حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,13 مارس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 44459

ليلى طرابلسي: أفراد عائلة بن علي أحاطوا بيتي بالجواسيس

ليلى طرابلسي: أفراد عائلة بن علي أحاطوا بيتي بالجواسيس

ليلى طرابلسي: أفراد عائلة بن علي أحاطوا بيتي بالجواسيس

03-08-2012 06:15 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - لأول مرة منذ سقوط نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، تتحدث السيدة التونسية الأولى سابقاً ليلى طرابلسي، عن أيام الثورة التي غيرت مجرى التاريخ في تونس الخضراء.
تعود ليلى بن علي في كتابها "حقيقتي"، الذي صدر قبل أيام في العاصمة الفرنسية باريس، بالتفصيل إلى تاريخ 14 كانون الثاني (يناير) 2011، ذلك اليوم الذي شهد انهيار النظام التونسي ومغادرة عائلتها برفقة الرئيس إلى المملكة العربية السعودية.
ترصد ليلى بن علي من وجهة نظرها ساعة بساعة، ولحظة بلحظة الطريقة التي أُجبرت فيها على مغادرة بيتها في سيدي بوسعيد، ومن ثم تونس انطلاقاً من مطار العوينة العسكري وليس مطار قرطاج، مثلما أكد لها مدير الأمن الرئاسي علي السرياطي، إلى غاية التوقيفات التي طالت أفراد عائلتها، ومقربين منها.
وترد ليلى بن علي في هذا الكتاب أيضاً، على كل ما وصفته بادعاءات كاذبة وافتراءات غير مؤسسة نالت منها ومن أولادها، وهي التي وصفت بالمرأة المتكالبة على المال والسلطة.
وإن كانت زوجة الرئيس التونسي السابق، تعترف باستفادة أفراد عائلتها من الطرابلسية بتواطؤ من مؤسسات الدولة من خيرات تونس، إلا أنها تحدثت عن الكثير من التفاصيل في ما يخص اتهام قريبها بسرقة يخت في فرنسا، إلى ما سمته اللعبة المزدوجة التي لعبتها بعض الوجوه السياسية التونسية والدولية وعلى الخصوص الاستخبارات الفرنسية في الإطاحة بزوجها.
تفاصيل عدة تحاول من خلالها ليلى بن علي، دحض ما نشر وكتب عنها في هذا الكتاب، الذي نشرت ترجمة حلقات منه صحيفة القبس الكويتية وتنشره "الغد" بالاتفاق مع الزميلة القبس، وقد تمت صياغته انطلاقاً من مقابلات أجريت معها، لكنه في الواقع كتاب لا يمكن أن يرقى إلى مرتبة الوثيقة التاريخية التي يستأنس بها الباحث لمعرفة حقيقة ما جرى، فليلى بن علي، على عادة كل المُطاح بهم، تتحدث عن مؤامرة محبوكة في كتاب لا يملك بالتأكيد كل مفاتيح الحقيقة، لكنه يعبّر عن روايتها وعن الحقيقة كما تراها وتقول إنها عايشتها.

ترجمة وإعداد سليمة لبال
أتذكر جيدا أول لقاء جمعني ببن علي، الذي أصبح زوجي لاحقا، كان ذلك على طريق الصخرة في تونس، ذات يوم من أيام شهر فبراير من عام 1984 كنت أقود سيارتي، وفجأة تجاوزتني سيارة تابعة للشرطة وأجبرتني على التوقف، على حافة الطريق.
نزل من السيارة رجل طويل وشعره أسود كالفحم، ثم طلب مني وبهدوء وثائقي، وقال لي "هل تعرفين لم أوقفتك؟"، فأجبته "نعم لأني كنت مسرعة"، تبادلنا النظرات ويبدو أن هذه النظرات هي ما رسم قدرنا مع بعض، لأني شعرت فجأة بأن أمرا ما حصل يتجاوز الظروف، إنه ببساطة "المكتوب أو القدر".
تركني الرجل وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة قائلا "أنا مجبر على الاحتفاظ برخصة القيادة، تعالي لأخذها حين تستطيعين ذلك".ذهبت لاسترجاع رخصة القيادة بالطبع، وتبادلت مع هذا الرجل رقم الهاتف بصفة عادية.
في الواقع لم أكن اعرف هوية هذا الرجل الذي يعمل في وزارة الداخلية، لكني سمعت من أحد أقاربي بأنه يعتلي منصب المدير العام للأمن الوطني، وأنه معروف بانضباطه وحدته.
بالنسبة لي كان هذا الشخص، الرجل الذي كنت أنتظر، لقد كان يبدو لي مختلفا تماما عن الآخرين، كان يتميز بالرجولة والرقة.. فقلت إنه الرجل الذي قد تفاجئني الحياة به.
العناية الإلهية
مرت شهور دون أن نلتقي مجددا، لكن العناية الإلهية جمعتنا، وتمكنت من رؤيته مرة أخرى، لكني في هذه المرة، سقطت في حبه، دون أن أفكر حقيقة في البحث عن مكان في قلبه وحياته، بينما هو كان يحرص على القول، بأن علاقتنا ليست على كل حال علاقة عابرة "أنا جدّي، ولست من النوع الذي يتسلّى".
كان متزوجا وأبا لثلاث بنات، وكان يقول لي بأنه لم يعرف الحب أبدا وأنه عزم على عدم الاستمرار مع زوجته، وتطليقها للزواج من أخرى، حتى وإن لم يكن قد التقاني من قبل.. كان يقسم "لقد أراد القدر أن تكوني أنت، وهذا أفضل بكثير".
لقاءات سرية
اعتدنا على لقاء بعضنا في سرّية لدى الأصدقاء، وكنت في ذلك الوقت أتردد على قاعة رياضة، تقع في شارع محمد الخامس مع صديقة طفولتي سميرة، وكان هو يأتي لاصطحابي عند خروجي.
كنت أعشق الرياضة وكل أنواعها من الإيروبيك إلى التنس، مرورا بالكرة الطائرة التي كنت ألعبها أيام الثانوية، بالإضافة إلى كرة اليد والجمباز الذي كنت أمارسه حين كنت شابة، في قاعة تقع في حي باردو.
قدّمتُ بن علي إلى عائلتي. كان ذلك في فصل الصيف وكنا نؤجر بيتا على البحر، تحدثت إلى أمي عنه، وقلت لها بأنه بصدد إنهاء أوراق الطلاق، وقد جاء بضع مرات عندنا، لتناول الغداء معنا.
كنا نخرج مع بعض، وكان غالبا ما يكلمني في الهاتف، لقد كان هو من يوقظني كل صباح.
كان بن علي آنذاك ما يزال مع زوجته، لكنه كان يفكر في عدم استكمال إجراءات الطلاق حتى تتزوج ابنتاه الكبرى والصغرى.
لقد شعرت بالاطمئنان كثيرا، لاهتمام هذا الرجل بعائلته، انه أب مسؤول وحنون، يحب أطفاله ويعتني كثيرا بمشاعرهم، لذلك لا يمكن أن يكون رجلا سيئا أبدا.
كان يروي لي كيف كان يهتم ببناته، فهو من كان يشرف عليهن أثناء الاستحمام، ومن يُسرّح شعرهن، ومن يرافقهن إلى المدرسة أيضا، وقد سنحت لي الفرصة للتأكد من ذلك فيما بعد، حيث كن يتصلن به هاتفيا باستمرار... هذا القلب المعطاء هو ما أسرني، فرغم أن الرجل يبدو محافظا وحادا إلا انه إنساني وخدوم ومسؤول أيضا.
كان بن علي يحترم زوجته الأولى لكنه كان كل مرة يؤكد لي بأن الأمر يتعلق بزواج مرتب وليس علاقة حب، في ذلك الوقت أي فترة ما قبل الزواج، كان بن علي قد تخرج للتو من أكاديمية سانت سير الفرنسية.. كان شابا، جميلا وطموحا، لذلك لم يجد الجنرال كيفي أفضل منه للارتباط بابنته نعيمة، وقد تم الاحتفال بهذا الزواج في عام 1961.
فترة الصبر
في عام 1980، عين بن علي سفيرا لتونس لدى بولندا، فانتقل إلى هناك برفقة زوجته وأولاده. وكانت وسيلة زوجة الحبيب بورقيبة وراء هذا القرار.
كانت وسيلة قد كلّفت بن علي، وكان حينها مديرا للأمن، بالتحقق من أن وزير التجهيز محمد سايح، لا يملك ميليشيا، مثلما نُقل لها، وقد اكتشف بن علي صحة هذه المعلومات، لكنه رفض خيانة الوزير، فردت السيدة الأولى بإبعاده.
غير أن بورقيبة أرجعه إلى البلاد بعد بضع سنوات، في أعقاب "تظاهرات الخبز" التي بدأت تهدد أمن تونس واستقرارها.
