11-01-2008 04:00 PM
....ستدخل انتخابات المجلس النيابي الخامس عشر /2007 في الاردن تاريخ الحياة النيابية الاردنية كواحدة من اسوأ الانتخابات من حيث انها شهدت الكثير من الظواهر غير المألوفة وغير المسبوقة في بلادنا ...ومن هذه الظواهر : هذا الحجم الهائل والضخم للمال الانتخابي (الذي في اغلبه مجهول المصدر ) والذي انفق دون حساب في الحملات الانتخابية لبعض المرشحين ...خصوصا في العاصمة عمان مما ادى بالضرورة الى تشويه ارادة الناخبين ...ثم ...ما تم من ترحيل لآلاف الاصوات من دائرة انتخابية الى اخرى مما رجح كفة مرشحين لم يكن لهم يوما باع طويل او قصير في الحياة السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية ...وقد جرى كل ذلك وغيره من المخالفات للقوانين والانظمة الانتخابية (جرائم انتخابية) تحت سمع وبصر الاجهزة الحكومية التي لم تحرك ساكنا لوقفها او الحد منها في الوقت المناسب ...وكانت حجة الحكومة ان كل ذلك هو مجرد شائعات ...مما جعل هذه المخالفات تستفحل ...وعندما بدأت هذه المخالفات تصبح حديث الصحافة والمجالس ..بادرت الحكومة باعتقال بعض المتورطين ..كنوع من ذر الرماد في العيون ...ولتوحي ان هذه الظاهرة انما هي ظاهرة فردية ومحدودة ...اذن ليس غريبا ان يكون المجلس النيابي الخامس عشر مكونا من اعضاء (في اغلبهم ) من فئة كبار الملاك العقاريين واصحاب رؤوس الاموال زممثلي الشرائح البيروقراطية والكمبرادور ...والذين هم في الحقيقة والواقع يشكلون شريحة ضيقة من المجتمع الاردني ...وبذلك تم حرمان الشريحة الاوسع من الشعب ( ممثلي العمال والفلاحين وصغار الكسبة والموظفين )من الوصول الى البرلمان ...مما يؤدي بالتالي الى التهميش السياسي لهذه الفئات ...اضافة الى ما هي فيه من تهميش اقتصادي ...وهذا بدوره يعمق الاختلالات الاجتماعية والسياسية في البلاد ...والتي كان من اسبابها النهج الاقتصادي ومنظومة القوانين التي لها صلة بالحقوق و الحريات السياسية والعامة ...ناهيك عن ان تجاهل ظاهرة المال الانتخابي يلغي عمليا مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين ...ويعطي الفرصة لمن يملك ولا يستحق على حساب من يستحق ولا يملك ...كل هذا يتطلب ان توضع الضوابط اللازمة لتحديد سقف الانفاق على الدعاية والحملات الانتخابية وتعديل الانظمة والقوانين وفرض العقوبات الرادعة للمتاجرين باصوات الشعب ...غير ان التعديل الاهم والابرز يجب ان يطال قانون الانتخاب نفسه ...هذا القانون الذي جعل المجلس النيابي يعيد انتاج واستنساخ نفسه ..والكل يعلم ان النسخة لم تكن يوما بجودة الاصل ..مما ادى الى تراجع جلي وواضح في كافة اركان العملية الانتخابية ...ابتداء من الدعاية والحملات الانتخابية ...وانتهاء بالحصول على المنتج النهائي ...الذي هو النائب نفسه ...والنتائج الكارثية لقانون الانتخابات اصبحت واضحة جلية مما يجعل الحديث حولها مملا ومن باب التكرار ...ولكن نشير هنا باقتضاب الى ان الروابط العشائرية في مجتمعنا باتت مهددة بسبب عدم التزام البعض من المرشحين بالاجماع العشائري المطلوب اتساقا مع هكذا قانون متخلف ...وهنا يكمن الفرق الجوهري بين ان نرفض اعطاء دور سياسي للعشيرة 0التشكيل الاجتماعي ما قبل المجتمع المدني القائم على المواطنة ) وبين الحرص على عدم تعريض السلم الاهلي والمجتمعي لأية اهتزازات او حدوث استقطابات على غير الاسس السياسية والفكرية ...كما ان هناك وجه سلبي آخر في هذه الانتخابات ...وهو التغييب شبه الكامل للشعار السياسي والاقتصادي والاجتماعي من الحملات الانتخابية للمرشحين ..فالتنافس بينهم لم يكن سياسيا في حقيقته ..فلم يكلفوا انفسهم عناء طرح برنامج انتخابي يشخص هموم المواطن ويقترح البدائل الممكنة والمناسبة ...الا في حالات قليلة ونادرة ...كمرشحي التيار الوطني الديمقراطي وبعض المرشحين المستقلين الآخرين ممن عرف عنهم الانتماء الفعلي الى الفكر المنحاز للوطن والشعب ....ورغم ان نتائج الانتخابات اسفرت عن اعادة انتاج المجلس النيابي بنفس القوى الاجتماعية في المجالس السابقة ..مع تعزيز حضور ممثلي البيروقراطية والليبرالية الاقتصادية ...الا ان اختراقا محدودا امكن تسجيله عندما استطاع الناخبون ...رغم المعوقات الكثيرة ...من ايصال عدد محدود جدا من المرشحين ...يشكل نجاحهم ووصولهم الى البرلمان مصدر امل للشعب الاردني ولقوى التقدم والديمقراطية في بلادنا ..فالرهان الآن عليهم في ايصال مطالب الناس البسطاء وهمومهم الى البرلمان .... ...واخيرا ...فأن الانتخابات الاخيرة قد فضحت زيف دعوات الاصلاح والتنمية السياسية واثبتت انها مجرد شعارات من المستحيل ان يقوم من يوكل اليهم امرها بمحاولة تحقيقها او العمل من اجل تحقيقها على ارض الواقع ...هذه الانتخابات باعدت وعمقت الفجوة بين القوى السياسية والحزبية من جهة وبين السلطة السياسية من جهة اخرى ...ان هذه الانتخابات قد رهنت المؤسستين التشريعية والتنفيذية لنفس القوى الاجتماعية وضيقت من المجال المؤسسي المتاح امام قوى المعارضة السياسية والحزبية .....ستمر اربع سنوات اخرى ...وسنشهد مزيدا من التوافق والتناغم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ...ان القرارات الاقتصادية التي ستقدم عليها الحكومة في الايام المقبلة ونتائجها الكارثية على الواقع المعاش للغالبية الساحقة من المواطنين ستثبت وجهة نظرنا في المجلس النيابي العتيد ...بأنه لا تجديد في المجلس الجديد ....بل وهم تجديد ... ..عاطف الكيلاني
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-01-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |