مسبوقة من الفلتان الأمني..! وسيجد نفسه بلدا مستوردا للفلتان الأمني ما دام جاره العراقي سيعمل على تصدير هذا الفلتان على نحو غير مسبوق.
فكيف إذا تحول العراق إلى جمهورية اسلامية على الطريقة الإيرانية..؟!
وكيف إذا شملت الحماقة الأميركية سوريا إلى جانب ايران..؟!!
وكيف كذلك إذا شاركت اسرائيل في الحماقة الأميركية، ما دامت اسرائيل ومحافظيها الجدد في واشنطن هم الذين يديرون السياسة الأميركية في الوقت الراهن، مستهدفة لبنان ومقاومته الشعبية ممثلة في حزب الله..؟!!!
بالطبع يجب عدم اغفال تعنت اسرائيل في مفاوضاتها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وإبقاء المسار الفسلطيني قنبلة موقوتة تتهدد أمن كل المنطقة.
في هذه الحالة سيواجه الأردن اخطارا تمس أمنه الإستراتيجي بكل معنى الكلمة.
لذا؛ فإن الأردن يعمل منذ الآن على وضع خطة تحرك استراتيجية هدفها الأساس الحفاظ على أمنه واستقراره، والحيلولة دون أن تتهدده الأخطار المحدقة به.
وتتمثل ملامح هذه الخطة في:
أولا: نسج تحالفات مع قوى عشائرية عراقية، خصوصا في غرب العراق، كي تتولى المشاركة في حماية الأمن الأردني من الغرب.
ثانيا: رفض الموافقة على توجيه ضربة عسكرية اميركية لإيران..ما دامت كل هذه الأخطار ستترتب على مثل هذه الضربة. وبالطبع عدم المشاركة في أي جهد عسكري أو لوجستي لغاية الإعتداء على ايران.
ثالثا: فتح حوار استراتيجي مع ايران وسوريا. وهذا ما يفسر الزيارة التي قام بها الدكتور باسم عوض الله رئيس الديوان الملكي الأردني لدمشق خلال اليوم الأول للقمة العربية الأخيرة، ونقله رسالة من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني للرئيس السوري بشار الأسد، الذي استقبله في قصر المؤتمرات، غير بعيد عن قاعة اجتماع الزعماء العرب، في وقت اضطر الأردن فيه إلى خفض مستوى تمثيله في القمة إلى مستوى ممثله لدى جامعة الدول العربية.
خفض مستوى تمثيل الأردن في قمة دمشق كان تماهيا مع الضغوط السعودية لا الأميركية، ولحسابات نفطية في المقام الأول، تأخذ في اعتبارها كل ما سبق..!
ولهذا، تؤكد المصادر أن عمان التي سبق لها تجربة الوعود الأميركية، لا يمكن أن توافق في هذه المرة على تكرار الخطأ الذي ارتكبته عام 2003، حين وافقت تحت وطأة ضغوط اميركية لم تتمكن من تحملها في حينه، على نشر خمسة آلاف جندي اميركي في اراضيها الشرقية المحاذية لغرب العراق، والمشاركة في المجهود الحربي الأميركي الهادف إلى احتلال العراق، مقابل وعد اميركي بأن يصبح العراق نموذجا ديمقراطيا، وأن يحصل الأردن على مبلغ سبعمائة مليون دولار تعويضا عن خسائره النفطية من العراق، دون أن يدري أن عراق الإحتلال سيوقف المساعدات النفطية عنه، وأن هذه المساعدة الأميركية لا تساوي شيئا مقارنة بالمساعدات السخية التي كان يتلقاها من عراق صدام حسين..!
الأردن ليس وحده الذي بات يفكر بضرورة اقامة نظام أمني اقليمي، ولهذا وجدنا السعودية تتماهى مع الحكمة القطرية التي تجلت مؤخرا في دعوة الرئيس الإيراني للمشاركة في أعمال القمة الخليجية في الدوحة. ولهذا أيضا يتم تسريب معلومات تفيد أن الأردن يدرس امكانية تعزيز علاقاته مع كل من سوريا وإيران، وربما كذلك صقور الإخوان المسلمين و"حماس".
وتؤكد المصادر أنه بالنسبة لبلد مثل الأردن، فإن الخيار الأفضل في كل الأحوال هو الإستناد إلى نظام أمني اقليمي وعربي يعكس مصالح اطرافه المباشرة، دون ورطات تتمثل في الإستجابة لضغوط الحماقة الأميركية من جديد..!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-04-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |