19-06-2012 01:30 AM
بقلم : هاشم الخالدي
تابعت بشغف المقابلة التي أجراها زميلنا العزيز صلاح العبادي مع رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي الذي حاول لساعتين من وقت المقابلة التي حاول الرفاعي حشوها بما لذ وطاب من مصطلحات البراءه التي كسا بها نفسه متهماً خصومه من بعض الأحزاب والشخصيات السياسية بالتواطؤ مع قلة قليلة من الإعلاميين والفاسدين للإطاحة بحكومته بعد 70 يوماً من حصولها على ثقة 111 نائباً.
أولاً ومن حيث المبدأ يبدو واضحا أن دولة الرئيس الأسبق الشاب سمير الرفاعي يحاول هذه الأيام قدر ما استطاع اعادة انتاج نفسه سياسياً ، متوهماً أنه قد يكون خياراً أول في أيام قادمة لتشكيل حكومة جديدة بعد أن ذاق الأمرين من النقد إبان حكومته السابقه التي شكلت في الخامس والعشرين من تشرين ثاني عام 2010 والتي شكل سقوطها انتصاراً للشعب الذي ظلمته القرارات المراهقة التي كانت حكومة الرفاعي تقرها صباح كل يوم لتزيد من الأعباء المادية على المواطن المقهور.
سقطت حكومة سمير الرفاعي لأنها استباحت جيب المواطن الأردني ولم تلق بالاً لفقراء الأردن الذين كانوا يدعون ليل نهار لأفول نجم هذا الشاب الذي ساهمت قراراته المتخبطة في هيجان الشعب ضارباً عرض الحائط بكل النصائح التي قدمت له لتفادي المواجهة مع المواطنين.
في المقابل ... ساهم انقلاب الرفاعي على أصدقائه الصحفيين من خلال اقراره لمدونة السلوك الإعلامي في غضب الشارع الصحفي الذي كان مكمماً في ذلك الحين ، فحرمت قرارات الرفاعي عائلات كثير من الصحفيين من العيش بكرامة فيما أصدر قراراً بحجب المواقع الالكترونية عن مؤسسات الدولة بحجج واهية ومضحكة أحياناً .. فاستحق لقب عدو الصحافة حتى يومنا هذا.
أنا هنا مضطر لكشف بعض التفاصيل حول مدونة السلوك الإعلامي التي اقترفها سمير الرفاعي ضد الإعلاميين وقرارات رفع الاسعار التي ارتكبها ضد المواطنين .. فإذا كنت كاذباً في ذكر هذه التفاصيل، فأنا أتحدى أن يخرج علي رئيس الوزراء الأسبق ليكذب كلامي.
بتاريخ الخامس والعشرين من تشرين ثاني عام 2010 كنت برفقة الفريق المتقاعد علي سلامة الخالدي في مدينة الزرقاء لطلب يد فتاة من عشيرة النعيمات لاحد اقربائنا عندما جاءتني مكالمة ليلية تؤكد لي أن سمير الرفاعي سيشكل حكومة بعد 48 ساعة ، فأبلغت الباشا الخالدي واتصلت فرحاً مع الرفاعي الذي كنت سابقاً من أقرب المقربين له باعتبار أنني مقرب جداً من والده الحكيم زيد الرفاعي.
بعد أن شكلت حكومة الرفاعي اغرورقت عيناي بدموع الفرح لأنني كنت مؤمناً بأفكار الرجل من حيث احترامه لحرية الصحافة التي لطالما حدثني عنها في لقاءات متعدده في شركة دبي كابيتال ومؤمناً بأفكار الرجل من أن المسؤول يجب أن يشعر مع المواطن في أي قرار يتخذه، لذلك استبشرت خيراً، وكتبت في أرشيفي مقالاً يمدح الرجل، ولا أخجل من ذلك لأنه لا يوجد لدي ما أخفيه... والانسان قد يخدع احيانا .
مرت الأيام وبدأت المفاجأت تخرج عبر قرارات حكومية لا أقل من أن توصف بأنها "متهوره وصبيانيه " وانقلابية على معتقداته التي اشبعنا وهو يكررها على مسامعنا كل يوم.
اتخذت حكومة الرفاعي سلسلة ظالمة في رفع الأسعار، تلاها قرار مدونة السلوك التي أضرت بشريحة واسعة من الصحفيين الذين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها بلا راتب شهري غارقة في ديون واقساط كانت تعتمد في سدادها على تلك الرواتب ... وما زلت اذكر بكل اسف كيف بكى احد الزملاء الصحفيين من قطع رزقه بعد اقرار مدونة السلوك مجهزا نفسه للسجن بتهمة اعطاء شيكات بلا رصيد .
لم يكتفي الرفاعي الإبن بهذه القرارات، بل عمد لمطاردة أصحاب المواقع الإلكترونية في محاولة للقضاء عليهم وتجفيف منابع دخل هذه المواقع التي وقفت في وجه حكومته إلى الحد الذي سخر فيه كافة أجهزة الدولة لإنجاز هذه المجزرة.
أدركت حينها أنني خدعت وأنني راهنت على الرجل من باب العاطفة والقشور الكاذبة، فطلبت موعدا مع دولة زيد الرفاعي الذي تشرفت بمقابلته بعد أقل من شهر على تشكيل حكومة الرفاعي الإبن.
هل تريدون أن أدخل في تفاصيل المقابلة ؟
لا بأس .. حين ولجت منزل الحكيم تحدثت معه، لأكثر من 56 دقيقة كنت أعدها دقيقة بدقيقة محاولاً أقناعه بأن مسيرة حكومة إبنه الشاب ستنتهي بالفشل ، وأن القرارات الانتقامية التي يتخذها في جلسة مجلس الوزراء الأسبوعي من احالات مبرمجه على التقاعد لبعض خصومه وقرارات رفع الاسعار تزيد من احتقان الشارع الأردني إضافة لاحتقان الوسط الإعلامي الذي دمرته قرارات مدونة السلوك.
لم أنجح على مدى ساعة بإقناع الحكيم بالتدخل من أجل تصويب الأمر، وكل ما طلبه مني أن أقف بجانب "أخوي سمير" كما ذكرها حرفياً، حيث ودعني على البوابة الخارجية، فأجبته حرفياً: دولة الرئيس .. لا أستطيع أن أقف مع دولة إبنكم سمير الرفاعي وهو يتخذ هذه القرارات الظالمه بحق الشعب والصحفيين .. وسأنحاز لزملائي الذين ظلمهم سمير الرفاعي ... فاعذرني ثم خرجت .
بهذه الكلمات انتهت المقابلة لأفاجئ عصر اليوم الذي يليه باتصال هاتفي من رئيس الوزراء سمير الرفاعي يعاتبني على انني شكوته "للوالد" فقلت له أن قراراته غير المقبولة هي التي دعتني لزيارة الحكيم من أجل محاولة تصويب الامر، فقال لي حرفياً: أخي هاشم مدونة السلوك كان لا بد منها وسأستمر فيها ورفع الاسعار ضرورة لا مناص في اتخاذها ثم اردف قائلاً: عموماً انا حاب اشوفك مشان نزبط الامور.
فقلت له: يا دولة الرئيس القصة ليست قصة هاشم الخالدي بل قصة وسط صحفي انت ظلمته بقراراتك وهذا مفاجئ لنا لأنك كنت تقنعني منذ ان تعرفت عليك بأنك مع "حرية الصحافة" والآن انت تنقلب عليها.
تابعت قائلاً: اذا اردت مقابلتي فأتمنى أن لا أكون لوحدي وأن أكون برفقة بعض الزملاء كي نصل الى أرضية تفاهم حول هذه القضية لأن بعض الصحفيين دمرتهم قرارات حكومتك وحرمتهم من لقمة العيش.
انتهت المكالمة دون رضى الطرفين... لأفاجئ بعد أقل من يومين بتحديد موعد لي برفقة بعض الزملاء منهم بلال التل ونضال منصور وصخر ابوعنزة وجمال المحتسب في رئاسة الوزراء وكررت امامه بحضور وزير الاعلام انذاك نبيل الشريف أن قرارات الحكومة التي اتخذت بمدونة السلوك الاعلامي هي جريمة بحد ذاتها مطالباً اياه بإعادة النظر في قرارات رفع الاسعار على المواطنين.
أيضاً انتهت هذه المقابلة دون نتيجة لأفاجئ بإتصال من دولته بعد نصف ساعة من خروجنا معاتباً اياي بأني كنت قاسياً معه في المقابلة.
أجبته: أنا لا استطيع المجاملة في مثل هذه الامور لأنني حريص على استمرار حكومتك وأنا مصر ان القرارات التي تتخذها هي بمثابة حفر قبر جاهز لدفن الحكومة.
لم التقي الرفاعي بعد ذلك التاريخ ، وكنت مرتاح الضمير الى الآن بأنني كتبت ضد تلك الحكومة ما املاه علي ضميري وحبي لزملائي الصحفيين وللمواطنين الذين تضوروا جوعاً من قرارات الرفاعي.
كنتيجة انتقامية.. حاول الرفاعي الابن الانتقام مني شخصياً عبر نبش ملفاتي الامنية والضريبية والصحفية فلم يفلح وساهمت مطاردته لي لاتخاذ قرار السفر الى لبنان من أجل الاستقرار هناك لأربع سنوات او اقل في منطقة "جونيه" حتى ترحل تلك الحكومة لكنني قررت العودة بعد أيام كي ابقى في المواجهة التي اطاحت بأسوء حكومة اردنية لم تستوعب بأن للشعب الاردني كرامة يثور من أجلها اذا شعر بالظلم والفقر.
اتمنى من دولة الرئيس الشاب أن يستوعب أنه لم يعد مقبولاً لا سياسياً ولا شعبياً وخير ادل على ذلك من قيام عدد كبير من مواطني اربد بإعتراض موكبه الجمعة الفائت عندما كان ينوي زيارة رفاعية اربد في كفرسوم... وكيف أنه اضطر لتغير مسار موكبه كي يصل الى غدائه المنشود.
مرة أخرى أتمنى على دولته أن يبقى صامتاً فما ارتكبه من مجازر بحق الشعب الاردني والوسط الصحفي... لا يمكن نسيانه.
الكاتب: مؤسس موقع سرايا
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
19-06-2012 01:30 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |