04-05-2008 04:00 PM
تختلف ردود أفعال الناس عندما يوجه لهم سؤال واحد واضح ومحدد. فلو قلنا لأي إنسان مميز وعال العال كيف حالك ؟ تتعدد الإجابات من "كويس" وهذا الشخص مبتدئ لم يتقن الدرس جيداً الى "الحمد لله." أو "ماشي الحال" وبعضهم يجيب "زي الفل نشكر الله" وكما أن السائل لا يعني تماماً ما يقوله .. فإن المجيب كذلك لديه إجابه جاهزة معده سلفاً ... إنه نوع من التعود أو الإعتياد أن نتبادل بعض المقدمات في الحديث لكننا لا نعنى أو نهتم تحديداً بالإجابه، فما لك لا يهم السائل كثيراً أو قليلاً .. هذه حقيقة للأسف الشديد .. ومن ثم فإن كان حالك "زي الفل" أو "زي الخل" فالموضوع لا يعني السائل .. إنما هي مقدمه لاستمرار الحديث أو التواصل في أشياء أخرى مثل الحقائق الروحيه الأربعه مثلاً وبلغة التفاعلات الكيميائية فهذا السؤال هو المحفز أو المنشط لبدء التفاعل.
وكاتبنا الكبير الأستاذ "أنيس منصور" الحائز على أكبر وأهم الجوائز في أدب الرحلات وعندما زار الأديب الكبير الأستاذ "توفيق الحكيم" في المستشفى خلال فترات مرضه كان الأطباء يعلقون له المحاليل في ذراعه وهو راقد على السرير .. ربت "أنيس منصور" على كتف عمنا "توفيق الحكيم" قائلاً له : "إني أراك اليوم أفضل من أي يوم مضى .. زي الفل نشكر الله." وبادره "الحكيم" ساخراً : "ويا ترى الفل بتاعك يا "أنيس" زي الفل بتاع الجماعه الدكاتره طول النهار يلتفون حولي ليؤكدون لأنفسهم قبل أن ينتقل هذا الإحساس لي بأنني زي الفل" والمعنى هنا واضح من أن مجاملة الأطباء ترفع الروح المعنويه للمريض في حياتنا اليوميه كلاماً كثيراً نتناوله من باب المجامله أو التشجيع أو الحاجه لكنه لا يفيد ولا يضر وقديماً قالوا : "أن الصراحه راحه" ومكتوب أيضاً : "لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ. أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَبًا مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ، وَثِيَابًا بِيضًا لِكَيْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْل لِكَيْ تُبْصِرَ. إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُورًا وَتُبْ. هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي. مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ. مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ." (رؤيا يوحنا اللاهوتي 3: 17- 22)
ولكن أحداً لم يتفق على مفهوم محدد لمعنى الراحه أو لمن ستكون الراحه فهناك كلمات وآراء قالها أصحابها وارتاحوا .. واراحوا وانتقلوا الى الرفيق الأعلى وصاروا في عداد الشهداء، إن المقابر الجماعيه في العديد من بقاع الدنيا تشير الى ذلك، وعلى العكس من هذه الصراحه الزائدة نمت وترعرعت نماذج من المجاملات (أنا أسميها مجاملات) التي ليس لها معنى واحتلت مراكز متقدمه في السلم الإجتماعي ونحن نأمل بأن يكون هناك نوع من التعادلية لتقاوم هذه الابتلاعيه في الفكر والسلوك الحزبي (أنا أسميه حزبي) يختص به جماعه معينه بمعنى أنه بين الفل والخل هناك مساحه من الحرية والرأي والرأي الآخر ومبدأ قبول الآخر والحوار معه فنحن مقبلون على فترات صعبه (أيوه صعبه) تتطلب أن يكون الشخص واثقاً من نفسه وسعيداً بمن حوله أمناً على يومه .. ربما يكون ساخطاً على ماضيه (مثلي تماماً) لكنه بالضرورة يأمل في غد مشرق أفضل من الأمس تسطع شمسه ناصعه ويكون الجو العام أبيضاً "زي الفل." وكل عام والأردن بخير.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-05-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |