حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 11282

حوار عائلة شهيد

حوار عائلة شهيد

حوار عائلة شهيد

02-05-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

إستيقظت هذا الصباح وتمنيت أن يستيقظ معي ضميري النائم منّذ سنين طويلة , بعد الأمنية اليائسة حاولت جاهداً أن أوقظه من سباته العميق , رفض الضمير كعادته راغباً بأن يكمل السبات , تمنيت وحاولت وليس كل ما يتمناه المرء يُدركه و محاولاتي فشلت هذا ليس بجديد, دعونا من ضميري و من ضمائركم التي هي ليست أفضل حال من ضميري , فكل الضمائر العربية غارقة في النوم المُعسل أي المصطنع .

 

 

كالعادة إلى نشرة الأخبار أنتقل فصعقت ولم يُصعق ضميري لأنه ما زال نائم ؛ فكيف يشعر النائم بغيره ؟! صُعقت بمنظر لم أكن أتمنى أن أراه هذا الصباح , هو ليس بجديد على العدو الغاشم ولكنّ المنظر حديث العهد , لم يمضي عليه إلا ساعات قليلة , إنظروا يا رعاكم الله إلى صورة و اسمعوا ماذا تقول لكم الصورة ..؟!

 

 

سمعت الصورة تنطق و سمعت صوت الأطفال تضحك , تنطق بما لا يقال و تضحك مبتهجة بالحال الجديد , نسيت أن أعرفكم على الأطفال , هم أربعة أشقاء أصغرهم مسعد ابو معتق عمره عام واحد و أشقاؤه ردينة (أربعة أعوام) وهناء (ثلاثة أعوام) وصالح (خمسة أعوام) , و قبل أن أنسى أمهم ايضا استشهدت معهم هذا الصباح .

 

 

إنفجر صوت مسعد رغم أنه في العام الأول و صرخ : أريد صدر أمي الدافىء الحنون , أعطوني الطفولة يا أمتي , أين أنتم لماذا لا تتكلمون معي ؟!

 

 

نطقت هناء : لا تصرخ يا أخي الصغير , لن ترى لك مُجيب إلا صدى صراخك , لا تنتظر من هؤلاء أي شيء يُذكر إلا مزيدا من الصمت المقفل .

 

 

قالت ردينة : مسعد و هناء إذهبوا و طيروا في الجنّة و افرحوا و امرحوا , لم نجد عدلا في الأرض , لم نجد من يحمي طفولتنا , لا تظلموا صمتهم , هكذا وجدوا و هكذا يموتون , تعالوا نكمل اللعبة التي كنّا نلعبها قبل أن يأتي العدو الصهيوني و يدمّر منزلنا .

 

 

قال صالح : كنتُ اليوم يا اصدقائي في الطفولة مع أشقائي ألعب , و لم يكن في منزلنا إلا كرة قديمة و ألعاب الطفولة , و رغم حصارنا كنا نضحك ؛ نضحك على إحتلالنا إن ظنّ يوما أنه سيسرق طفولتنا , نلعب و نمرح و كان عقابنا بتدمير منزلنا فوق رؤسنا , ماذا أنتم فاعلون ؟ أعتقد مزيدا من الصمت أم إجتماعا طارئا و مزيدا من الإستنكار و الشجب ؟!

 

 

صرخت الأم من بعيد : لا يا ابنائي لا تظلموا أمتي , هي غير قادرة الآن على فِعل شيء , و لكن سيأتي من هو قادر على فعل ما عجزوا عنه , سيأتي جيلاً قادرا على إعادة مجدَ صلاح الدين لو بعد حين , هيا ننتظر والدكم لأن صوته منّا إقترب .

 

 

إنتهى حوار العائلة الشهيدة و لم ينتهي الصمت , و عندما قررت أن أكتب هذا اليوم لم أكن أرغب بأن تزيد عدد الحروف التي كـُتبت منذُ ستين عاماً و لكن كنت أحاول جاهداً أن أقنع ضميري بأن يستيقظ لم يستجب فلعنته و تحسرت على حالنا و ترحمت على شهدائنا .








طباعة
  • المشاهدات: 11282
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
02-05-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم