13-04-2008 04:00 PM
ليس مطلوباً الآن ، ضمن سياق تحوّلات فاقعة في طرائق المعيشة و ألوان الكلام ، أن يصير الحديث إلى " خبز و حزن ومعاناة قهر " أو أن يغدو محور " الإنسان " عنواناً للجدل والحراك اللغويّ ، في أقل ّ الممكن ، وليس مطلوباً أو مرغوباً فيه أن يتبادل المقهورون صور همومهم اليوميّة أو صور ما يدمي القلب ويجرح الضمير في طول الدنيا وعرضها . بات رائجاً في سوق الكلام ومطلوباً أن " نرقص أو نتبادل الجنون البريء " ، فلماذا نذهب إلى وصف الحزن ما دامت أسباب تساقط الشعر لم تُحدّد بعد ، والفرصة سانحة لجلسات فكريّة حول " هل يسقط الشعر بسبب من مياه ملتاثة أم بسبب من طعام معلّب يدهم الأمعاء ؟ " ... وغير مطلوب أن نُرجع أسباب " تغوّل حبّة البطاطا " وقيمتها الشرائيّة أو الغذائيّة " إلى أي ّ ٍ من المبررات والعوامل التقليدية من مثل الجشع والاحتكار وتسابق الناس نحو تكريس الوهم لدى البائع بأنه الآمر الناهي في سلوكهم اليوميّ ، وهنا لا يمكن أن يتعرّض المرء وبمجرد تفكير صامت إلى " نكد واحتقان وقهر " قد ، لاحظوا ( قد ) ، تودي جميعها بحياة الناس و تدفع بدمعهم إلى أن يفيض ! هل فتكت أو تكاد أن تفتك بنا هذه المشاهد اليوميّة في الشارع والسوق وعند محال البالات و قرب الحاويات وعلى أرصفة تضجّ بالعابرين والجالسين والمقهورين ؟ عفواً ، جنحت بنا المفردة ، وما كان لائقاً أن نقول شيئاً عن القهر ... فالمساحات على الورق وسواه لم تعد تحتمل غير " فتات الكلام " ، فيما تؤشّر الشوارع إلى كدّ و ضنك لدى الباحثين عن " فتات القوت " .. ها أنذا ألمح ُ " رقيب الحروف " في داخلي وقرب نافذتي وفي هوائي القليل ، يقول : قف ولا تذهب إلى شطط الكلام ! الجملة واضحة والمبتدأ في النص ّ ممنوع عليه أن " يروح ويتجه " إلى سياق الظنّ أو سوء النيّة ، فالحال تسرّ وعلى ما يُرام ، والأبواب مشرعة لحديث طويل عن امرأة ، أيّ امرأة ، فنانة او سواها ، تؤمّن على جسدها بمليون دولار ، وفق أخبار لم تنفها الفنانة ، وهنا ممنوع أن يتضوّر مواطن جوعاً أو يئن من فرط الألم لمرض ٍ أو فاقة ٍ أو انقطاع سبيل إلى الدنيا الرحبة ... مطلوب منّا أن نتناول هذا الفيض المتهافت من أخبار الدنيا ، نتندّر حيناً بما يليق ولا يتجاوز مجرّد التندّر ، ونلوك في دواخلنا قصص الأجساد التي تفيض من الشاشات وربّما قصص كلاب يليق الاحتفال بها بعشرات الآلاف من الدولارات ، ومسموح تماماً أن تنحصر رغائبنا في أن ننال " عضة كلب " من تلك الكلاب المحظوظة والمحتفى بأعياد ميلادها ... ولمناسبة الحديث عن كلاب مدلّلة ، فإنّ كلاب الحارة عندنا غاضبة بسبب خلوّ الحاويات من القمامة و بقايا الطعام ! عجباً لزمان ٍ نحن فيه ، كلنا نرقص ، ولكن في فريقين ، الاوّل يرقص في الشاشات طرباً وانتشاء و اسمتعاعاً ولهواً و ما يصاحب ذلك من مال يفيض وأجساد تتلوّى و ... ، والثاني فريق الفقراء المقهورين ، الذين يرقصون من شدّة الالم ويتلوّون حزناً و جوعاً وخوفاً على جياع و مرضى و قلقلاً على " غد ٍ مجهول " ! عجباً ، وكفى ، فأصعب الأوقات أن يصير الكلام بلا جدوى ، مثلما الحياة في نظر المقهورين صارت بلا لون أو طعم ٍ أو رائحة !! madaba56@yahoo.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-04-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |