حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,22 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 19337

صمود محفوظة .. واستشهاد زيتونة .. !

صمود محفوظة .. واستشهاد زيتونة .. !

صمود محفوظة ..  واستشهاد زيتونة  .. !

11-01-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

الحاجة محفوظة، سيدة فلسطينية تصدرت قصتها وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة حول العالم قبل اربع سنوات عندما تصدت لقوات الاحتلال الاسرائيلية التي كانت تقتلع اشجار الزيتون من بستانها   في احدى قرى الضفة الغربية المحتلة، و بمناسبة قدومها الى عمان لحضور حفل تكريم لها على هذا الموقف البطولي المعبر، اقدم للقارئ الكريم تصورا لمعاناتها البطولية وهي تحاول منع جرافات الاحتلال من تقطيع اشجار الزيتون في بستانها.

في ساعة مبكرة من احد ايام الربيع كانت الحاجة محفوظة تقوم بترتيب بعض الحاجيات في المنزل المتواضع الذي يقع عند احدى زوايا بستان العائلة الذي يعج باشجار الزيتون العملاقة.. التي   يتجاوز عمر الشجرة منها عمر الدولة الصهيونية ذاتها.

اخذ يتناهى الى مسامع الحاجة محفوظة صرير آليات ثقيلة تتقدم على الطريق الترابي الخشن امام المنزل، فخرجت حافية القدمين.. مسرعة بدافع الفضول في محاولة لمعرفة ما يجري في الخارج. وقفت على العتبة مشدوهة حيث كان يمر من امامها رتل من الجرافات والسيارات العسكرية المصفحة المملؤة بالجنود وضباطهم   الذين كانوا يتجهون في خط مستقيم الى داخل بستان محفوظة وعائلتها، ودون تردد شرعت الجرافة الاولى في عملية خلع شجرة الزيتون الاولى على خط سير الرتل العسكري.

نسيت الحاجة ان قدميها عاريتان، واندفعت باتجاه شجرة الزيتون دون وعي، وهي تصرخ: يا قتلة الزيتون والاطفال ماذا تفعلون؟.. فوجئ الجنود بمستوى الغضب والالم الذي يعتصر تلك السيدة فتسمروا دون حراك وهي تقترب من تلك الزيتونة العملاقة التي كانت تتأرجح بشدة امام ضغط الجرافة عليها وشعرت الحاجة ان الشجرة المتأرجة تستنجد بها وهي تتألم .. فانهالت على الشجرة حاظنة اياها بقوة في محاولة منها لمساعدة الشجرة الجريحة على الصمود امام همجية القوة وجبروت القهر والظلم وعبثية المنطق الذي يجيز اعدام اشجار الزيتون.

تنبه الجنود الذين لا زالوا متسمرين من هول المفاجأة الى ان التعليمات تقتضي منهم خلع اشجار الزيتون من ذلك البستان واعتقال او قتل من يعترض طريق العملية.. فاندفع احد الجنود الى حيث يدي محفوظة تتمسك بشدة بجذع الشجرة وتحيطه من كل الاتجاهات.. امسك الجندي بيد محفوظة اليمنى محاولا انتزاعها من يدها اليسرى حيث كانت تحتضن الجذع بكل ما اودع   الله   وتلك اللحظة الاستفزازية فيها من قوة.. الا انه فشل في فك الاشتباك بين يدي محفوظة.. استغرب الرجل،   فتراجع خجلا من نفسه.. وتسائل: عجوز في الخمسين..!! لا بد ان هنالك قوة لا نعلمها تسللت الى ساعدي هذه المرأة المسنة.. اهي قوة الحق، ام ماذا؟ ..

تدافع الجنود الاخرون وتبادلوا الادوار لفك اشتباك يدي محفوظة.. واخيرا نجحوا حيث القوا بها بعيدا عن الشجرة بالطريقة المعتادة التي يتعامل بها جيش الاحتلال مع مواطني الضفة والقطاع.

اخذت الشجرة تسقط بوقار وهيبة.. اوهكذا تخيلت الحاجة محفوظة.. بينما قلبها ينبض بشدة وهي تلج بهدوء الى ما يشبه الغيبوبة..  

كانت تتمتم وهي تنسج مقطوعة رثاء لزيتونتها المحتضرة: ايتها الزيونة.. انهم يخافون كبريائك العربي تماما كما يخافون هالة المجد والوقار التي تترتسم على وجنات اطفال الحجارة.. اطفال فلسطين.. وهم يتصدون لتوغلات جنود الاحتلال في احيائهم..

ايتها الزيتونة: انهم يخافون انغراسك الاسطوري في الارض منذ عشرات السنين.. ويموتون غيضا لتجدد اخضرار اوراقك الجميلة عاما بعد عام رغم تقدم السن وانحباس المطر.. انهم يخشون قدرتك على الصمود لأن ذلك يذكرهم بصمود شعب فلسطين وصمود الامة التي انجبت الشعب والزيتونة.. فوداعا، وتحية "لروحك الطاهرة" ايتها الزيتونة "الشهيدة"..

أفاقت الحاجة محفوظة من شبه غيبوبتها.. وجالت ببصرها يمينا وشمالا.. فلم ترى الا.. اثرا بعد عين..

عادت ادراجها الى اخر ما تبقى لها.. البيت المتواضع.. فصلت ركعتين لله تعالى.. وذهبت الى فراشها لتغط في سبات اسطوري عميق..

   

 








طباعة
  • المشاهدات: 19337
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
11-01-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم