بقلم :
بعدما تعمّقت " القطيعة " واتسعت فجوة ٌ ظاهرة ٌ بين جيل ٍ صاعد ٍ من " فنانيّ وفنانات عصر السرعة " ، وبين تجار و بائعي القماش ، بسبب ٍ من تراجع المساحة الشرائيّة واتجاه نساء الفنّ والسينما إلى فكرة " الاختصار " ، اختصار الكلام في المشاهد الفنية وتكريس الحركة وتداعياتها ، في الوقت الذي بدت أجساد كثيرة تعاني من شح ّ القماش أو ما يشبه حالة الاختصار والاكتفاء بالخفيف والقليل والأكثر شفافية ... أقول : صار لزاماً أن يكتفي الكاتب بمقام " الربع كلمة " لمسايرة ظروف الاختصار ! • لكنّ سؤالاً يفرض إيقاعه قبل الدخول في " دهاليز " الفكرة ، ومفاده : لماذا يرفض الرقيب الخارجي والداخلي جملة ً أو كلمة ً محرّضة ًعلى الشكوى ، فيما أجساد ومشاهد ، هنا وهناك ، تثير فتنة مستعرة وتعزف على وتر الجسد ولا يطالها مقصّ رقيب أو تلحقها ملامة ناقد ؟ وأيّهما أشدّ خطورة ، غواية الكلمة أم غواية الجسد والصوت ؟ • عمّت ، مسابقات الجسد وما يتبعه ، وباتت نتائجها محورَ حديث ٍ يوميّ في المنازل والشوارع وعلى ورق الصحف وفي مساحات الهواء المكتوب ، بعدما نجح الهواء المسموع والمرئيّ في تكريسها ، وغدت مسطرة القياس في حياتنا لا تقيس سوى " راقصة أعلى أجراً وفنانة اكثر إثارة ورجال أكثر عنجهيّة واستعلاء ً وما ينضاف إليها من قطط ٍ تحمل أجمل َ العيون أو كلاب تصدر أرقّ نباحاً " .. ولا نستبعد أن تدخل السباق مباريات على نحو " المشاجرة الأكثر خسائر " أو " الشتائم الأشد ّ إيلاماً " !! • صار مُستَهجنا ً الحديث عن امرأة أكثر صبراً وحرصاً على بيتها أو عن رجل هو الأكثر تواضعاً واحتراماً لجيرانه ، لكأنما الأرض لم تعد مهيأة لحصاد ٍ وفير بسبب ٍ من سوء البذار ! • لم يعد رغيف الخبز وتحوّلاته الهمّ الحياتيّ الأوّل لنا فحسب ، بل تنوّعت زوايا الانحياز والصراع وصارت الحياة رهناً بحزن ٍ جرّاء فاقة ٍ أو جشع ٍ ، فيما تذهب بنا الحياة إلى " فجائعيّة " رغم اللهو والطرافة ، فقد يودي حادث سير برجل أو طفل حصل على رغيف خبزه بعد عناء ، لكن ّ حوادث " تلوّث ٍ بصريّ " تلاحقنا ومن شأنها أن توقع ما لا يمكن حصره من جرحى و قتلى وصرعى وضحايا " فتنة الروح والجسد وشحّ القماش وربما شحّ القيم " !!