في تلك الفترة، كنا نلتقي باستمرار، وكنا نتحدث كثيرا عبر الهاتف كما كنت أتحدث إلى صديقتي سميرة عنه، كنت أحكي لها عن المشاعر والعراقيل والسعادة، كما أخبرتها بأن بن علي لا يريد أن يفاجئ زوجته وأولاده بطلب الطلاق.
وعلاوة على مسؤوليته العائلية، كان بن علي مكلفا أيضا بأمن البلاد، لذلك لم يكن لديه الوقت الكافي لتسوية العالق من الأمور في حياته الخاصة.. فقررت الصبر.
حين أصبحت السيدة بن علي
كان على بن علي أن ينتظر ثلاث سنوات حتى ينفصل عن زوجته، بعد أن أعاد تزويج ابنته الثانية، في تلك الفترة كنت قد قدمته إلى أفراد عائلتي الكبيرة، وكنا ندرك في تلك المرحلة بأن لا أحد ضد علاقتنا، لكن أخي الكبير عادل كان الاستثناء، حيث قال إنه من غير المناسب أن تتزوج أخته من رجل متزوج، لكن اعتراض عدد من أفراد عائلتي لم يستمر طويلا ولم يبلغ درجة حدة اعتراض عائلة بن علي.
في الواقع كان زواجنا كارثة بالنسبة لأفراد عائلة بن علي، الذين لجأوا إلى كل الوسائل من أجل التفريق بيننا. ولوضع حد لهذه الحالة، قرر بن علي الطلاق والارتباط بي، حيث أصبحت عائلته منذ ذلك الحين، تعرف بأن امرأة أخرى في حياته.
وبتعليمات من محيط بن علي وعلى الخصوص صديقه كمال لطيف، بات الجواسيس يحيطون بمقر بيتي، كانوا يراقبونني أربعا وعشرين ساعة، وكانوا يسجلون أي حركة لي، وكان يكفي أن أخرج إلى الشرفة، حتى يركضوا إلى بن علي لإخباره بأني أتطلع إلى الرجال. في يوم من الأيام كانت سيارة أخي متوقفة أمام البيت، فقالوا له بأن لها عشيقا وكان بن علي أحيانا يبادر إلى إخباري بما يحصل معي خلال اليوم "إذا قضيت يومك في الشرفة، كنت ترتدين روب دي شامبر اخضر اللون" أو "كنت على شاطئ البحر ترتدين برمودا وكانت ساقاك مكشوفتين".
وبسبب هذه التلميحات، كان زوجي لا يكلمني لبضعة أيام.
كان وزير الداخلية حبيب عمار الشخص الوحيد، الذي يدافع عني، وقد تعاطف معي منذ اليوم الذي رآني فيه وكنت حاملا، حيث أصبح منذ ذلك الحين يسأل عن ابنتي نسرين.
هذا التصرف كلّفه معاداة الطرف الثاني له، هذا الطرف الثاني أي أفراد عائلة بن علي الذين لم يتوقفوا عن تهديد حياته والحيلولة دون شغله المناصب العليا التي يستحق.
فضل الصلاة
كان ذلك مسلسلا حقيقيا، تهدف كل حلقة منه إلى زرع الخلافات، بيني وبين بن علي. كانوا يقولون بأن أحد إخوتي دهس أحد المشاة بسيارته وتباهى بذلك، وأن أختي أزعجت الجيران عند الفجر بصوت "دربُكّتها" أي طبلها، وأن ابن شقيقي سجل في دروس التنس دون أن يدفع الاشتراك.. كل هذه المزاعم سيقت ضدي، حتى يدفعوا بن علي إلى التخلي عني.
لا شيء كان يدفعني إلى الصبر والمقاومة سوى الصلاة، التي بدأت الالتزام بها في مرحلة الشباب وكنت أحرص على أن يتضمن منزلاي في سوسة وسيدي بوسعيد على قاعة مخصصة للصلاة. بعد ذلك خضعت للمساومة، وقد قالوا على لساني بأني قبلت التخلي عن بن علي شريطة الاستفادة من مبالغ مالية كبيرة، ومن وظائف وأملاك عقارية.
ولقد وصلت سفاهة كمال لطيف إلى درجة أنه اقترح على زوجي السابق إرجاعي، مقابل أراض فلاحية ومبالغ مالية معتبرة، كما اقترح على بن علي أيضا حرماني من ابنتي.
كنت مستعدة لأنتزع منهم أعينهم، على أن يحرموني من ابنتي نسرين، وقد حاولوا إيقاعي في الفخ عن طريق الهاتف، واستمروا في ذلك، لكنهم لم يجدوا أبدا ما يسيء إلي، على مستوى سلوكياتي وإلا لنشروا كل شيء في الساعة التالية.
كنت أعرف بأن حياتي مهددة، مثل ذلك اليوم الذي كنت أستعد فيه للخروج من عيادة ماجنتا بالقرب من ساحة باستور. كنت أحمل ابنتي، حين رأيت سيارة تتبعني، وقد أسرع قائدها بنية دهسي، قبل أن يتوقف على بعد بضعة سنتمترات عني.
هذا الرجل سيعرف نفسه بالتأكيد حين يقرأ هذه الأسطر، لكن رغم كل شيء أسامحه اليوم.. لقد ركضت لأوقف سيارة أجرة، وبقيت أجوب الشوارع لساعات دون أن أعرف كيف أتعامل مع الوضع أو أين أذهب. منذ ذلك اليوم سكن الخوف قلبي وأصبحت غير قادرة على التخلص من الشعور بأني مطاردة، وحين كنت أخبر بن علي، لم يكن يصدق، ذلك أنه لم يكن يتصور بأن كراهية أفراد عائلته لي تدفعهم إلى فعل كل هذا لإبعادي عن هذا الرجل، هذا الرجل الذي أصبح في السابع من نوفمبر 1987 رئيسا للدولة.
السابع من نوفمبر
لم يخف بن علي أبدا، أنه هو من دبّر وخطّط للسابع من نوفمبر، لقد كان يعتقد بأن بورقيبة أُصيب بالخرف، وأن البلاد تواجه خطر الغرق في الفوضى، إن لم يتم فعل أي شيء لإنقاذها..
كانت المجموعة التي حضّرت الانقلاب على الرئيس الأول لتونس المستقلة، تتكون من 35 شخصا وقد كان همّهم الأول، هو ألاّ تسيل قطرة دم واحدة، في تلك الفترة.
لم يتسرب أي شيء عن العملية، ولم أكن أنا استثناء، لأني سمعت بها مثل بقية التونسيين في الوقت ذاته.. لقد رن هاتف بيتي في الساعة السادسة صباحا، وكانت صديقتي المتصلة.. كانت تصرخ "افتحي الراديو، افتحي الراديو".
أدرت زر الراديو، وسمعت صوت بن علي وهو يعلن السيطرة على السلطة والتزامه أمام تونس والشعب. تدفق كل أفراد العائلة، عائلة الرئيس وعائلتي على بيتي للتهنئة، فيما اختبأت وراء السلالم وبدأت في البكاء.
بدت لي المسؤولية كبيرة ولم أكن مستعدة لمثل هذا القدر.
وللتاريخ أذكر بأن بن علي كان معجبا ببورقيبة ويحترمه وأعتقد أن الشعور بالندم لا يفارقه لأنه أزاحه عن السلطة، رغم أن الظروف كانت تقتضي ذلك. إنه يعترف بقامة الرجل الذي حرّر البلد وبنى قواعد تونس المستقلة.
وحتى بعد أن أزاحه، عن السلطة كان بن علي يعوده بانتظام، حاملا إليه اليوغورت المصنوع في فرنسا، وكان يحبه، والملابس الداخلية المصنوعة في سويسرا والتي كان لا يستغني عنها أبدا.
وقد حرص بن علي على أن تحمل الزوجة السابقة لبورقيبة، وإن كانت مطلقة، جواز سفر دبلوماسيا، وحين جاءه البعض، وقالوا له إن عائلة السيدة الأولى سابقا، عائلة بن عمار سلبوا العديد من الأراضي، رد بن علي "لقد طويت صفحة المرحلة الماضية، ما أعتدُّ به هو ما سيحصل من الآن فصاعدا، كل من ارتكب جريمة بعد السابع من نوفمبر، عرضة للمحاكمة، لكني لن انتقم من الذين حكموا قبلي".
في الواقع لا أحد من أعضاء عائلة المرحوم بورقيبة ولا أصهاره، شعروا بالخوف على حريتهم، ولا انتهكت او سلبت بيوتهم ولا حساباتهم ولا أملاكم في الخارج ولا مؤسساتهم المالية المهمة.








طباعة
  • المشاهدات: 44459
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
03-08-2012 06:15 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم