03-05-2008 04:00 PM
سرايا -
سرايا - ـ شاكر الجوهري-أظهرت نتائج انتخابات قيادة جديدة لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن مدى الحاحية الحاجة إلى تلقي درس خاص في لوغارتمات الجماعة..!
فبعد أن فاز الدكتور همام سعيد بموقع المراقب العام للجماعة، مؤشرا هذا الفوز إلى حصول تحالف تياري الصقور والرابع على اغلبية عددية مريحة في مجلس الشورى الجديد، يفاجأ الرأي العالم بانتخاب مكتب تنفيذي من أغلبية من تحالف تياري الحمائم والوسط..!
كيف حدث هذا..؟
تجيب المصادر إن التيار الرابع في الجماعة، وأبرز رموزه سعود أبو محفوظ، كاظم عايش، فرج شلهوب، ومصطفى نصر الله، قرر فجأة عدم المشاركة في تشكيلة المكتب التنفيذي للجماعة، الذي ينص النظام الداخلي على أن يقترحه المراقب العام الجديد على مجلس الشورى.
الدكتور همام سعيد كان ميالا في البداية إلى تشكيل مكتب تنفيذي يعكس المعادلة الجديدة في مجلس الشورى، لكنه وصل في مرحلة من المراحل إلى حالة من القلق من أنه قد لا يتمكن من تقديم القائمة المطلوبة. فهو كلما فاتح أحد رموز التيار الرابع بأمر اختياره له عضوا في المكتب اتنفيذي كان يفاجأ بالإعتذار. وبصعوبة كبيرة تمكن من الحصول على موافقة كاظم عايش.
كان القرار الذي اتخذه رموز هذا التيار يقضي بعدم تحمل مسؤولية المرحلة. وهو قرار يعبر عن مخاوف لديهم من أن تقدم الحكومة على اتخاذ قرارات واجراءات تصعيدية ضد الجماعة، يتحملون هم وزرها ونتائجها أمام القاعدة التنظيمية..خاصة في ظل حملة تخويفات صحفية من أن الحكومة قد تقرر الزام الجماعة بحرفية لترخيص الذي حصلت عليه للعمل في الأردن باعتبارها جمعية خيرية لا علاقة لها بالسياسة. وأن الحكومة قد تلجأ إلى اتخاذ قرار بحل الجماعة مستندة في ذلك إلى أنها لم تلتزم بالترخيص الذي تعمل بموجبه.
سلوكيات قلقة
الخوف والقلق الذي ساد صفوف رموز وأقطاب التيار الرابع ترجم إلى مفردات سلوكية، وكما يلي:
أولا: اجراء اتصالات وحوارات مع اقطاب ورموز تحالف تياري الحمائم والوسط حول امكانية التوافق على مرشح لموقع المراقب العام يخلف سالم الفلاحات المراقب العام السابق. لكن الحوار حول ذلك لم يتوصل إلى نتيجة، جراء اصرار الفلاحات على البقاء في موقعه.
وقد استمرت المفاوضات بين الجانبين إلى وقت متأخر سبق انعقاد مجلس الشورى مساء الإربعاء، بعد تأخير طال لأكثر من شهر على تاريخ انتخابه، ولم يعد بالإمكان تأخير انعقاده لفترة أطول.
وتقرر عقب ذلك أن يعاود التيار الرابع تحالفه مع الصقور فقط على موقع المراقب العام.
ولهاتين الورقتين حكاية، إذ كان تحالف تياري الحمائم والوسط يدرك أن التيار الرابع قد لا يصوت جميع ممثليه في مجلس الشورى لصالح همام سعيد، وأن هذا البعض قد يضع اوراقا بيضاء في الصندوق، توقعوا أن يتراوح عددها بين ثلاث وخمس اوراق.
وبناء على ذلك، قرر الفلاحات أن يخوض الإنتخابات في مغامرة بدت محسوبة، لكنها لم تكن محسومة، ما دامت الأوراق البيضاء ستذهب من رصيد سعيد، وهذا ما يؤهله للفوز عليه بفارق صوت أو صوتين..!
وحين وجدت فقط ورقتان فارغتان، حسم الموقف لصالح سعيد بفارق فقط صوتين اثنين.
اللذان صوتا بورقة بيضاء ارادا في الواقع أن ينأيا بنفسيهما عن انتخاب مراقب عام صقوري، خشية المضاعفات الحكومية المشار إليها.
مثل هذا الموقف يذّكر بالتنافس الذي حدث على موقع المراقب العام سنة 2001، بين المراقب العام الأسبق عبد المجيد الذنيبات، والمراقب العام الحالي همام سعيد. يومها صوت سعود أبو محفوظ وإثنين آخرين من التيار الرابع بثلاث ورقات بيضاء، ففاز الذنيبات بفارق صوتين، مع أنهما لو صوتا لصالح همام سعيد لفاز يومها بموقع المراقب العام بأغلبية صوت واحد.
الفلاحات كان طامحا لأن يكرر هذا التيار خطأه مجددا على نحو يكفي ليفوز على سعيد، لكن الخطأ في هذه المرة كان غير كاف لاقتناص انتصار غير متوقع.
ثالثا: التصويت لصالح كل من الشيخ حمزة منصور، والدكتور ابراهيم زيد الكيلاني في انتخابات مجلس الشورى لخمسة اعضاء جدد من خارج المنتخبين قاعديا، وقد فازا على نحو كرس مبدأ "الخلط" الذي اعتمدوه.
وبفضل هذا الخلط حصل الكيلاني على 24 صوتا في مجلس الشورى، وحصل بقية الذين فازوا بعضوية المجلس الإضافية على 23 صوتا، فيما أخق مرشحان صقوريان لعضوية المجلس بفارق صوت واحد، وهما كل من أحمد الزرقان، ومراد العضايلة اللذان حصل كل منهما على 22 صوتا.
رابعا: عدم المشاركة في الترشح لانتخابات المكتب التنفيذي. وقد مثل كاظم عايش الإستثناء الوحيد من ذلك.
خامسا: الضغط على الجماعة ككل بهدف فرض مكتب تنفيذي مختلط يمثل جميع التيارات الأخرى (الحمائم والوسط والصقور).
مناورات على عتبة الفشل
في لحظة من اللحظات وجد همام سعيد نفسه مضطرا لأحد احتمالين: تقديم لائحة صقورية لتشغل المكتب التنفيذي بكل مقاعده، أو الفشل في تشكيل القائمة. وقد كان لتشكيل القائمة الصقورية محاذيره الكبيرة، وفي المقدمة منها تحالف التيار الرابع مع الحمائم والوسط ضد الصقور، مايعني فشل القائمة لصالح قائمة منافسة تشكل من التيارين الآخرين ويدعمها التيار الرابع..!
عند هذا الحد، وجد المراقب العام الجديد نفسه مضطرا للتحاور والتفاوض مع الحمائم والوسط قبل أن يتحاور ويتوافق معهم التيار الرابع فيصبحوا ثلاثة تيارات في مواجهة تيار واحد..!
تحالف الحمائم والوسط كان يدرك حقيقة المأزق الذي وجد همام سعيد نفسه فيه، فعمل على فرض شروطه عليه.
وهنا بدأ فصل جديد من المناورات الداخلية.
اشترط التحالف الآخر على المراقب العام تناصف مقاعد المكتب التنفيذي: اربعة مقابل اربعة، فوافق اعتبارا منه أنه سيكون خارج هذه المناصفة، وأن صوته سيكون مرجحا للأربعة الذين يمثلون التحالف الهش بين الصقور والرابع.
فور الموافقة تقدم التحالف الآخر بقائمة من اربعة اصوات هم الدكتور رحيل الغرايبة النائب الأول للأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، عبد الحميد القضاة، أحمد الكفاوين، وممدوح المحيسن.
واشترط ممثلوا تحالف التيارين في المفاوضات أن يكون القضاة نائبا للمراقب العام. ووضعوا إسم رحيل الغرايبة في رأس القائمة من قبيل التحدي لزكي بني ارشيد، كون الغرايبة هو من يقود مناوأة بني ارشيد في الحزب، ويعمل علىاطاحته. وكانت المفاجأة أن بني ارشيد بادر مسارعا إلى اعلان موافقته على الغرايبة.
بعد هذا التنازل من قبل بني ارشيد، شعر تحالف التيارين أن بإمكانه أن يفرض المزيد من التنازلات على المراقب العام الجديد وصقوره، فاقترحوا أن يكون الرجل التاسع في المكتب التنفيذي محايدا..!! معتبرين أن المراقب العام نفسه يمثل العضو الرابع من حالف الصقور والرابع في المكتب التنفيذي، وبذا تكون التشكيلة اربعة مقابل اربعة. واقترحوا جميل أبو بكر عضوا تاسعا في المكتب باعتباره محايدا، علما أنه من اقطاب تيار الوسط..!
وبرروا اعتباره محايدا بكونه كان يعارض بعض القرارات والسياسات في المكتب التنفيذي السابق الذي كانوا يقودونه، وبأنه لم يكن راضيا عن كل ما مان يجري، ومن بين ما لم يكن راضيا عنه الإجراءات التي كانت تتخذ ضد بني ارشيد. وبذا فإنه ليس محسوبا عليهم. فواق همام سعيد على ذلك، مستندا إلى أمرين: حالة الضعف التي وضعه التيار الرابع فيها، واستناده في نهاية المطاف إلى مجلس الشورى بأغلبيته المتشددة، وإن كان نصف المتشديين (التيار الرابع) عازف عن تحمل المسؤولية.
الفلاحات الخاسر الأكبر
المحصلة النهائية لهذه التشكيلة وضعت القرار بيد القيادة السابقة للجماعة، فهي ممثلة بخمسة اعضاء من أصل تسعة في المكتب التنفيذي الجديد. وهي حالة تزدوج حالة زكي بني ارشيد الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الذي وجد نفسه، وهو الأمين العام للحزب، مكبلا بأغلبية الحمائم والوسط في المكتب التنفيذي، وإن كان متوقعا أن يتخفف الآن من معارضه الأبرز في المكتب رحيل الغرايبة، إذ أن هناك قرارا سابقا يحظر الجمع بين عضوية المكتب التنفيذي للجماعة، وعضوية المكتب التنفيذي للحزب. وقد انتهت آخر عملية جمع لعضوية المكتبين سنة 2003، وكان من جمع الموقعين يومها المراقب العام الجديد، وأحمد الكوفحي.
لقد بقي القرار بيد القيادة السابقة، وكان الخاسر الأكبر المراقب العام السابق سالم الفلاحات.
لكن المراقبين يراهنون على أمرين:
الأول: مجلس الشورى الذي يمكن الرجوع إليه عند الخلاف على قضايا مفصلية.
الثاني: توازن جميل أبوبكر.
مهم هنا لفت النظر إلى أن الحكومة لم تبد موقفا علنيا مما يجري داخل الجماعة، اتعاظا من تجربة الحملة التي شنتها ضد زكي بني ارشيد، وإصرارها على اطاحته من موقعه كأمين عام لحزب الجبهة، ما زاد من قوته. وكذلك اتعاظا من اصرارها علة اقصاء الحركة الإسلامية ككل، ومحاصرتها ما أدى إلى فوز مراقب عام صقوري لجماعة الإخوان المسلمين، لأول مرة منذ انتهاء ولاية المراقب العام الأسبق محمد عبد الرحمن خليفة، الذي كان على رأس قيادة صقورية في غالبيتها.
غير أن المراقب العام نجح في إصراره على انتخاب الدكتور عبد اللطيف عربيات رئيسا لمجلس الشورى، لما يتمتع به من توازن، وصلابة عند الضرورة، ومرونة عند الضرورة، وكونه يحظى باحترام جميع التيارات. وكان تحالف تياري الحمائم والوسط يطمح لاختيار رجلا غير عربيات لهذا لموقع، غير أن الصفقة المتكاملة فرضته.
ويرجح أن يتم اختيار جميل أبو بكر ناطقا اعلاميا باسم الجماعة، وهو الموقع الذي كان يشغله إلى جانب موقع نائب المراقب العام في التشكيلة السابقة، ذلك أنه الأقدر على التعامل مع وسائل الإعلام، فضلا عن أن وسطيته تؤهله للتعبير عن القواسم المشتركة بين كل التيارات.
دعوة لمراجعة السياسات الحكومية
هل تتوقف الحملة الحكومية على بني ارشيد، أم أنها مرشحة لأن تتواصل وتمتد لتشمل همام سعيد هذه المرة..؟
الإجابة رهن مقبل الأيام، ومدى اتعاظ الحكومة من النتائج المرة بالنسبة لها، التي أسفرت عنها سياستها حتى الآن.
على كل، في الوقت الذي بدأ فيه أحد الذين تبنوا مؤخرا حملة التخويف الحكومية من عواقب انتخاب همام سعيد، ما يبدو أنه تأكيد على استمرار النهج السابق ضد بني ارشيد، لجهة ترويج أن تحالف الحمائم والوسط نجح في إقرار مواصلة محاكمة الأمين العام لحزب الجبهة، والدكتور محمد أبو فارس، نشر كاتب آخر مقالا في صحيفة "العرب اليوم"، حمّل فيه السياسة الحكومية السابقة مسؤولية تشدد المزاج العام داخل الجماعة، وإفرازات هذا التشدد.
يخلص فهد خيطان مدير تحرير "العرب اليوم" في مقال له أمس بعد أن يشير إلى اعتباره همام سعيد "من اكثر رموز الحركة الاسلامية تشددا والرجل لا يخفي مواقفه تجاه مختلف القضايا خاصة القضية الفلسطينية. ناهيك عن تشدده المعروف في القضايا الاجتماعية"، وأنه "حماسي - نسبة الى حركة حماس - أكثر من خالد مشعل ولا يؤمن بغير الكفاح المسلح طريقا لتحرير فلسطين"..وأنه "وكما هو حال رموز تيار التشدد في الحركة الاسلامية لا يبدي سعيد أي ليونة في العلاقة مع الدولة الاردنية رغم أن تياره بشكل عام لا يهتم بالقضايا الوطنية الاردنية ويميل للإبتعاد عن الشأن الداخلي باعتبار قضية فلسطين هي قضيتهم الأساسية".
يخلص الكاتب مما سبق إلى القول "الحركة الإسلامية الاردنية التي اتسمت دائما بالإعتدال والرشد ها هي تمضي في مسار مغاير فرضته جملة عوامل داخلية واقليمية". ويضيف "حصل ما حصل في الحركة الإسلامية لأننا رفضنا التمييز بين المعتدلين والمتشددين واعتبرنا الخلاف بينهما مجرد توزيع ادوار لا أكثر". ويتساءل "هل كانت هذه سياسة صائبه أم لا..؟". ويجيب على ذلك قائلا "الأيام المقبلة ستبين ما اذا كانت مواقف همام سعيد مثل سالم الفلاحات، وسنلمس الفرق بين الإتجاهين. عندها فقط ربما نعيد النظر في نظرية توزيع الأدوار ونترحم على أيام الفلاحات".
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-05-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |